هنا نطرح عدة تساؤلات:
1- كيف تفسرون كل هذه المآسي التي تعرض له الشعب الكوردي، ولماذا؟
2- حسب رأيكم، ما سبب كل هذا التخبط والتشتت في الاستراتيجية الكوردية في سوريا؟
3- كل يوم نسمع عن تأسيس حزب كوردي جديد، رغم ازدياد أصوات المطالبة بوحدة الصف الكوردي، ما رأيكم؟، وما المطلوب؟، وما الخطط استراتيجية لـ لملمة البيت الكوردي وتوحيده؟
4- التفريخ المتزايد في عدد الأحزاب الكوردية، أليس الاجدر المطالبة بوحدات اندماجية قبل المطالبة بوحدة الصف الكوردي، ولماذا؟
الخلاص من التشرذم بتوحيد الموقف الكوردي بين الأطراف الرئيسية
يتحدث عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد علي إبراهيم، لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تسع سنوات مضت على بداية الأزمة السورية، والسوريون على أمل التغيير في البلاد والتخلص من نظام مستبد، القابع على سدة الحكم اكثر من أربعين عاما والاتيان بالبديل الديمقراطي، وبناء دولة يكون تحت سيادة القانون، وتضمن حقوق جميع المكونات بما فيهم المكون الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية حسب المواثيق والعهود الدولية. حيث قامت المظاهرات السلمية في مختلف المحافظات السورية وكان الحضور الكوردي بارزا بقيادة التظاهر في مناطقهم إلا ان الحالة لم تدم طويلا حيث انقسم الشارع الكوردي على نفسه بمشروعين مختلفين، المشروع القومي الكوردستاني ويمثله المجلس الوطني الكوردي، ومشروع الأمة الديمقراطية ويمثله حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يخلوا من الكوردايتي مضمونا وعملا بل استأثر السلطة بالوكالة، وجعل من سلطتها الأمر والناهي في كوردستان سوريا، وحلل ما تيسر لهم من الفرمانات القمعية والاقصائية لكل مختلف معهم من القوى السياسية والمجتمعية، وأرادت الاستحواذ بالقرارات المصيرية للشعب الكوردي في كوردستان سوريا، منها قرار السلم والحرب الأحادي الجانب سواء سوق الشباب الكورد إلى معارك حيث لا ناقة لنا ولا جمل، وتقديم حجج ومبرات للاجتياح التركي في عفرين بالرغم من معرفة نتائج تلك الحرب الظالمة مسبقا، وتكرار تلك التجربة في كل من كري سبي وسري كانية، كل ذلك وما رافقها من الممارسات القمعية جلب للكورد الويلات والمصائب من هجرة وتهجير».
يتابع إبراهيم: «لقد عانت الحركة الكوردية في كوردستان سوريا منذ العقد الثاني من تأسيس أول حزب كوردي في عام ١٩٥٧ حيث ظهر حالة الانقسامات في الثمانينات من القرن الماضي بين صفوف الحركة الكورية في سوريا تحت مسميات فكرية وايدلوجية قد تكون لها مبرراتها للظروف الموضوعية حينذاك. لكن ظهور أسماء أحزاب جديدة وكثيرة منذ بداية الأزمة السورية أحزاب ما يشبه الدكاكين السياسية، سببها رخاوة جبهة الكورد الداخلية. واذا اراد المتتبع البحث عن السكرتير وقيادته عليه البحث في الغوغل وقد لا يعثر عليهم، هؤلاء اتخذوا من احزابهم مصدر للرزق، لذا ليس لهم اي دور في خدمة القضية الكوردية، والمصيبة أن البعض ينشق من حزبه هنا ويطالب بوحدة الصف الكوردي هناك وشر البلية ما يضحك، حقيقة الوضع الذي يمر به الحركة الكورية يؤسف لها ويمكن التخلص من هذه الحالة بتوحيد الموقف الكوردي بين الأطراف الرئيسية التي لها حضور جماهيري في كوردستان سوريا حتى تحين الفرصة لخوض انتخابات في المناطق الكوردية».
