كورونا وكبار السن في أوروبا

خالد بهلوي
من حق كبار السن ان يضمن لهم حياة اجتماعية رفيعة تليق بهم وبمكانتهم بعد ان قضوا طفولتهم وشبابهم وحياتهم في بناء الاسرة وخدمة المجتمع ضمن الإمكانات التي اتيحت لهم فمن الطبيعي ان ينالوا الراحة والهدوء والرعاية الصحية وتامين كافة احتياجاتهم الشخصية بأمان ويسر في مراحل أعمارهم الأخيرة.
وهذا يتطلب من افراد الاسرة أولا: ومن المنظمات ومؤسسات الرعاية الصحية ثانيا ان توفر لهذه الشريحة العيش الرغيد في وسط بيئتهم او مكان ولادتهم وان يستمر الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم السابقة في الحياة كونهم يتمتعون بالحكمة والمعرفة والخبرة، التي يمكن أن ينقلوها للأجيال القادمة. كما أن وجودهم وسط العائلة يزيد من الترابط الأسري، ويساعد في تربية الأطفال والشباب وترسيخ القيم الأخلاقية والثقافية في نفوسهم.
في اوروبا النظام الاجتماعي يوفر لكبار السن دار للعجزة بحيث يتوفر فيها كل سبل الرعاية والراحة النفسية والترفيهية مما يشعرهم بإنسانيتهم ويوفر لهم الأمان والطمأنينة وعدم الخوف مما تبقى من أعمارهم.
ومن يسكن وحيدا ويعجز عن خدمة نفسه تأمن له موظف يزوره مرتين أسبوعيا لتامين طلباته ومساعدته في تامين حاجياته او عند زيارة الطبيب ويتوفر هذه الميزة أيضا للأجانب حيث يتوفر لهم مساعد كمترجم ومرشد لمتابعة طلباتهم وترجمة بريدهم ومراسلاتهم وعند زيارتهم للمواقع الرسمية او للطبيب. 
امام هجمة فيروس كورونا واستهدافها بشكل غير مباشر كبار السن أكثر من باقي الاعمار لان مقاومتهم ومناعتهم للأمراض ضعيفة بعد ان استهلكوا كل قوتهم وعزمهم في بناء منزل    وتربية اسرة وخدمة المجتمع
 . بعد هجمة كورنا بدا التفكير السلبي تجاههم في بعض الدول الأوروبية ولو انها   لم تطفوا على السطح   حيث يعتقد الكثير من النظرة الاقتصادية البحتة الخالية من الشعور الإنساني ان كورونا جاءت فرصة للتخلص من كبار السن وتخفيف المسؤوليات التي كانت تقع على عاتق نظام الرعاية الصحية ويشاطرهم الرأي بعض الشباب ان فيروس كورونا سيخلصهم من العجزة وأتت فرصة لهم بأحقية استلام المنازل التي يشغلها كبار السن. 
ويدافعون عن موقفهم بان كبار السن لم يعدو منتجين وان الكثير منهم أصبح عالة على المجتمع لأنهم أصبحوا مستهلكين ويشغل كل واحد منهم منزل ويشغلون مقاعد في المشافي لأصابتهم بكثير من الامراض. 
وتأتي هذه الثقافة وهذه النظرة السوداوية لكبار السن على ثقافة الانانية والفردية لدى البعض من الشباب هذه الثقافة أدت الى تفكك الاسرة   وفقدان العطف والرعاية للوالدين حيث ينعزل الشاب او الفتاة بعد سن الثامنة عشر عن والديه ويبني حياته الخاصة ومستقبله حسب قناعته معتقدا ان التحرر من قيود الاسرة يفتح له هامش التنقل والحرية والسهر مع الجنس الاخر فيتعلم التدخين والسهر في الكازينوهات ويعتبرها سعادة لا يمكن تحقيقها ضمن قيود ومراقبة الوالدين.
 فلن تتفاجأ ان أحد الوالدين يدخل المشفى ولا يزوره أحد ولا يسال عنه أي من الأولاد بحجة انشغالهم ومسؤولياتهم   حتى إذا توفى أحد الوالدين يمر البنت او الولد كاي صديق وينسى بسرعة ويتفرغ لحياته معتقدا ان سعادته وحياته اهم من قضاء وقته في خدمة الوالدين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…