د. هجار شكاكي
ما يلي دراسة قمت بها عام 2013 م وقد حاولت قدر الامكان توخي الدقة بما توفر لي من معلومات .
الدراسات السكّانية و الكذبُ البعثّي
قام بعض الناس بنشر معلومات، سأثبت مغالطاتها، عن عدد القرى في محافظة الحسكة، ويقولون إن عدد القرى الكوردية لا يتجاوز 450 قرية كوردية، وان بقية القرى عربيّة، وينشرون الأسماء و الأعداد على أنّها مسلّمات، بالطبع سيأتي أشخاص من فئة المفكرين الراقصات على دلاء خمر القصور، أمثال عزمي بشارة والباروت ليعتمدوا على هكذا إحصائيات، قام بها أشخاص قبضوا ثمن عملهم من نفس البنك الذي يمنح الرواتب لعزمي بشارة، وبعد عدّة سنوات ستصبح الدراسة – الإحصائية مرجعا تاريخيا ديموغرافيا، وسينسى الناس من كان أولئك الذين قاموا بالدراسة، وبأي فكر جهنّمي وضعوا دراستهم، وما هي كمية التدليس في الدراسة نفسها .
تم الاعتماد في هذه الدراسة المشار إليها سابقا، و المنشورة باسم تجمع الشباب العربي، والذي أكنّ للكثير من أعضائه الاحترام، على ثلاثة أمور غايتها التدليس وتحريف الوقائع:
1- اعتمد ناشرو الدراسة على أسماء القرى، بحيث اعتُبِرَتْ كلُّ القُرى التي تحمل أسماء عربية، على أنّها قرى عربية وسكانها عرب، متغافلين عمدا عن الإشارة إلى أنّ أسماء هذه القرى قد تم تعريبها في زمن صاحب فكرهم ألبعثي وولي نعمتهم وعلمهم المشّوه : البعث الاسدي الصدّامي، لو تمّعن القارئ في أسماء المدن و القرى في محافظة الحسكة وأصلها، لوجد ان هناك أربعمائة قرية قد تم تغيير اسمها وأمثلتنا على ذلك كثيرة :يعربية = تل كوجر، قجطانية = تربي سبيه، معبدة = كركي لكي، حطين= جاغر بازار – آتيش = تل شعلان، جوخ رش =أم ردان، كر رش= تل أسود، حسّو = الحسناء، خربه كشّي = الشقراء.
2- لم يذكروا في أي تاريخ تم إيجاد أو خلق هذه القرية ومن أين أتى الذين يسكنونها، فمثلا تم مساواة قرية قانا التي تأسست عام 1999 في جنوب الحسكة مع قرية تل حبشة التي يعود عمرها لآلاف السنين، وبالتالي فقد قاموا بتمرير كذبة أخرى على القارئ توحي له بان كل القرى و المزارع التي تم إنشاؤها لإسكان البدو الرحل للتغيير الديموغرافي ومنحهم الأراضي للزراعة، ولإيجاد مناطق آهلة بالسكان هي قرى تاريخية نجمت عن تكاثر وتوالد طبيعي للسكان الأصليين.
3- استمرأوا على القارئ كذبهم واستمروا فيه بلا وازع، ولم يقوموا بالإشارة، ولو مرّة واحدة، إلى أنّ ثلث القرى التي قالوا بأنها عربيّة تقع في المنطقة جنوب مدينة الحسكة شبه الصحراوية، ان عدد هذه القرى كبير بسبب عدم رغبة العوائل ذوات الأصول المختلفة بالسكن معا، فترى مائة قرية مثلا، سكان كل منها عائلة واحدة فقط من جد واولاده واحفاده ويكون جدهم الأكبر من مواليد السخنة أو الميادين (هذا لا يلغي احترامنا لهم ولبداوتهم ولأصلهم العربي الكريم) .
4- لم يشيروا إلى عدد القرى التي تم تقسيمها إلى ثلاث أو أربع قرى لغايات سنذكرها لاحقا في الملاحظات.
5- رغم ان العديد من القرى المذكورة في الإحصائية قد تم تفريغها من أهاليها على قلّتهم، بسبب ما، وخاصة القرى التي غمرتها مياه السدود، لكنّ الدراسة تذكر هذه القرى وكأنّها موجودة على الرغم من أنّ الحكومة قد بنت لأصحابها قرى نموذجيّة، كاملة الخدمات، ورغم أن أعداد القرى المغمورة يصل للعشرات إلا أن عدد سكانها الإجمالي لا يزيد عن عدّة آلاف، والأدهى من ذلك أنّهم يضيفون أسماء القرى النموذجية أيضا إلى الدراسة .
