شادي حاجي
هنا لست بصدد كتابة مقالة أو بوست فيسبوكي عادي إنما لأوضح أمراً مهماً للسياسي الحزبي وأخص بالذكر الانسان الحزبي الكردي في سوريا أن المثقف معني بالسياسة بمفهومها الواسع وهذه مسألة لا خلاف فيها بل هي حتمية ومتجلية حتى وإن أنكرها الانسان الحزبي الذي يسعى كردياً في سوريا دومًا إلى محاولة تهميش المثقف واقصائه بل وتهديده أحياناً حتى تتم الحاجة إليه ليكون من أدواته السياسية ورهن إشارته في توجيه الرأي العام وقت الذي يريد ولهذا يتم محاصرة المثقف في قالب معين لا يُعنى إلّا بالإبداع ولكن غاب عن هؤلاء أن الثقافة تلج رغمًا عن الجميع في السياسة كما تلج السياسة في الثقافة وإنه لمن الجهل القول للمثقف بأنك غير معني بموضوع النقد والسياسة والممارسات السياسية والقائل بهذا لا يعرف دوره ولا قيمته ولا قيمة الثقافة فخلع لقب السياسي المثقف عنه أولى وأجدى لسبب بسيط وهو أن إنتقاد الأحزاب السياسية و فقدان الثقة بها له جذور عميقة في التاريخ وفي الثقافات المختلفة .
ففي الثقافة الاسلامية إن صح التعبير يقول الشيخ بديع الزمان النورسي : “أعوذ بالله من الشيطان ومن السياسة” أما في المراجع الألمانية القديمة نجد تعابير مثل : ” السياسة تجارة قذرة” أو “موسيقا خشنة” وفي التراث البريطاني يتم تعريف السياسي على أنه “محتال يحميه القانون” وكثيراً ما يتم وصف الأحزاب في الأدبيات والثقافة العربية على أنها وكالات لأشخاص قلائل يلهثون وراء مصالح ضيقة تضر الصالح العام .
والتجارب العربية مع حزب البعث في سوريا والعراق والناصرية في مصر زادت من سلبية وقتامة الإنطباع السلبي عن الأحزاب أما في أوروبا الحالية فإن الصورة السلبية عن الأحزاب مردها بشكل أساسي للتطور المعرفي الذي عمل على تحويل العمل الحزبي إلى عمل إختصاصي منفصل على الجمهور ويعمل على حماية مصالح النخبة بالدرجة الأولى. وأن التجربة السياسية الكردية في سوريا ليست بمنأى عن الإنتقاد وهنا وعلى ضوء ما سبق ذكره من مفاهيم أعتقد أن الأستاذ عنايت ديكو نجح وبفضل ذكائه في تمرير ما يريد من رسائل للوسط السياسي والثقافي الكردي في سوريا بالشكل وبالطريقة والأسلوب الذي أختاره مادام ضمن أصول النقد والأسلوب المتعارف عليه في الدول أصحاب الديمقراطيات الراسخة بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع ما يطرحه والأسلوب الذي يتبعه من خلال التقنيات التكنولوجية اللالكترونية الحديثة المتاحة وسرعة التواصل والاتصال التي من الصعب حجبها عن المثقفين الأحرار لاشك أن الأستاذ عنايت ديكو يعرف دوره كمثقف واعلامي وفنان ويعرف الغاية ويعرف نهايتها ( كالذي حصل بينه وبين أحد أعضاء القيادة في الحزب الذي يتزعمه السيد محي الدين شيخ آلي نموذجاً ) علماً أنه سبق وأن تعرض وبشكل أكثر شدة وحدة من قبل أحزاب أخرى الى الهجوم والتهديد وعاش في رعب حقيقي لكنه أصر على اتمام مهمته الثقافية التنويرية التي نتضامن معه في تنفيذه لهذه المهمة النبيلة نظراً لأهميتها في المجتمع الكردي في سوريا وخاصة على الصعيد السياسي الحزبي بغاية الاصلاح والتغيير والتطوير والبناء وليس أي شيء آخر لهذا لسان حاله وحال الكثير من المثقفين الكرد في سوريا الأحرار قال: « إذا انتقدتَ وأدليتَ برأيك الحر تجاه هذا الحزب أو ذاك الحزب تتعرض الى هجوم أو قد تموت وإذا سكتَ وبقيتَ صامتاً أيضاً تتعرض الى هجوم أو تعتبر بحكم الميت إذن انتقد وتكلّم وادلي برأيك الحر وتعرض الى الهجوم أو مت ».
طالما لابد من الهجوم والموت فتعرض لهجوم ومت وكرامتك محفوظة بدلًا من بيعها لمن يستخدمك لتدافع عنه كلما دقت طبول الحرب ضد شخص أو حزب وحتى سلوك .
ألمانيا في 3/4/2020