قراءة موجزة لبيان قسد الصادر مؤخراً بخصوص مستجدات توحيد الخطاب الكردي في سوريا

المحامي عماد شيخ حسن
أصدرت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) بتاريخ هذا اليوم الجمعة ١٠/١/٢٠٢٠ بياناً تحت عنوان ( بيان الى الرأي العام ) يردّ و يوضح فيه و من خلاله ما توصّلت إليه من نتائج و مستجدات عبر لجنة تقصي الحقائق الخاصة التي شكلتها بشأن لائحة المعتقلين التي كانت قد استملتها من رئاسة المجلس الوطني الكوردي في إطار و خطوات المبادرة التي أطلقتها قسد بخصوص توحيد الخطاب الكوردي .
علماً بأن اللائحة الآنف ذكرها كانت قد تضمنت مطالبة المجلس لقسد ببيان مصير عشرة أسماء لشخصيات من اتباعها و مناصريها يقول المجلس بأنه جرى اعتقالهم في تواريخ سابقة من قبل الإدارة الذاتية .
و بناءاً على رغبة عدد من الأخوة/ات ممن تواصلوا معي بهذا الصدد لمعرفة وجهة نظري و رأيي حيال بيان قسد أعلاه و لا سيما في الإطار القانوني كانت قراءتي الموجزة هذه .
بطبيعة الحال و بتجرّدٍ و كمبدأ فإنه ما من شكّ على الإطلاق بأن مبادرة من هذا النوع و تحت هذا المسمّى ( توحيد الخطاب الكوردي ) هي أُمنية كلّ كرديّ مخلص يعتز بقومه و قوميته،  أما لو أردنا أن نخوض  في هذه المبادرة تحديداً و أطرافها و نبدي آراءنا حيالها بشفافيةٍ تامة، فلا يمكننا إلا القول وفق قناعني بأنّ طرفي المبادرة  سواءّ منظومة الإدارة الذاتية أو المجلس الوطني، فرضوا نفسيهما  و تمثيلهما فرضاً على من يدّعون بأنهما يمثلونهم سواءّ كسلطة واقعٍ الأرض من احدهما أو في اتجاه السياسة و العلاقات من كليهما، أي أن أيّاً منهما لا يتمتع و لا يحظى لا بقبول سياسي و سيادي دولي و لا وطني و لا حتى فئوي شعبي داخلي و هذا كله يستتبع بأن كليهما يفتقدان الى الشرعية من أصلها .
 
الأمر الآخر هو أن كلاهما يفتقدان إضافةً الى افتقاد الشرعية، إلى المشروعية أيضاً، أي أن كليهما لا يعملان و لا يتقيدان بالمنهجية و الاسلوب المؤسساتي و الاختصاصي في العمل و الإدارة و إصدار القرارات و الأحكام، بل يتصف كل ذلك و تشوبها عيوب التسلّط و التفرّد و الإحتكار .
و بناءّ على ذلك كلّه فأن ما نريد الوصول اليه هو التأكيد على أنّ الأطراف التي تسعى عبر المبادرة الى توحيد الخطاب الكردي و بالتالي تمثيل الكرد في سوريا و تمثيل قرارهم و رسم مصيرهم و مستقبلهم هي أطراف بالأصل لا شرعية و ممارساتها أيضاً لا مشروعة، و هذا بدوره يقودنا الى استنتاجات و نتائج غاية في الأهمية، لعل إبرزها تتمثل في ضرورة و حتمية  البناء السليم أولاً و من ثم إطلاق المبادرات  و بدء التنسيق و العمل المشترك، هذا إن كنا في الأصل سنحتاج الى مبادرات حينها .
سنداً لما سبق فإننا لا نجد المبادرة مع فرض الارادة الصادقة و المخلصة، لا نراها إلا عملاً و مسعىً ترميميّا لمبنى أو جدار  يستحيل أن يجعله الترميم صالحاً لغايته .
ما بني على باطلٍ هو باطل، و أطراف المبادرة باطلون بطلاناً مطلقا و لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن ينتج أو يتولّد الصحيح من البطلان المطلق . 
الآن دعونا نغضّ الطرف عن كل ما سبق و لنتجاهل إفتراضاً ما لا يمكن تجاهله و لنخض في حال المبادرة و حقيقتها و في البيان على وجه الخصوص .
فحسب قناعتي المتواضعة فإنّ حال و سير عمل و خطوات المبادرة يمنحنا بوضوح فكرة و استنتاج غياب الإرادة و الرغبة الصادقة لدى كلا الطرفين و عدم استعداد أي طرف للتنازل للآخر قيد أنملة و قبول إشراكه و شراكته  في السلطة و القرار، و أن كل منهما يسعى لتحقيق مكسبٍ سياسي أو شعبوي أو سواه على حساب الآخر، بينما مصلحة الشعب و القضية هي آخر الحسابات و بركان الآحقاد هو المسيطر .
هي لعبة القط و الفأر، و كلّ منهما يسعى لأن يرمي الكرة في ملعب الآخر  و إظهاره بمظهر المعيق و اللا متجاوب مع المبادرة، و الأهم من ذلك كله هو أن كل طرف يسعى لأن يلقي كل إرث الفشل و الكبوات و الكوارث التي جلبها على الشعب و القضية في مختلف المجالات و أسبابها و مسبباتها على الآخر، دون أن نسهو عن استثمار الطرفين لعامل الوقت و توظيفه لصالحة بشكلٍ من الأشكال، و الأهم من ذلك كله هي محاولتهما إمتصاص ضغوطات و غضب الشعب و كسب وده و تأييده عبر الظهور بمظهر الحريص على قبول الجميع و مدّ يده اليه و ما الى ذلك .
لا هكذا أبداً يتم التعاطي مع المبادرات، و ما هكذا أبداً أيضاً تكون بوادر حسن النوايا و صفاؤها بأن تنكر الإدارة الذاتية مثالاً علمها بمصير  المعتقلين العشرة و سواهم ممن لم يعد من المفيد و من المضحك إنكار أنهم هم من اعتقلوهم مباشرة كإدريس علو صديق و زميل الدراسة فكّ الله اسره و أسر البقية و للحديث حتماً بقيّة .
المانيا ١٠/١/٢٠٢٠ .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…