الإنتهازية والنفاق السياسي

محمود برو
 
في مجتمعنا الحالي الذي يسود فيه شريعة الغاب ومبدأ ( هوبز) ,الجميع ضد الجميع,  نرى بان المصلحة الشخصية اصبحت  عاملا جوهريا في حركة البشر وعلاقاتهم فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين من بيدهم زمام الأمور  من جهة أخرى لتحقيق مصالح خاصة وليست عامة. هؤلاء هم شريحة تتفوق لديهم مصالحهم الشخصية والأنانية وحب الذات على القيم الأخلاقية , الذين اصبحو يشكلون مرضا اجتماعيا وسياسيا خطيرا على المجتمع برمته
إنهم الإنتهازيون الذين حولوا بمكرهم وجشعهم الذي لا يتوقف، المجتمع وهيئاته إلى مصدر نفعي مصلحي. ذلك يؤدي الى ان الناس تفقد القدرة على التمييز بين الحقيقة والأصيل، والزيف والخداع والادعاء، و تمييع المعايير وتغييب الضوابط  وبالتالي انزلاق المجتمع الى قاع لا إخلاقي .
في المصطلح السياسي، الانتهازية هي السلوك الواعي الأناني الذي يهدف الى تحقيق المصالح، وعدم الإلتفات إلى المبادئ والعواقب التي ستعود على الآخر.
اما النفاق السياسي فتكمن في السياسيين  الذين آرائهم و مواقفهم ضمن الاجتماعات الرسمية مخالفة تماماً لما يطرحونه في الشارع وبين بعضهم.
لذلك فان الانتهازيين يستخدمون جميع الطرق والوسائل اللاشرعية واللاإخلاقية واللاانسانية لتحقيق غايتهم ومنفعتهم الخاصة ويديرون ظهرهم الى آلام عامة الناس من حولهم ودون رحمة او شفقة.
بدأت هذه الظاهرة جليا في الحركة التحررية الكردية في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا 
تلك الشريحة الانتهازية والتي تتحلى بالنفاق السياسي والمتحكمة بزمام الامور لايهمها شئ سوى مصلحة عائلاتهم  والمطبلين لهم.
العديد من عائلات الشهداء جالسين في بيوتهم ينتظرون رحمة الله , او يسكنون بالاجار ويحتارون دفع اجارهم, البعض يموتون في بيوتهم بسبب عدم امتلاكهم اجرة معاينة الطبيب لهم, العديد من الجرحى الذين قاوموا الإرهابيين ينتظرون المعالجة, منهم من فقد ساقه ومنهم من أصاب بأمراض مزمنة نتيجة الإهمال في العناية الصحية لهم.
يا للمفارقة السياسية عندما نسمع العديد من القيادات التي قد ولى  زمانها يدعون على الإعلام بأن البيشمركة هم نور عيونهم والشهداء  قدوتهم  ومصلحة الشعب فوق مصلحتهم وانهم يتبعون نهج الكردايتي المقدس.
أين هم  وأين دورهم في هذه المحن التي تعيشها شعبهم 
من فقر وجوع وتشرد وضياع وإهانة. متى سيخطون هؤلاء خطوة عملية صادقة  مترجمة لأقوالهم وتصريحاتهم الذي صرعو بها الارض والسماء.
نحن بحاجة إلى تغيير جذري للواقع الإجتماعي أولا ومن ثم الواقع السياسي.
لذلك فانه من الواجب الإخلاقي والإنساني  لكل كردي وكردية لاسيما كوادر الحركة السياسية عموما والحركة الثقافية أيضا أن يعلنو النفير العام لإعلاء صوت الحق وقول الحقيقة جهرا مهما كانت مكلفة والكف من أساليب المسايرة واللامبالاة وغمض العين والإتكالية وذلك   لوضع حد نهائي للإنتهازيين والمنافقين والمتاجرين بالقضية والمستفيدين  ووضع القطار على سكتها الصحيحة وقيادتها إلى محطة الأمان في قامشلو والبدء السريع بخلق الثقة بين الشعب والحركة السياسية, ونبذ سياسة التفرد والإيمان بالروح الجماعية والمصير  المشترك وإعتماد مبدأ التخصص والكفائة وصياغة القرار السياسي المستقل وإعلان رؤية جماعية موحدةبخصوص حقوق الشعب الكردي في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا كشعب عريق على أرضه التاريخية . كذلك رسم سياسة مرحلية يحقق كحد أدنى الفدرالية الكردية او الحكم الذاتي اللامركزي.
بهذا الشكل نستطيع أن نملك مكانا قويا في المعادلة الدولية ونكون صاحب قرارنا في تقرير مصيرنا وتحقيق الحرية والكرامة.
وهنا تحديدا سيبدأ الدعم الدولي الحقيقي لقضيتنا العادلة,
ويبدا دور اخوننا وحلفائنا الكردستانيين في الدعم والمساندة الحقيقية ايضا.
 فريدريكستاد 18.03.20

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…