في صناعة الأحزاب

المحامي عماد شيخ حسن
عجبي من أحزابٍ كوردية يكاد النقد أو العيب الأعظم الذي يطالها يتركّز على سكرتيرها أو أمينها العام و شخصه ، و مع ذلك تصرّ على بقائه و إبقائه ملهمها الأول و الأوحد  و تتمسك به الى أن يٌؤتى بمستنسخ أو يحول ملك الموت وحده بينهم و بينه .
فكرّت في الأمر و خفاياه مليّاً و أحياناً كثيرة استعنت بغيري في ايجاد اللغز و فكّ الطلسم اليهودي ذاك ، فكان السر الأقرب الى القناعة و المنطق بالنسبة لي هو :
أنّ وجود الحزب و غايته و أساسه و أساس نشأته هو شخص أمينها العام و ارتباطه و المهمة التي أوكلت إليه و ليس الحزب أو التنظيم و نهجه و فكره  و غيره من الاكسسورات و عمليات التجميل الجاذبة و الخادعة . و أنّ أيّ طارىء أو خلل في هذا الاساس أو هذه القاعدة و ذهاب أمينها العام بالوفاة أو التغيير  دون بديلٍ مستنسخ عنه يعني عملياً إنتفاء الغاية من وجود التنظيم برمته و بالتالي ينبغي أو يتحتم العمل على فناء الحزب أو زرع الانشقاقات فيه ريثما يذوب تأثيره أو أي مفعولٍ له .
و الأغرب من ذلك كلّه هو التخدير و لا صحوة الأتباع و أولئك المسحورون بالظاهر و عمليات التجميل و لا مبالاتهم المطلقة بكل ما يثار و ينكشف من العيوب و من حقيقة سكرتيرهم المبجّل ، لا بل على العكس من ذلك ، تراهم احياناً كثيرة يستميتون في تبريرها و تمريرها و الزود عنها أكثر من الملك أو السكرنير ذاته ، و ذلك  ليس لأنهم أو أغلبهم لا مخلصين لقضيتهم أو لا صادقين و لا نزيهين  مثل أمينهم ، لا أبداً .
بل لأنهم لا يريدون ربما أن يستغيقوا من الحلم الجميل الذي هم فيه أو ربما لأنهم يكابرون على أنفسهم و يأبون التنازل أو منح الفرصة لغيرهم  للشماتة و سواها حسب اعتقادهم . دون أن يعلموا بأنهم يغوصون في وحل الخطأ و الخطيئة و ضياع القضية .
أقولها و سأقولها و أكررها دائما …بأن الدولة أو الشعب أو التنظيم المرتبط أو الرابط وجوده و مصيره بشخصٍ واحد فلتذهب تلك الدولة و ليذهب ذاك الشعب و التنظيم الى الجحيم .
ألمانيا في ٩/١/٢٠٢٠ 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…