هذه الدراسة المزوّرة التي قاموا بها صارت مستندا ومرجعا تاريخيا ديموغرافيا بالنسبة لأشباههم، بل وأراد بعض صانعيها أن يمررها على التلفزيون في برنامج سياسي كان مخصصا عن القتال في سري كانييه، وهذه دراسة بسيطة اعتمادا على المراجع المتوفرة و الدراسات الحكوميّة وبعض مواقع الفيسبوك
– قرى الحسكة ومزارعها = 1370 تقريبا تم تقسيم بعضها اداريا الى قريتين أو ثلاثة فوصل العدد الى 1700 تقريبا،
– يضاف لها 47 مستعمرة بعثية تم جلب سكانها من عرب الرقّة –
– قرى جنوب مدينة الحسكة جنوب الهول جنوب تل تمر هي 500 قرية و فيها فقط 34 قرية سكانها كورد (حتى لا تستغربوا سأذكر لكم قرية تقع في سفح جبل عبد العزيز اسمها السيحة وسكانها كورد من عشيرة الموصلية وقرية رفرف وسكانها من الملّية ).
– قرى شمال الحسكة شمال الهول شمال تل تمر 850 قرية منها مائتا وخمسون قرية عربية و600 قرية كوردية تقريبا منها ثلاثمائة وعشرون قرية تم تعريب أسمائها بالطبع أقول تقريبا بسبب عدم توافر إحصائية دقيقة لان من يستطيع الاطلاع عليها هم أصدقاء القيادة البعثية فقط، ومن جهة أخرى بسبب وجود قرى مسيحية وأشورية كاملة اضافة الى بضعة قرى لقوميات أخرى.
– في محافظة الحسكة توجد المدن و البلدات التالية مدينة الحسكة ويسكنها خليط قومي ديني وعدد سكانها بحدود 170 ألف نسمة منهم 60 – 70 ألف كوردي مدينة القامشلي ذات الغالبية الكوردية مع وجود كبير للمسيحيين و الآشوريين و العرب ويقدر عدد سكانها بمائتي الف نسمة إلى 230 ألف منهم 170 ألف كوردي و30 ألف مسيحي وآشوري مدينة سري كانييه ( رأس العين) وهي ذات غالبية كوردية مع وجود عربي كبير إضافة للمسيحيين و الشيشان وبضعة عائلات تركمانية وعدد سكانه يقدر بثمانين الف نسمة منهم خمسون الفا من الكورد مدينة ديركا حمكو (المالكية) وسكانها 60 ألف نسمة وغالبية سكانها كورد مع تواجد مسيحي سرياني كبير إضافة إلى قلة من العرب الأصليين منهم 45 ألفا من الكورد تربي سبيه (القبور البيض) سكانها من الكورد والعرب و المسيحيين ويبلغون 25 الف نسمة منهم 15 الف كوردي. مدينة الشدادي وسكانها مع سكان حقول النفط يبلغ 30 الف نسمة غالبيتهم من العرب مع وجود قلة من الكورد و المسيحيين يسكنونها . بلدة تل تمر و فيها كورد وعرب وأشوريين بنسب متساوية وسكانها ثلاثون الفا منهم 10الاف كوردي. بلدة الدرباسية وغاليتها كورد مع نسبة قليلة من العرب و المسيحيين وسكانها 30 الفا منهم 25 الف من الكورد. عامودا وسكانها خمسون الف غالبيتهم من الكورد مع قلة من المسيحيين وبعض العائلات العربية منهم 45 الف كوردي. تل براك وهي بلدة صغيرة سكانها غالبية من العرب وبعض الكورد ويبلغ عددهم 10 الاف. الهول فيها عشرة الاف من العرب وبعض الكورد. أي ان 430 الف كوردي تقريبا يسكنون المدن و البلدات الرئيسية والتي مجموع سكانها 800 الفا، يضاف لهم عدد المسيحيين ويقدر بحوالي 180 الف نسمة، وبالتالي يكون نسبة تواجد المكونات الثلاث الرئيسية في محافظة الحسكة هي الكورد يشكلون أربعا و خمسين بالمائة من سكان المدن والبلدات الرئيسية في المحافظة العرب يشكلون 23 بالمائة من سكان المدن و البلدات الرئيسية المسيحيون ويشكلون 23 بالمائة من سكان المدن والبلدات الرئيسية اذا أخذنا المدن التي تقع على الحدود التركية السورية وهي ديركي وتربي سبيه وقامشلو وعامودا ودرباسية وسري كانيه سنجد ما يلي عدد سكان هذه المدن 475 الف منهم 330 الف كوردي ومنهم حوالي 70 الف مسيحي و75 الف عربي نسبة الكورد 70 بالمائة تقريبا وفي حال عودة المستوطنين الى بلدانهم الأصلية فسيصبح عدد العرب اقل من 30 الفا وترتفع نسبة الكورد الى ثمانين بالمائة اعتقد هذه النسبة تعكس بطريقة و أخرى النسب السكانية في القرى التابعة لهذه النواحي و المدن ملاحظة أولى : هناك أكثر من عشرة آلاف عائلة تم تغيير قيدهم من بقية المحافظات الى محافظة الحسكة من غير عرب الغمر وهم يدخلون في الإحصائية بصفتهم عربا وهم غالبا من سكان المدن .
