السياسي الكردي وضرورة المراجعة الصادقة..! .. مقال د. محمد رشيد في ولاتي مه أنموذجاً

إبراهيم اليوسف
 
قرأت باهتمام المقال الذي كتبه الأكاديمي الكردي د. محمد رشيد في موقع “ولاتي مه” بعنوان”  التحالف مع عبد الحليم خدام وتشكيل جبهة الخلاص الوطني”، حيث أعاد فيه  تقويم علاقته بجبهة الخلاص التي انضم إليها الراحل عبدالحليم خدام رئيس الجمهورية “المؤقت” إلى حين-  أو نائب رئيس الجمهورية- رحمه الله، أو كان نواتها، لا أدري؟ كاتباً بمسؤولية رأيه في شخص الراحل الذي كتبت بمناسبة الهجوم عليه، من قبل أزلام النظام، وأنا في الوطن، ضد آلة النظام الدكتاتوري- وتعرضت بسبب ذلك للتحقيق، إذ قلت في أحد مقالاتي فيه: إن من يشتمونه في مجلس الشعب ومنهم ممثلو الجبهة الوطنية التقدمية” بأن هؤلاء مجرد ببغاوات وسيمدحونه غداً إن طلب منهم العكس، وأن رأس النظام نفسه فاسد، وهو كلام ما كان يتجرأ كثيرون في الخارج قوله.
المهم في ما قاله  د. محمد، وهو لم يكن إلا ممثل حزبه” الاتحاد الشعبي”، ذي الحضور اللافت، في مرحلتي الثمانينيات والتسعينيات، كما بين في مقاله/ منشوره- وأنا لست بصدد تقويمه أي الحزب- لكنه كان جريئاً، من جهة  استفزاز النظام الدكتاتوري، والاشتراك في المطالبة بالإطاحة به، ولست بصدد تبعات ذلك، فهو متروك للمعنيين من داخل التجربة: قيادة ومثقفين، بل  هو أمر خارج نطاق هذه الوقفة، ولعل أكثر ما لفت نظري في هذا المقال/ المنشور قول د. محمد ما معناه أن ضغط الشارع. عتاب الأصدقاء، من حوله كان وراء وضعه الحد لموقفه من المرحوم خدام الذي ظل-على الصعيد الشخصي –يتصل به، وإن كان لي رأي مدون، بعد سفري للخارج من اللقاء به، أو برفعت الأسد، ومن قبل أحد عرابي الأخير ممن تحولوا، للاستفادة من الثورة السورية، من خلال لعب دور تهريجي!
لم أكتب يوماً عن جبهة الخلاص، ولم أكن من معاتبي د. محمد، في لقاءاتنا القليلة في عدد من المؤتمرات، إلا أنني كنت أنتظر منه إبداء رأيه في تلك المرحلة، ولا أخفي أن الحراك المعارض الذي تم!َ في الخارج كان جد مهم، بغض النظر، عن تقويم التحالفات، فهي-أي التحالفات- أمر خاص بمن انخرطوا فيها، ولديهم ما يقولونه بشأنها، لاسيما إنه بعد الثورة السورية صارت لدى جميعنا أمثلة يمكن الاحتكام إليها، في ما يتعلق بالحكم على هكذا تحالفات. كل من خلال تجربته، واستنتاجاته.
 
