خليل قادر
حسب اعتقادي و من خلال المعايشة الشخصية ؛ أن أغلبية من حاوروني بخصوص خلاف آنيّ حياتي ، معيشي ، كانوا دائما يعودون بيّ إلى الماضي ، و يدمغون حديثهم بالقرائن التاريخية ، فهذا حتماً دون أن أنتظر استنتاجاتهم المقرونة بالدلائل ، فسوف يقومون بإلغاء حاضري الماديّ المتعيّن له تماماً ، و كأني موشور زجاجي موْضوع في بؤبؤ عينيه ! .
بات من البديهيات أن العيش المشترك يقوم على التوافق و الّتراضي، القائم على المصالح المتبادلة ، وعلى أساس الوجود الواقعي بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى ، لحيّزنا الّزّماني المكاني .
الدفاع عن البقاء ، الحفاظ على الذات و النوع ؛ أمر تلقائي من خلال المناعة الذاتية الحيوية ، حيوية و شروط وجودنا كواقع مادي حيّ ، وأن لم نسّلم بضرورة الواقع
؛ لن نسْلَم من الضرر ، فسوف ندخل في صراعات تاريخية ؛ صراعات قامت على الظلم و الإقصاء و الاستلاب ، ذلك التاريخ الذي تربع على عرش الحاضر وهيمن على شرايين الحياة و تشعبات الوجود الحي المتنوع ، كما يحدث الآن في الشرق الأوسط ، فالعنصر المستدام فيه ؛ الماضي ، التاريخ ، لأنهما في ثنايا أدمغة بشر تقتات على الماضي . مثلا : الحرب اليمنية ؛ بين الحوثيين و السنة – الحرب السورية بين العلويين و السني – الحرب العراقية بين الشيعي و السني – الحرب اللبنانية بين الشيعي و السني ، خلافات الجزائريين و الأمازيغ – المغرب و الصحراء الغربية – الليبيين و القبائل – الفلسطينيين العرب السنة و الإسرائيليين اليهود – الأكراد و العرب و الفرس و الأتراك الخ ……
تاريخ قام على الاستبداد و التهميش و الإقصاء و القتل و الدمار .
ليس دقيقا أن نثبت كل القضايا ونحللها استنادا إلى الماضي .. غير صحيح أن نثْبت للآخر الملموس الحيّ في الوجود ؛ من خلال وقائع بعيدة كل البعد عن الواقع .
ولا يجوز حتى و إن أخذ بيدك التاريخ يوما ، أن تهيمن و تستغل و تستعبد كل ما وقع في إطار حدودك التي صنعت بيد الغير .
فهنا ملاحظة رمزية (نعم ؛ ملاحظة رمزية ) فالبلدان المتقدمة تتجنب مكافحة الأعشاب الضارة في الحقول ، لأن هذا الإقصاء يضر بالتربة و بالبيئة إجمالاً . مستقبلا لن يغلّبوا المنفعة المادية ولا المزروع النفعي الشخصي على حساب البيئة.