وقفات عربي … مع الأمة الكردية

بقلم : عمر يوسف فارس

السلام على أحبابي في الله وبعد :
فهذه وقفات أحببت أن أقفها مع أخواني في العقيدة والدين … علماً أني عربي ( من أهل الإمارات العربية المتحدة ) ولست كردياً ولكنني سأستمر في الكتابة ولو لم تستمر في القراءة، وسأكتب هذه الكلمات بحروف صادقة ومشاعر خالصة ، لا سطور جارحة وأجرام ساحقة،فأنا والله جد آسف على حال الأمة الإسلامية ( وليست العربية ) من الشتات والتمزق … وعلى حال إخواننا الأكراد خاصة … وأنتم أدرى بذلك !! 
وأبدأ بوقفاتي التي أرجوا أن تقبلوها من أخ لكم محب في الله لا في غيره .

الوقفة الأول:….أفتخر فأنت كردي..
عندما كنت طالباً ( ومازلت )..في أحد المدارس شاءت الأقدار أن أتلقى العلم على يد أستاذ كردي ( درسني التربية الإسلامية ) كان قدوة لي ….

فكان أكثر ما يعجبني فيه افتخاره الشديد بوطنه كردستان وأصله الكردي ، وعندما كان يكتب مقالة يرسلها لي – بحكم العلاقة بيننا –  أرى في محتواها دائماً حديثه عن وطنه وأصله ( الكردي ) وهذا ما رفع قدره عندي ، وعندما سألته عن سبب تعلقه وكثرة كتابته عن أهله ( الأكراد ) قال لي وبكل عزة وثقة : يا بني الذي لا يتمنى الخير لوطنه وأصله لا يستطيع منح الخير لأحد ، أو ما شابه ذلك …
ولقد أثرت هذه الكلمات في جداً وبكل صدق ، فيا ليت جميع إخواننا يكونوا مثله ، لا أعني بذلك التعصب للأصل ولكن أعني الموازنة … فالبعض  من إخواننا ( الأكراد ) وللأسف  لم يعودوا أبنائهم على حب أصلهم وفصلهم وهذا خطأ كبير ينخر في أصل الأمة الكردية .

الوقفة الثانية:..مع اللغة الكردية

إن أي فرد من المجتمع الكردي يجب أن يعلم ( وهذا ما أظنه ) أن لغته الكردية هبة من الله عليه ، أفليس لكل الأمم لغات ، فحافظ على لغتك قدر المستطاع ، وتذكر أن الله تعالى حرم تغير خلق الله ، بتغير الشكل أو المظهر جذرياً … فكيف إذا كان تغير لسان كامل وانتزاعه من جذوره؟؟؟؟
أنا لا أعني بذلك العزوف عن تعلم اللغة العربية ، ولكن أقصد مرةً أخرى التوازن ، فتعلم اللغة العربية يزين الإنسان ( لا لأي سبب تتوقعه ) بل لأنها لغة القرآن الكريم ، وبها تحسن قراءته ومعرفته وتجويده .
وأذكر في هذه الوقفة أستاذي الكردي كيف كان فصيحاً في كلتا اللغتين ، فكان إذا تكلم بالكردية ( في الصف أحيانا ليسمعنا نغماتها ) أطرب الوجدان ، أو بالعربية فحرك المشاعر وشنف الآذان …..

فهل من أمثال هؤلاء ؟

الوقفة الثالثة:…مع الشعب الكردي

إن جهل الناس في مجتمعنا بالمجتمع الكردي لشيء معيب ، أقولها بكل صراحة ….
وأضرب أبسط مثال على نفسي : فأنا عندما كنت في بدايات حياتي ،كنت إذا سمعت كلمة أكراد يحلق بي خيالي أن الأكراد هي تسمية تطلق على سكان تركيا !!
لا عجب في ذلك … فقد ترى أغلب الناس لديهم نظرة سطحية عن الأمة الكردية .

ومنتهى أملنا أن لا تكون هذه النظرة سلبية كما يعتقد البعض من أصحاب القلوب المريضة ، ومن الذين يريدون تمزيق الأمة بعد كل هذا التمزيق …..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل الخطأ في الإعلام المضاد لإخواننا الأكراد ؟  أم في الأكراد أنفسهم ؟؟

الوقفة الرابعة:وقفة روحانية…مع الأمة الكردية

والله والله إني في بداية هذه الوقفة أعترف لكم أنكم قد خُذلتم من قبل الناس وخاصة العرب … ولكن التمسوا لإخوانكم الأعذار وتذكروا  – وهذه أهم نقطة – أن موقف شخص أو شخصين لهم سماع من الناس لا يعبر عن موقف كل الناس ….

فهذا منطق يأباه التفكير السليم والفطرة السليمة ، وهل فتحت قلوب الناس لترى ما فيها …
صدقوني يا أخواني أن من العرب والمسلمين من يؤثرونكم حتى على أهلهم وأنفسهم !! لا تقولوا كذبة جديدة علينا ، إنا (وأتكلم عن أصحاب القلوب الصادقة ) ما يزال فينا عرق ينبض بحبكم أيها الأكراد ، وما زال ديننا واحد ، ونبينا واحد ، وأرضنا واحدة ، فلا تجعلوا للشيطان فرجات بيننا … وتذكروا نحن جسمين بروح واحد بإذن الله تعالى ، ولا فرق بيننا فكلنا سواء عند رب العالمين والميزان عند ربنا هو التقوى .

هذه وقفات خرجت من صميم قلبي أملاً أن تلامس قلوبكم قبل آذانكم ، وما علي إلا أن أبلغم موقف محبيكم من إخوتكم في الدين ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….