إدلب: استمرار الحرب المدمرة على الشعب السوري!

بيان لجان الديمقراطية السورية-أمارجي
تعمق الحرب الدائرة في إدلب بين قوى إقليمية ودولية (على تقاسم مناطق نفوذها في بلادنا ) من عذابات الشعب السوري ومأساته، لغة العنف والسلاح التي انتهجها النظام منذ بدايات الحراك الثوري مازالت مستمرة بأبشع صوره وبأشكال متعددة منه ومن حلفائه ومن الفصائل السلفية الجهادية وتركيا وبقية قوى الاحتلال و في أساس هذه الكارثة أن هذا النظام المجرم و الفاسد أقدم على إتباع الحلول الأمنية و العسكرية، وقد أثبت فعلاً أنه غير قادر يوماً على تقديم أي تنازل أو وعود بإحداث أي تغيير أو إصلاح في بنيته الاستبدادية العصيّة على أي إصلاح،
 إن هذه العقلية الهمجية و الدموية التي تتحكم بسوريا كانت و مازالت السبب الرئيسي لدمار سوريا و تمزيقها وتهجير الشعب السوري و تعريض البلاد لسيطرة عدة قوى احتلال أجنبي والحقيقة أنه لم تكن هزيمة القوى الثورية الحقيقية يعود فقط للعنف الذي مارسه النظام بحق السوريين بل إن قوى المعارضة ذات التوجه الإسلامي المتشدد وبعض التيارات و الشخصيات الانتهازية المحسوبة على القوى الديمقراطية أيضا يتحملون وزر إجهاض الثورة و تحويلها لصراع أهلي داخلي في بعض الأحيان و ساهمت هذه القوى في تدويل الوضع السوري و فتحت الباب واسعاً أمام التدخلات الدولية واستدعتها، فكانت أكبر منظم للهزائم في تاريخ كفاح شعبنا التحرري بدورها السلبي والمدمر على مسار الثورة.
لقد فشلت هذه المعارضة ( المرتهنة منذ البداية ) في تقديم خطاب وطني جامع لكل السوريين يقدم لهم آفاق مستقبل أفضل، بل على العكس تماماً كانت واضحة في كثير من الأحيان بخطابها الديني والطائفي و الإقصائي والشوفيني ( في مواجهة طائفية النظام) وجعلت هذه التيارات المذكورة نفسها مطية لدول إقليمية ودولية من أجل مصالح شخصية وذاتية على حساب مصالح الشعب السوري، فكانت هذه المعارضة الفاسدة أسوأ ما أصاب الثورة السورية وكفاح السوريين، فارتضى هؤلاء أن يكونوا أدوات رخيصة لكل المشاريع الإقليمية و الدولية في سوريا.
و من جهتها فإن الطغمة الحاكمة المجرمة في دمشق كانت تلوح دائماً (بذريعة الشرعية المصطنعة) لشرعنة كل التدخلات الأخرى الداعمة لها و التي ساعدت هذا النظام بالبقاء في السلطة حتى الآن، كل ذلك أدى لنتائج كارثية في سوريا لم يكن أحد يتخيل أننا سوف نصل لمثل هذا السوء و الإنحدار للواقع السوري.
و في هذا الأثناء مازال النظام يحاول بسط سيطرته على كامل إدلب و ريفها غير آبه بالتكلفة البشرية و ما تحدثه هذه المعارك من تدمير و تهجير للسوريين في منطقة أصبحت ذات كثافة سكانية عالية نتيجة إيوائها لنازحين من مختلف المناطق السورية.
و هنا تجدر الإشارة لحالة التضامن الأهلي بين مكونات الشعب السوري و كيف أن نازحين من مناطق عفرين و غيرها يستقبلون نازحين آخرين من إدلب و ريفها.
إن تفاهمات آستانة و سوتشي لم تكن إلا اتفاق ينظم تقاسم وتنافس قوى إقليمية ودولية في بلادنا، وهي التي سمحت لتواجد قوى احتلال تركي قبل بها النظام لقاء هدنة تسمح له بترتيب أوراقه و قضم مناطق أخرى استعداداً لهذه المعركة و بالتالي لا يمكن إنكار أو إخفاء الدور التركي السلبي جداً على مجمل الوضع السوري، لقد استخدمت تركيا الوضع السوري و السوريين كورقة رابحة من أجل المساومة دولياً و إقليمياً للحصول على مكاسب تخصها وحدها، بزيادة نفوذها في سوريا والاقليم ومنع تحقيق الشعب الكردي لحقوقه القومية.
فمن المعروف أنه كان وما زال لتركيا دور واضح في دعم الحركات الجهادية في سوريا و التي ساهمت بحرف مسار الثورة وسحق تطلعات شعبنا في الحرية والعدالة والكرامة، لكنها ليست هي القوة المحتلة الوحيدة بل هنالك قوى أخرى مثل روسيا وامريكا وايران وجميعها لا يعنيها بشيء مطالب الشعب السوري بل تعنيها مصالحها فقط.
لذا فإن واجب القوى الوطنية المطالبة والعمل على إخراج كل قوى الاحتلال المتواجدة على الأراضي السورية.
إن المعاناة و المأساة التي يعيشها أهلنا من المدنيين السوريين في إدلب بشكل يومي لا يمكن تخيلها و لا يمكن التحكم بمشاعر الناس أو المزاودة عليهم، لكن يمكننا القول أن الموقف الصحيح هو وقف الحرب في إدلب وعموم سوريا للتخفيف من معاناة الناس وأن يعمل السوريون على استعادة عافيتهم، و نأمل أن تكون التحركات الدولية جادة في تحقيق هذا المسعى بالرغم من أن المجتمع الدولي و القوى الفاعلة تتحمل عبء أخلاقي (لأنها لم تكن يوماً جادة في إيقاف نزيف الدم السوري) من خلال ضغوط جدية كان يمكن ممارستها على أطراف الصراع و داعميهم، علاوة على ذلك لا يمكن الثقة بتعهدات النظام أو حليفته روسيا أو غيرها من القوى الدولية والإقليمية التي لا تنظر إلى سوريا والشعب السوري إلّا من منظور مصالحها الخاصة فقط.
المهمة الملحة المطروحة على المجموعات والشخصيات الديمقراطية السياسية والاجتماعية في المرحلة الراهنة هي حشد وتجميع قواها على أسس وطنية واضحة تستفيد من أخطاء وفشل السنوات الماضية وبعيداً عن الحسابات الذاتية الضيقة والدنيئة من أجل العمل على استعادة القدرة المنظمة والكفاحية للدفاع عن مصالح الشعب السوري، كل الشعب السوري، في الاستقلال والعيش بكرامة وحرية وسلام.
لجان الديمقراطية السورية – أمارجي
26 شباط 2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…