ازدياد عدد الأحزاب سببها رخاوة جبهة الكورد الداخلية
يتحدث الكاتب، جمال الدين حمي، إلى صحيفة «كوردستان»، بالقول: «أنه من الصعب الإجابة على هذا السؤال بشكل سريع ومختصر، لأنه يحتاج إلى كتب وربما إلى مجلدات أيضًا، لكن لو أردت الاختصار، فأجد أن الحركة السياسية الكوردية في كوردستان سوريا كلها تتحمل المسؤولية، لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق تنظيم PKK وتوابعه، لأنهم هم من يسيطرون على الأرض ويتحكمون بكل المفاصل السياسية والعسكرية على الأرض منذ سنوات عديدة، وذلك بسبب وقوفهم ضد إرادة الشعب الكوردي وتحريفهم القضية الكوردية وتحويلها من صراع كوردي مع النظام السوري إلى صراع كوردي مع النظام التركي، والعمل على استدراج الجيش التركي لغزو واحتلال أجزاء واسعة من كوردستان الغربية وتشريد أهلها».
يعتقد حمي: «أنه لا توجد هنالك استراتيجية أساسًا، بل توجد مماحكات سياسية بين الاطراف الكوردية وعلى حساب القضية الكوردية ومصالح الشعب الكوردي مع الأسف، ولا يوجد هدف واحد وطني جامع يجتمع حوله جميع الكورد، وهذا هو السبب في التشتت والضياع».
تابع حمي: «بحسب علمي أن هنالك ما يزيد عن ستة عشر حزباً كوردياً يعلنون تبنيهم للنهج البارزاني، فإذا كانوا صادقين فعلًا، فلماذا لا يتوحدون في جسم سياسي واحد؟، وهذا ينطبق على تلك الأحزاب والحركات والقوى العسكرية التي تتبنى الفكر الأوجلاني، والتي بلغت ثلاثين حزبًا وحركة وتجمعًا سياسيًا وعسكريًا، فلماذا لا يجتمعون في جسم واحد؟، لكن يبدو أننا أمة انشطارية غير قابلة للاتحاد والتجمع في جسم سياسي وعسكري واحد، ولا أقول أن قدر الكورد هكذا، لكن أعداء الكورد بارعون في زرع الشقاق والخلاف بيننا، وجبهتنا الداخلية رخوة للغاية وهذا ما يفسر ازدياد عدد هذه الأحزاب».
اضاف حمي: «تقول الحكمة : إذا أردت أن تُطاع فأطلب المستطاع، فأعتقد أن دعوات وحدة الصف التي يطلقها السياسيون الكورد هي فقط من أجل زر الرماد في العيون ولتسجيل نقاط سياسية على خصومهم، ولإظهارهم على أنهم هم السبب في عرقلة وحدة الصف، ومن أجل هذا أرى أن الدعوات لوحدة الصف ولتوحيد الأحزاب يجب أن تكون على الشكل التالي حتى تكون أقرب إلى التنفيذ، ألا وهي أن يطالب الشعب الكوردي أن يتحد شرفاء الكورد وأحرارهم ضد وكلاء أعداء الكورد وأعوانهم في الداخل، فهم من يعرقلون وحدة الصف ويعرقلون كل الحلول لحل قضية الشعب الكوردي، وهذا يتناسب مع الفطرة الإنسانية ومع السنن الكونية الثابتة».
أي اتفاق لا يتضمن عودة البيشمركة يعتبر انتحارا قومياً وسياسياً
يتحدث الكاتب الصحفي، دوران ملكي إلى صحيفة «كوردستان»، بالقول: «بقيت الدول الغاصبة لكوردستان متفقة فيما بينها حتى في أحلك الظروف بهدف تبادل الخبرات والقضاء على الفكر القومي الكوردي عن طريق كسر القوقعة الكوردية ودمج الشعب الكوردي في مجتمعاتهم القومية. استخدموا شتى انواع الاضطهاد السياسي والاقتصادي من تجويع ومشاريع عنصرية وشوفينية، وإهمال المناطق الكوردية بغية تهجير سكانها، واستيطان فئات قومية اخرى مكانهم تحت مسميات وذرائع عديدة، استطاعوا أن يؤسسوا أحزاباً من ضمن المجتمع الكوردي، ووضعوا لهم إيديولوجيات تارة تحت مسميات ماركسية وأخرى دينية، وحديثاً ديمقراطية تعتمد فلسفات وطرق جديدة كالعداء الظاهري والاتفاق الباطني. بمجيء الثورة السورية والتحولات الهائلة في الكثير من الدول العربية حَلِمَ الشعب السوري ومعه الشعب الكوردي