حقيقة ، وكما أكد د. محمد لقد تقبل كثيرون شخصيات من صلب النظام السوري، قفزت إلى مركبة الثورة،  وكانت جد مسيئة للسوريين، و للكرد، ولعل الأخوان المسلمين هم من فتحوا لهم المجال في- المجلس الوطني السوري- الذي كنت ود. محمد رشيد من أعضائه وتركته في أكتوبر2012، وكتبت عن  حيثيات ذلك في كتاب لي لايزال مخطوطاً،  إذ تم تفريغ المجلس من محتواه بسبب تواطؤات كثيرة: محورها الأخوان/ تركيا- إعلان دمشق، وكان ثمة شرط- كما يبدو- بعدم ضم بعض الأسماء ومنها المرحوم خدام، لأسباب معروفة، بالرغم من أن هناك من لما يزل يسيل لعابه على المجلس المذكور، ويثأر، لأجله، إلا أنه أفرغ  من محتواه، ولم يعد ذلك الإعلان الكبير الذي استقطب شخصيات شجاعة، وأخرى مقامرة، نهازة، لا يمكن إدراجها تحت حكم واحد، إلا من قبل من يكون مريضاً، متهوراً، ينطلق من روح عدوانية.
وإذا كانت مراجعة د. محمد، وهو الأكاديمي، بخصوص شخص عبدالحليم خدام قد نالت إعجابي، بما لها وعليها، لأنه كتب بصراحة كبرى، فلكم أود لوأن سياسيينا، عامة – وكل من موقعه وحزبه- يكتبون بالصراحة نفسها، من أجل فتح- الصندوق الأسود- لقضايا كثيرة تمت، على امتداد عقود، على أمل أن يتم نقد الذات، وقول كل شيء، بمنتهى الصراحة، لا أن الكتابة- التبريرية- وشيطنة الآخر، وتخوينه، لاسيما إن ذلك يفتح الباب على مثل هذا الأنموذج الذي يقاسم الآخر، في مثل عيوبه، بل فضائحه، التي يسجلها “هو” عليه.
 
ثمة أمر معياري لدي، وهو أنني تابعت أكثر من لقاء مع الراحل خدام، ويهمني-كمتابع- أن أعرف موقفه النهائي المعلن من القضية الكردية في سوريا، وهومهم بالنسبة للقارئين: السوري والكردي في آن واحد، وإن كان ما قام به عبدالحليم خدام في الخارج، من تحريك للأجواء يسجل له، لطالما بات يسجل لكل الذين ظهروا كالفطر، بعيد الثورة السورية- على أنهم” تطهروا” في فضائها، وأشار أ. صلاح بدر الدين، في مقال له ” بعنوان ” إشكاليات” المعارضين السوريين الوافدين…عبدالحليم خدام مثالاً”، نشره موقع “ولاتي مه” نفسه إلى بعض هؤلاء النماذج، المهرجة، المنافقة، وإن كان لا يمكننا التعميم، فلربما من كان يعيش في داخله حالة تمزق، وانفصام، إلا أنه لم يستطع فتح فيه قبل ثورة السوريين، إذ إن الموضوع يتطلب دراسات متأنية، في هذا المجال، إلا أن انتماء هؤلاء إلى جسد المعارضة، شوهها، وكان وراء ولادات أقزام، بائسين، سرقوا أخضر الثورة ويابسها، من أجل خلاصهم الفردي، ونحن أحوج إلى فضح هؤلاء اللصوص، وإن كانت لدينا أسماء أبعاضهم ممن يقدمون أنفسهم كأطهار!
أجل، نحن بحاجة إلى مراجعات سياسية صادقة، لاسيما من قبل هؤلاء الذين لا يكتبون تحت وطأة ثقافة تخوين المختلف، الوبائية، ووفق بارومتر الولاء والمزاج والمصالح، والاستزلام، لأن ستين سنة ونيف من عمر الحركة الكردية في كردستان سوريا، بحاجة إلى مكتبة من الدراسات، والبحوث، تلتقي في إنجازها جهود: السياسي والأكاديمي والمتابع، في آن واحد، ولقد لمست لدى بعض أكاديميينا، وسياسيينا، ذلك، والأمر يحتاج إلى مزيد من الحفر، والعمل، والتعاون، وسأحاول الكتابة-لاحقاً- عن بعض ذلك.
تحية لأخي العزيز د. محمد رشيد وبانتظار جميعنا كي يكتب مالديه
إنها دعوة لجميعنا..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…