إبراهيم محمود
لطالما أكَّدتُ على نقطة محورية في الكثير من كتاباتي، ومنذ أربعة قرون، على أن الطبيعة قد تنتقم من ” وليدها ” العاق بالانتحار الذاتي، أو يجري ” اغتيالها هنا وهناك نباتاً وحيواناً، بأفعال إنسانية ” خليفة الله السيء الصيت على الأرض، وهو بـ” سوأته ” العقلية ” البغيضة .
ولطالما أفصحت في العديد من كتاباتي، على أنه طالما أن الإنسان لا يعترف ببعديه: النباتي والحيواني أولاً، لن يكون إنساناً، وأن براءة ذمته ككائن سليم الطوية يصادَق عليها من جهة النبات والحيوان، وشددت على لزوم التركيز على الجرائم ضد النباتية والحيوانية قبيل الإنسانية، وهي الطريقة الأقوم ليبلغ الإنسان سن” ما يسمى بالرشد “.
ولعل حرائق الغابات، وإشعال النار في الغابات، أو استئصال النبات، وقتل الحيوانات، بعمليات ممنهجة، أو جرّاء التمادي في صناعات تقنية وأسلحة مدمرة، يكون النبات والحيوان، من ضحاياها الأولى وليس الإنسان، إنما الأهم من ذلك، هو أن تمادي الإنسان في عملية التقنية الحربية والكيماويات المختلفة، يفصح عن قابلية التدمير الكونية لديه، على مستوى السلطة التي لا حدود لطغيان شهوتها ووحامها في رؤية الضحايا أو رائحة الأجساد الشائطة والدماء المسفوكة. أي لزوم البحث في الجينوسايد النباتي فالحيواني بعمق .
ولعل حرائق الغابات الفظيعة: الأمازونية ” آب 2019 ” ومطلع الشهر الأول لعام 2020، لمساحات واسعة لغابات استرالية، و” نفوق ؟” قرابة نصف مليار حيوان ” أكبر كارثة عالمية ” أو جينوسايد كوكبي بإطلاق، خلال أقل من 48 ساعة، إنما علامة دالة على مدى تمادي الإنسان في الاستهتار بما هو كوكبي، أو تجاهله الأحمق والقاتل لبعديه النباتي والحيواني، لا بل وحتى الجمادي وهو ليس جماداً ” عندما يشار إلى دور المعادن وغيرها في بناء جسم الإنسان “، وهستيريا سباق التسلح والاستعداد لقتل ملايين البشر، أو التخطيط لذلك، عبر طرق وأساليب مختلفة، وغض الطرف كلياً عن بعديه المشار إليهما..إن كل ذلك شهادة حية ودامغة على أن قيامة الكوكب، نهايته تكون على يديه، وليس لأن الله، كما يعلَم عن ذلك بسطحية مارقة، هو الذي يعلِن عن القيامة، دون النظر في الحد الأوسط، أي ماالذي يفجر قيامته واقعاً.
من المرعب حقاً تخيُّل مئات الألوف من الكيلومترات المربعة من غابات الأمازون ” ذات الخمسة ملايين كم2 ” ومساحات واسعة من غابات استرالية، وتخيل الرعب الحيواني، وربما صراخها الخاص، وعويلها الخاص، وربما ” تقديرها ” كفرها ” باليوم الذي وجدت نفسها في ظل الإنسان، وصار يضحى بها نباتاً وحيواناً إلى يومنا هذا، والنار، وهي تتأجج، وتستعر ألسنتها ملتهمة النبات والحيوان في وحدة مصيرية .
نعم، في وسعي القول، أنه، حتى بالنسبة للحريق النباتي، أو الغابي الأكثر” طبيعية ” ونفوق أي حيوان في لحظة مفاجئة، ثمة مسئولية للإنسان عنه، من خلال التغيير النوعي للكوكب، أو الانحداري في توازنه البيئي وخلافه.
تصوروا، أنه لولا وجود ما هو نباتي وحيواني في ملحمة ” جلجامش ” همبابا حارس الغابة ” وقبل ذلك ” الحيوانات وأنكيدو ” ” أي وجود ” ماوكلي رافديني/ سومري في رعاية الحيوان ” قبل أفلمة ماوكلي بآلاف السنين، وهذا ينطبق على الإلياذة والأوذيسة…الخ، حيث عنصرا النبات والحيوان مقوّمان للتاريخ البشري.
وما يجري في عالمنا من صنوف قتل، وإبادات جماعية، واستخفاف بالطبيعة، وذلك التركيز على موت هذا أو ذاك، أو قتله، دون النبات والحيوان بالجملة، لهو إنذار خطير على مدى تحرك ما هو إنساني إلى الهاوية المميتة.
أن نسمي النباتي فالحيواني، كتوأم حيوي في أنفسنا، اعتراف صريح وصحيح لبداية نحو ما يسمّينا بشراً، هذا إذا كان في ذلك ما ينفع كثيراً، وسط الصراع الدموي المحموم، وآلة القتل المادية والمعنوية المنفَّذة فينا هنا وهناك.
” فقط أمثلة للنظر “
حرائق الأمازون
الأمازون.. رئة العالم تحترق ومستقبل الكوكب مهدد
تستعر غابات الأمازون المطيرة في البرازيل بآلاف الحرائق على نحو مكثف لم تشهد له مثيلاً منذ نحو عشر سنوات.
جنوب شراق استراليا
حيوانات تفر من حقل مشتعل في استراليا
تفقد ضحايا ” الحراائق “
كنغارو استرالي عالق في حقل يملؤه دخان الحرائق
فرق الإطفاء خلال محاولة السيطرة على الحرائق
جزء من حرائق شهدتها أجزاء من استراليا قبل أشهر ))