الثورة السورية في عيون الجنس اللطيف

حزني كدو
سنوات عجاف طويلة حافلة بالويلات وبالقتل والتدمير والتهجير والنزوح والإعتقال ، وكافة صنوف العذابات والأهات والعويل على شباب بعمر الورد ، وشباب في أوج نشاطهم ،وأطفال وبراعم فقدوا امهاتهم وأباهم ، وكهول فقدوا من كان يسهر عليهم ويعيلهم ، وكفاءات هجرت وإختفت وهجرت ، ولا يزال يد النظام و الإجرام المنظم ، والإرهاب الداعشي والحرب بالوكالة تدمر سوريا ارضا وشعبا وحضارة . هيئات دولية تأتي لتحقق ثم تذهب وتصدر تقارير مبهمة مثل لون ورائحة اصحابها وتفسح المجال لهيئات ومفتشيين أخرين لتزيد الطين بلة وتضاعف من معانأة السوريين الذين تشردوا في جميع اصقاع البلدان ،وفقدوا كرامتهم مثلما فقدوا وطنهم .
خطوط أوباما الحمراء أصبحت عديمة اللون مثل وجهه ، ووجه صديقه الليبرالي المنافق دفيد كاميرون وتيريزا واخرهم المتوحد جونسون شبيه ترامب ، ولم يختلف عنهم ترامب الذي يحسب له دحره لداعش ولكن بتغريدة اهدى صديقه الديك الرومي أردوغان شرق الفرات وشرد اهلها مثل نظيره الروسي الذي أهداه عفرين . اردوغان صاحب اللاات و الخطوط الحمر وإشارة الأصابع الأربعة ،فهو الأخر انطبق عليه صفات المنافق ، اذا حدث كذب و اذا عاهد أخلف و اذا خاصم فجر وهو لم يدخر جهدا فسرق حلب كلها وشرد سكانها ودمر عفرين وشرد أهلها ونسي كل وعوده وأصبح كل همه تدمير المكون الكردي أرضا وشعبا وتغير ديموغرافيته وساعده في ذلك ديناصورات قطر ومرتزقة ما يسمى بالجيش الوطني .
كل السوريين أدلوا بدلولهم وساهموا بشكل أو بأخر في تهشيم الدورالسوري الشريف الوطني ، الموالاة زادت في موالاتها ، والمعارضة غالت في معارضتها ، الشعب الكوردي هو الوحيد الذي عبر عن موقفه الوطني السوري الصرف ،النظيف والبعيد عن الحقد والطائفية البغيضة، أما النظام فقد لعب بذكاء خارق على جميع الجبهات المحلية والاقليمية والدولية وبمساعدة حلفائها المخلصين واولهم ايران وبوتين و نصر الله
المرأة السورية هي الأخرى شاركت في الثورة سلبا وإيجابا ،قسما وقفت مع الثورة وقسما وقفت ضدها ،وخلال استبيان لكوكبة لامعة من سيدات المجتمع في انحاء العالم نرد لكم هذه المشاهدات .
السيدات الأوربيات والغربية بشكل عام ترى ان الأزمة السورية ، أزمة مزمنة ومقززة ، وبإنها حرب أهلية بين فصيلين ، فصيل علماني لكنه مستبد، فاسد ولا يهمه مصلحة الدولة السورية والشعب ، وفصيل ديني سوداوي ينظر الى الحياة بعيون القرن التاسع عشر ، ولايهمه الدولة والوطن بقدر ما يهمه إسقاط النظام والسيطرة على الدولة ، والخاسر في كلتا الحالتيين الشعب السوري ، وهي ترى عدم جدوى التدخل العسكري الغربي .
السيدات السوريات أيضا يخشون على تفتيت بلدهم وذلك بسبب عدم إتفاق الفرقاء السوريين لإيجاد تسوية ترضي جميع الأطراف ،حيث العملية السلمية بحاجة الى ضمان حقوق جميع أبناء الشعب السوري وحفظ كرامتهم و هذا صعب المنال بسبب عناد جميع الفرقاء والدول التي تتدخل فيها ، وعدم قبول التسوية سيقوي و يزيد من نفوذ وشوكة جميع الميليشيات والتي بدورها ستمزق الوطن السوري ارضا وشعبا.
أما في مصر ، فالمرأة المصرية انقسمت الى قسمين ، قسم ترى ان الصراع تحول الى صراع مذهبي ، سني وشيعي ، وما تقوم به ايران وحزب الله من تدخل يصب في مصلحة ولاية الفقيه ، وهذا التدخل من قبل حزب الله فقد الكثير من شعبية ومصداقية هذا الحزب. اما الطرف الثاني فتخشى الصراع العرقي بالاضافة الى الحرب المذهبية الدائرة و من ثم تخشى على سوريا من الفوضى و من التمزق والتفتت الى كيانات مذهبية وعرقية وطائفية والى وجود حاضنات تحتضن الارهاب وتغذيه.