ملاحظة ثانية : عدم دقة بعض الأرقام ناجم عن أنّ غالبية الإحصائيات الرسمية تقوم بتغييب أي إشارة إلى الكورد أو نسبتهم، كما أن الكثير من المراجع العربيّة تعتمد على عدم إيراد تعداد الكورد منذ وعي الجنسية .
ملاحظة ثالثة: عدد القرى المذكورة في الإحصائيات البعثية الحكوميّة، و التي يعتمد عليها ما يتم تسميتهم الباحثين العرب يتجاوز عددها 1700 قرية، وهي غير موجودة على الواقع، بل فقط في التسميات، والسبب أن الحكومة البعثية تعتمد على زيادة هذا العدد للأسباب التالية:
1- كي يتم الإيحاء بأنّ عدد القرى العربيّة أكثر وبالتالي فان نسبة السكان العرب أكثر.
2- من أجل استمرار الفساد المالي و الإداري حيث يتم فتح جمعية فلاحية لكل ثلاث أو أربع قرى، وبالتالي فتقسيم القرية الواحدة التي تسكنها عائلتان إلى ثلاث أو أربع قرى من الناحية الإدارية، سيسهم في تشكيل جمعية فلاحية، يستفيد منها سكان القرية عبر استحرار السماد والبذار و الآليات، واستثمارها أو بيعها للقرى الأخرى.
3- التجمعات القروية ( تقسيم القرية لأربع قرى ثم اعتبارها تجمعا قرويا) يؤمن مدرسة ابتدائية وبالتالي يؤمن عدة وظائف بين 4- 5 بصفة مدرسين، مدير، موظف (مستخدم)، حارس ليلي وأمين سر، ويؤمن كما قلنا جمعية فلاحية، يؤمن الكهرباء، خزان لمياه الشرب، طريق معبّد، وبئر أو بئرين ارتوازيتين خاصّة في حال وجود أعداد من البعثيين فيها.(في أعوام 2002 وما بعدها وعندما تم منح سوريا قرضا أوربيا لدعم المناطق الشمالية الشرقيّة التي ضربها الجفاف، قام مدير مياه الحسكة باستحداث قرية في المخطط الإداري، سكانها هم عائلته وبيت عمّه، على الرغم من أنّهم من سكان المدينة، واستطاع أن يقوم بحفر بئر ارتوازي بعمق 1600 متر، استفاد منها لري أرضه البالغة ستمائة دونم، قرية على الورق فقط).
في النهاية نقول، لا يمكن تزوير الوقائع، وفي أقرب إحصائية حقيقيّة شفّافة سيتم إجراؤها في سوريا سيظهر الحق وستظهر النسب الحقيقيّة، ونقول للجميع لا تنسوا أنّ تركيا بقوّتها، ودبلوماسيّتها، ورشوتها للعديد من الجهات في العراق، لم تستطع ان ترفع نسبة التركمان في العراق لأكثر من ثلاثمائة ألف شخص، بعد أن كانت تدّعي أن عددهم ثلاثة مليون، والحقيقة الساطعة التي ظهرت في الانتخابات البرلمانيّة العراقيّة، أنّ عدد النوّاب الكورد وصل إلى 60 نائبا من أصل 325 نائبا، بينما وقف عدد نواب التركمان عند رقم خمسة، منهم اثنان فازوا بأصوات الشيعة في بغداد . لا أحد ينكر أو يستطيع أن ينكر الوجود العربيّ في محافظة الحسكة وهو وجود تاريخي، أصيل، ويغني الحياة، وغالبيّة الكورد يفتخرون به، سواء كان الافتخار من جهة دينيّة، أو من جهة التقارب و الزيجات، أو من جهة العلاقة التاريخيّة الطويلة، الهموم و الآمال التي تجمعهم، لكنّ بنفس الوقت، لا يمكن إلغاء وجود الكورد والادّعاء بأنّهم أقليّة، وبّأنّ وجودهم طارئ، أو أنّ هؤلاء الكورد استولوا على أراض عربيّة . أتذكّر قصّة عن جدّي، رحمه الله، كنّا نصل بأغنامنا الى جبل عبد العزيز حيث البكارة، وكان البكارة يصلون بأغنامهم الينا، جدّي، كان يصطاد الغزلان في بريّة جبل عبد العزيز، ويقومون بقتل الخنازير البريّة على ضفاف الخابور وملتقى الخابور و الجغجغ .
د.هجار عبدالله شكاكي 25-3-2013