في الخلاص من سيطرة الفكر الشوفيني المتمثل بحزب البعث وسيطرة العائلة على مقاليد الحكم منذ عقود من الزمن، ولكن النظام لم يستسلم، بل ابدع في المواجهة بإنشاء فصائل معادية له في الظاهر، وبذلك حول مجرى الصراع من حراك سلمي إلى صراع عسكري فاقد للمصداقية يوماً بعد أخر. كذلك في مناطق كوردستان سوريا كلَّف النظام حزب العمال الكوردستاني وحليفه حزب الاتحاد الديمقراطي مهمة القضاء على الحراك السلمي ومنع الكورد من تشكيل فصائل مسلحة لحماية مناطقهم من أي خطر مرتقب، وكذلك لمحاربة القومية الكوردية ومحاربة الفكر القومي واجتثاثه من جذوره تماشياً مع أفكار الأمة الديمقراطية عبر العديد من القرارات، وأهمها التجنيد الإجباري الذي فرضه على الشعب الكوردي كتعويض عن النقص في عدد مؤيديه، وترهيب الناس عبر استخدامهم في حروب عبثية، والسيطرة على التربية والتعليم وتجريدها من محتواها الثقافي والعلمي وفقدانها للاعتراف المحلي والدولي، مما دفع بالشعب الكوردي المولع بالعلم والثقافة إلى الهجرة من أجل مستقبل أطفالها والاضطهاد السياسي لنشطاء الفكر القومي ونفيهم إلى خارج البلاد وزج البقية في السجون، وإصدار مجموعة هائلة من القوانين تخص النظام الضريبي والمالي والجمركي، وخاصة على المواد الغذائية الداخلة الى المناطق الكوردية مما نتج عنها أزمة اقتصادية خانقة بسبب رفع اسعار المواد الغذائية. كل هذا أجبرت الكورد على ترك وطنهم والهجرة، وبالنقيض من ذلك تم الحفاظ على المشاريع العنصرية الموجودة إبان حكم البعث كالحزام العربي، والأنكى من ذلك ان مجتمع المستوطنات هم آخر من شملهم التجنيد الإجباري حتى لا يتم كسر طوق استقرارهم، ويساعدوا النظام في تحقيق نظريته المنشودة(إن نسبة الكورد في مناطقهم لا تتجوز 30 بالمائة)».
يتابع ملكي: «إن ما قدمته أفكار الأمة الديمقراطية للأنظمة الغاصبة لكوردستان ما لم يقدمه جميع مشاريعهم العنصرية والشوفينية وبأياد كوردية لأنهم يحاربون أي توجه قومي في أجزاء كوردستان الأربعة. في كوردستان سوريا تم تحويل مجرى الصراع مع النظام الشوفيني إلى صراع مع تركيا لتأخذه الأخير ذريعةً للهجوم على المناطق الكوردية كما حدث في عفرين وكري سبي وسري كانييه ودون مقاومة تذكر من انصار الأمة الديمقراطية، وتركت هذه المناطق لقمة سائغة للأتراك والفصائل الموالية لها، وتعرض الشعب إلى التهجير ونهب لممتلكاته، وترافقت هذه الأحداث مع الأوضاع الاقتصادية المأساوية، إذ لا يوجد فكر اقتصادي يحمي ممتلكات المواطنين الزراعية والمالية، فتارة التهمتها الحرائق وتارة يقوم النظام بسلبها عن طريق إصدار عملات لا قيمة لها، ويتم بموجبها نهب العملات الصعبة من اسواق المنطقة لربما كما يتردد الإشاعات يتم نهب البقية الباقية عبر إصدار الإدارة الذاتية لعملتها الورقية».
يضيف ملكي في المجال السياسي: « مورس الضغط على المجلس الوطني الكوردي ومؤيديه بغية إخراجه من المعادلة السياسية عن طريق زج مؤيديها في السجون وحرق مكاتب أحزاب المجلس ونفي قياداتهم إلى خارج البلاد، والتشجيع على الانشقاقات عبر تكريس أموال طائلة، لذلك تشكلت العشرات من الأحزاب الجديدة التي لا يتعدى اعضائها أصابع اليد بغية إحداث إحباط سياسي، والنيل من الحركة القومية الكوردية، وفي نفس الوقت ينادون بوحدة الحركة الكوردية، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على إغراق الحركة والفكر القومي الكوردي في مستنقعهم الديمقراطي المزعوم».