أما الماجدات العراقيات فهن أيضا يخشون ان ينتشر الحرب المذهبية لتشمل كل الدول العربية ، لأن كل دولة او جماعة تدعم جهة مذهبية ضد الأخرى ، وإن العراق ستكون ارضا خصبا للصراعات المذهبية العنيفة التي هدأت نسبيا في عام 2005 ، وان صراع هذه الدول الدينية والمذهبية سوف يزيد من نفوذ الجماعات والمليشيات المسلحة على حساب المجتمعات المدنية ،وان الفوضى ستنتشر لتشمل جميع أوجه الحياة ليس فقط في سوريا بل في كل دول المنطقة وبشكل نسبي، وسوف تظهر مجموعات وافكار جديدة وغريبة وتطبق اجنداتها وشريعتها المتطرفة المدعومة من جهات محلية ودولية واقليمية والهدف من هذا الصراع المذهبي بين السنة والشيعة هو ليس فقط تدمير سوريا بل كل العالم العربي والاسلامي وبث الذعر والخوف بغرض تهجير الناس لبيوتهم وديارهم .كما ترى بعض الماجدات ان الصراع في سوريا سيتحول الى حرب أهلية خاضعة لإرادة الدول الكبرى والخاسر الأكبر هوالشعب السوري.
بينما ترى النشمية الاردنية إن التدفق المستمر من القتل الطائفي ، وإستهداف المدنيين سوف يطول الصراع مثلما يحدث في العراق ، وهي تخشى على سوريا من التقسيم على أساس عرقي وطائفي .
أما المرأة اللبنانية فإنها ترى وجه الشبه الكبير بين ما يحدث في سوريا وما حدث في لبنان من حرب أهلية، وإن الأعداد المخيفة للقتلى ستصبح مجرد عمليات حسابية بسيطة للاعبين الدوليين والاقليميين ، والامم المتحدة عاجزة عن تقديم الحلول ، وليس هناك اي جهد دولي صادق لحل الأزمة السورية ووقف شلالات الدم ، كما انها تخشى على بقاء سوريا الدولة بعد غياب نظام الأسد ، وان الايام القادمة ستكون اكثر قتامة للسوريين .
أما المرأة المغاربية فانها ترى بث المجاذر اليومية على شبكات الاخبار مؤلم و مقزز جدا ، وهي ترى ان الحكومة والرئيس ليسوا مع الشعب ، وان الفساد له جذوره العميقة ، وان شريعة الغاب هي التي تحكم سوريا ، وانه لايوجد مكان للحريات ولحقوق الانسان ، والكل يريد ان يهرب من سوريا لينفذ بجلده من أتون حرب مجنونة .
وتدلو المرأة الخليجية دلوها في الأزمة السورية ، وتعبر عن مخاوفها على سوريا من التقسيم على اساس ديني و عرقي و على غرار ما يحدث في العراق بسبب الحرب المذهبية بين السنة والشيعة ، والعرقية بين الكورد والعرب .
وختاما تعبر المرأة الكوردية في سوريا عن أكبر مخاوفها من أن تسيطر الجماعات الإسلامية المتطرفة زمام السلطة ، لذا فإنها لا ترى بارقة أمل في ظل ما يجري في سوريا تحت سيطرة الإسلاميين المتطرفيين ،خاصة إنها ضحت كثيرا في ظل نظام حزب البعث الذي حرمها من الهوية الوطنية وبالتالي من التعليم ومن لغة الأم ومن حقوقها الأساسية ، لذلك ترى انها عانت الأمرين كونها سورية أولا، وكوردية ثانية بخلاف المرأة العربية السورية التي كانت تتمتع بقدر كبير من حقوقها الإجتماعية والثقافية والمهنية والسياسية ،وهي تأمل ان ينتهي الصراع في سوريا بشكل حضاري ديمقراطي ،يتمتع كل السوريين بهواء وطنهم وخيراته، وبكافة حقوقه السياسية والقومية والإجتماعية، و بحكم ديمقراطي تعددي مدني ، لايفرق بين سائر مكوناته ، غير ان ظهور و تدفق هذا الكم الهائل من الكتائب المسلحة المتطرفة والإرهابيين كداعش والنصرة وغيرها ومن الفوضى والسلاح والتطرف الديني والعرقي ، والحرب بالوكالة سيقضي على كل إحلام للمراة السورية والعربية بشكل خاص ، وهي هنا تناشد الهيئات الدولية و المجتمعات المدنية وحقوق الانسان والدول الكبرى ان تمد يد العون لوقف هذا التطرف الأعمى والفكر الذكوري الديني المتطرف ضد المرأة في سوريا، ووقف الجماعات الإسلامية المتطرفة في سوريا عامة وفي المناطق الكوردية التي كانت ملاذ أمنا لكل السوريين .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…