هل انتهى موسم السياحة الدينية الإيرانية في الشرق الأوسط

قهرمان مرعي
ليس من مصالح الأمريكان والأوربيون والإسرائيليين إنهاء الصراع الشيعي السني الممتد منذ أربعة عشر قرناً ، بل إضعاف الدول والقوى التي تتصدر مشهد الصراع وإنهاكها إلى درجة ضمان عدم قدرتها على النهوض من جديد ، لهذا يبدو أن مواسم السياحة الدينية المذهبية لمحور إيران قد انتهت ولم يعد بإمكان قادة ميليشياته الطائفية العبور بالبطاقة الخضراء مطارات دمشق وبيروت وبغداد وموانئ اليمن ، حيث تم استبدالها بالكارت الأحمر على خلفية الاعتداء على السيادة الأمريكية وتعريض هيبتها و مصالحها للخطر من خلال الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد وما حدث قبلها من إسقاط طائرة مسيّرة فوق مضيق هرمز ومقتل أمريكي ، نتيجة قصف القواعد الأمريكية في العراق وكوردستان .
من الملاحظ أنَّ تصريحات أقطاب نظام الغدر في إيران فيما يتعلق بتجاوز أمريكا للخط الأحمر وأنها قد غدرت بهم ..؟ تفيد ودون أدنى شك بوجود اتفاق ضمني على مجمل تحركات إيران في الشرق الأوسط منذ غزو أفغانستان وسقوط نظام البعث الصدامي في العراق لمواجهة (التطرف السني) المتمثل بحكم طالبان والقاعدة و داعش وتثبيت دعائم الحكم الموالي  في كل من سوريا والعراق ولبنان وإعادة اليمن لحكم الإمامة .
لاشك أن الأمريكان هم الذين أعلنوا انسحابهم و فتحوا أبواب معسكر( كى ون ـ k1)  لدخول قوات الحشد الشيعي قبل اجتياح كركوك ، بعد استفتاء شعب كوردستان على حق تقرير المصير في 25.09.2017 وقبلها لم يكن وجود قاسم سليماني في الغرفة الخلفية لاجتماع القيادة الكوردستانية في دوكان ، تتم دون إشارة منهم وما حدث في سوريا من تقتيل ودمار ومنع نظام البعث الأسدي من السقوط ، لم يجري دون ضوء أخضر أمريكي ، من خلال دخول حزب الله اللبناني لـتأمين محيط دمشق وريف حمص مع لبنان والساحل السوري وكذلك الميليشيات الطائفية المتعددة التابعة لإيران في الجنوب بالتماس مع حدود إسرائيل وقوات حزب الإتحاد الديمقراطي في غرب كوردستان وبعض أحياء و مناطق ريف حلب الشمالي والغربي وبالتالي دخول روسيا الحليف القوي لنظام إيران وانضمام تركيا إلى حلف الشر من خلال تفاهمات أستانا واحتلالها لأجزاء من وطننا كوردستان وتسخيرها المعارضة السورية المسلحة كمرتزقة مأجورين لمصالحها الجيوسياسية في سوريا وليبيا .
 أمريكا وأوروبا وجميع حلفائهم يتعاملون مع إقليم  كوردستان كجزء من العراق ، بالرغم من الخصوصية التي تتمتع بها كجغرافية سياسية منذ عملية توفير الراحة لعام 1991 ، لهذا يتوقف على أمريكا إنهاء وجودها على أراضي الإقليم من عدمه  وفقاً لمفاعيل قرار البرلمان الاتحادي العراقي على إنهاء تواجد القوات الأجنبية في العراق في هذا اليوم 05.01.2020 ، إذا تم التنسيق مع الجانب الكوردستاني باتخاذ قرار من برلمان إقليم كوردستان يمهد لاتفاق تعاون إستراتيجي ببقاء القوات الأمريكية في تلك المنطقة . وفي حال تعذر ذلك ، سيكون البديل حتماً غرب كوردستان من خلال توسيع القواعد الحالية وتحديثها وجلب مزيد من القوات إلى شرق الفرات وربما فرض حظر جوي من قبل الحلفاء واعتبارها منطقة آمنة لمواجهة تداعيات الأزمة الحالية مع إيران وحلفائها . فنحن أمام أكثر من سيناريو قد يتقاطع بعضها مع مصالح شعب كوردستان في ظل متغيرات تعصف بمنطقة الشرق الأوسط  وشمال أفريقيا .
Deutschland في 05.01.2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…