يختم ملكي: «يتطلب حماية المشروع القومي الكوردي عبر تطوير المجلس، وتفعيل مؤسساته والسعي الدؤوب إلى وحدة أحزاب المجلس وتقوية علاقاتهم، وإضافة عناصر جديدة إليه، والسعي الدائم إلى إزالة الخلافات الجزئية، وتشكيل فرق عمل نشيطة تسعى إلى أوسع العلاقات لتثبيت حقوق الشعب الكوردي في الدستور القادم، ومحاولات جادة لإعادة المهجرين من عفرين وكري سبي وسري كانييه إلى أماكن سكناهم عبر الضغط المستمر على الائتلاف الوطني السوري وباقي فصائل المعارضة، والأهم هو السعي الدؤوب إلى إعادة بيشمركة روج إلى أرض الوطن، وإن أي اتفاق مع الطرف الأخر لا يتضمن عودة البيشمركة يعتبر انتحارا قومياً وسياسياً».
يتطلب من الجميع مراجعة سياساتهم والابتعاد عن الأنا الحزبية الضيقة
يتحدث الكاتب الصحفي، صالح أحمد، إلى صحيفة «كوردستان»، بالقول: «تعرّض الشعب الكوردي على مر التاريخ لأشرس وأوسع الحملات للحد من تطلعاته في الانعتاق والتحرير، وتحمل المآسي والويلات لسنوات طويلة من أجل ذلك. وكان دائماً ضحية الاتفاقيات والتوافقات الدولية ومصالحهم. كما أن الموطن الكوردي من حيث موقعه الجيوسياسي كان دائماً هدفاً استراتيجياً للدول الكبرى الطامعة في الحصول على ثرواته وثروات المنطقة وترجيح الكفة لصالحهم من خلال السيطرة على كوردستان. وكل ذلك أتى بالضد من مطامح الشعب الكوردي وتطلعاته وحقه المشروع بالاستقلال وقيام دولة كوردستان. كما اعتقدت الدول الغاصبة لكوردستان فيما بعد بأن أرض كوردستان هي جزء من دولهم الحديثة لا بل أن الكورد هم جزء من شعوبهم. كما لا بد من الإشارة إلى مسؤولية الكورد أنفسهم من حيث تحملهم جزء لا بأس به فيما تعرض له الشعب الكوردي من مآسي».
يعتقد أحمد: «أن الشعور القومي الكوردي لم يرتق الى مستوى الطموح الفكري ولم تستطع الحركة الكوردية في الجزء الغربي من كوردستان من تجاوز العقد السطحية وباتت أسيرة الأفكار الحزبوية الضيقة دون القدرة على تجاوز الخلافات الثانوية ووضع استراتيجية قومية شاملة تكون مظلة للجميع لا يسمح لأحد بتجاوزها. مع الإشارة إلى القيام بخطوات في هذا المنحى من قبل الأطراف الكوردية المتمثلة في المجلس الوطني الكوردي ومجلس غربي كوردستان في بداية سنوات الثورة السورية وبمبادرة ورعاية كريمة من الرئيس مسعود بارزاني حيث تم الوصول إلى توقيع وثيقة سياسية تكون نواة للعمل الكوردي المشترك ولتوحيد الخطاب السياسي الكوردي لم تكلل بنجاح، وكما يعلم الجميع تم نسفها من قِبَل مجلس غرب كوردستان وما زالت تبعاتها إلى الآن تنعكس بشكل سلبي على أرض الواقع فقد دفع ثمنها الشعب الكوردي الذي بات القسم الأكبر منه مُهَجَراً ولاجئاً في دول الشتات».
تابع أحمد: «في ظل ما يتعرض له الشعب الكوردي نحن أحوج ما نكون لرص الصفوف، والحركة الكوردية مُطالبة بلملمة البيت الكوردي، والقيام بشكل جدّي بعيداً عن البروباغندا الإعلامية بوضع الخطوط العريضة لتوحيد الصف الكوردي، من خلال توحيد الخطاب السياسي المبني على تحقيق مصالح الشعب الكوردي وحقوقه على أقل تقدير».
عن ظاهرة تأسيس أحزاب جديدة، يؤكد أحمد: « أنها حالة غير صحيحة وغير صحية، ولكن لا أظنها مؤثرة على الشارع الكوردي، وليس بخاف على الجميع بأنها وبغالبيتها لا تتعدى كونها أحزاباً اسمية تم تأسيسها لأغراض معروفة ومن قبل جهات وأشخاص معروفين، لكن المطلوب هو من الأحزاب والتيارات المؤثرة العمل الجاد من أجل الحفاظ على ما تبقى. فالوضع مقلق للغاية يتطلب من الجميع مراجعة سياساتهم والابتعاد عن الأنا الحزبية الضيقة، ووضع مصالحهم جانباً والعمل بجد من أجل توحيد الصف الكوردي لكسب ود الأصدقاء والاستفادة من الوضع السائد، والفرصة السانحة لتحقيق مصالح الشعب الكوردي و الوصول به إلى بر الأمان».
حاجة الكورد إلى استراتيجية واضحة لقيادته إلى بر الأمان
يتحدث الكاتب، عبداللطيف موسى إلى صحيفة «كوردستان»، بالقول: «الشعب الكوردي في كوردستان سورية تأثر تأثيرا كبيرا بواقع سياسية المصالح واجندات الدول الإقليمية عبر السنوات العشر من عمر الثورة السورية، حيث خلق واقع التقسيم الجغرافي والفكري من خلال تحكم تلك الدول بالقرار السياسي على الأرض، الأمر الذي زاد من معاناة وحجم المأساة في كوردستان سوريا من خلال فرض الواقع الاقتصادي المرير من قبل تلك الدول، واستغلال تجار الحروب للأزمة والتي اثقلت كاهل الشعب، وبالتالي ادت الى غلاء الأسعار ونقص في المواد الأولية وفرض سياسات نقدية وهمية وغير صحيحة وعلى المستوى الاجتماعي ادت الى هدم كل معالم وأركان المجتمع والأسرة الكوردية عبر التشريد والهجرة والنزوح وترك الديار والتغير الديمغرافي، وعلى المستوى الفكري ادت الى التقسيم الفكري والانجرار الغير المدروس وراء التيارات والكيانات السياسية داخل الأسرة الواحدة. ذلك هو القليل من الكثير من المآسي التي فرضت على الشعب في كوردستان سورية هذه المآسي كانت، وبرأيي نتيجة حتمية للطبقة السياسية المتحكمة، والتي وجدت نفسها تقود هذا الشعب دون خبرة للتعامل وجهل سياسي في قراءة المشهد والتغيرات السياسية المتسارعة بصورة صحيحة في قيادة هذا الشعب إلى برّ الأمان».
يتابع موسى: «إن هذا الواقع المأساوي الذي وجد الشعب الكوردي في كوردستان سوريا نفسه يعاني منه هو نتيجة حتمية لغياب استراتيجية كوردية واضحة لدى الطبقة السياسية المتحكّمة بمصير ذلك الشعب إنها سياسية او استراتيجية تعتمد على الفعل ورد الفعل في ظل غياب وانعدام سياسية المبادرة التي تدفع الدول الإقليمية لتقاطع مصالحها مع مصالح الشعب في كوردستان سوريا. استراتيجية منعدمة نتيجة الجهل السياسي وعدم القدرة على التعامل مع المتغيرات المتسارعة على الساحة السياسة، فمشروع الإدارة الذاتية الذي يعتمد على أخوة الشعوب، والذي يتحمل القسم الأكبر من ذلك الواقع المرير، كون المسيطر والمتحكم على الأرض. ومشروع المجلس الوطني الكوردي الذي يدعو الى الفيدرالية والتعايش السلمي مع الشعب السوري، امتداد للواقع السياسي والتاريخ، وممارسة الشعب الكوردي حقه في تقرير مصيره أسوة بشعوب المنطقة في ظل هذا الانقسام في القرار السياسي الكوردي، فمن المستحيل توافر استراتيجية واضحة تقود هذا الشعب إلى بر الأمان».
يضيف موسى: «الكم والتفريخ اليومي لتلك الاحزاب في كوردستان سوريا مطالبة واضحة وصريحة بالتخلي عن اجندات قادتها الخاصة لخدمة مصلحة الشعب، وهو بعيد كل البعد عن الواقع الذي يعيشه شعبنا بجميع نواحيه. تتطلب الوحدة في الخطاب السياسي، وتوحيد الجبهة الداخلية، والتخلص من جميع الاحزاب الوهمية. الإدارة الذاتية والتي تتحمل القسم الأكبر من المسؤولية كونها المتحكم بالمشهد في كوردستان سوريا مطالبة بخلق مناخ طبيعي لإيجاد الحلول السياسية والتخلي عن سياسية فرض الأمر الواقع في مصادرة حق التعبير، وإنهاء سياستها في الملاحقات وإطلاق سراح معتقلي الرأي، وفتح المجال لممارسة كل أبناء الشعب السوري.
وأخيراً:
أمام كل ذلك يتطلب من الأطراف الكوردية ومن كل غيور على أرضه وعرضه العمل بروح الكوردايتي، لإزالة كل العراقيل التي تقف أمام وحدة الصف والموقف الكوردي، فالظروف الملائمة لن تنتظرنا، وسيلعن التاريخ كل متخاذل وخائن.