ان كنت صغيراً لاتلعب مع الكبار أردوغان وحلف الناتو

أكرم الملا
تخلت تركيا وبسرعة فائقة عن شرطها المُعلن من قبل السلطون أردوغان حول عدم موافقة تركيا بالتعاون مع حلف الأطلسي في نشر الأسلحة في بولندا ودول البلطيق، حتى تقُر دول الناتو ان قوات ” قسد ” أو على الأصح وحدات YPG كمنظمة ارهابية وذلك لمحاربة الكورد من خلال هذه الحجة الواهية، حيث أعلن أمين حلف الناتو إن تركيا تخلت عن شرطها تجاه الحلف خلال الاجتماع في لندن، وتطرق أمين عام حلف الناتو الى أن المناقشات لم تشمل مسألة تصنيف YPG كمنظمة ارهابية وفق الرؤية التركية.
من الواضح أن تراجع الصغير أردوغان عن شرطه كان نتيجة ضغوط مارسها الكبار في حلف الناتو، حيث هددوا أردوغان بحرمانه من بعض الامتيازات كعضو في الحلف وربما تصل الى مناقشة مسألة طرد تركيا من الحلف، حيث أعلن أردوغان أن تركيا وافقت على خطة الناتو بصدد منطقة البلطيق وبولندا، عكس ماكان يزعق به داخل تركيا من تهديدات ورسائل مبطنة الى دول الناتو، ولكن يبدو أن الكبار قاموا بفركة أُذن للصغير المتمرد بعد أن توسل الى الكبار بأن لا يتخلوا عن تركيا.
ان الإعلان التركي بالتخلي عن شرطه ودون توضيح الأسباب، انما يدل على أن الصغار لايحق لهم اللعب مع الكبار، حيث التصريحات الأردوغانية التي أصبحت معروفة ويطلقها أمام باب داره فقط وفي جميع الاتجاهات وبصوت عالي ومسعور،
سرعان ما يخفو صوته وينعدم كلياً اذا ما تلقى تنبيهاً أو انذاراً من الكبار أصحاب القرار الفعلي في العالم، ربما تركيا بمقدورها أن تتمرجل على دولة منهكة بالحرب كسورية، ولكن هيهات لها بمواجهة الأقوياء، وذللك الاقتصاد ” القوي ” الذي يتبجح به أردوغان، ينهار بتغريدة واحدة من الرئيس الأميركي ترامب.
أن العلاقات التركية مع دول الناتو قد وصلت الى مرحلة عالية التوتر، وخاصة بعد التصريحات المتبادلة بين زعماء الناتو والصغير أردوغان، وخاصة الرئيس الفرنسي ماكرون الذي ذهب الى حد التصريح حول علاقة تركيا بمقاتلي ” داعش ” وتوفير الملاذ الآمن لهم وتسهيل حركة مرورهم عبر تركيا الى سورية.
كما أن التوجه التركي نحو الدب الروسي، العدو التقليدي لحلف الناتو، وشراء منظومة صواريخ اس 400 قد استفز الكبار في حلف الناتو ، وحذروا أردوغان أكثر من مرة بسبب توجهاته التي تخالف مواثيق الصداقة والتعاون في حلف الناتو وطلبوا منه الابتعاد عن التهور والعنجهية والحماقة، لكن السطان الصغير قد نسي أنه متواجد في حضرة الكبار، وأن هذا التواجد يتطلب التقيد بأُصول ثابتة وسلوك متميز.
ان الكبار رغم ذلك عليهم مآخذ بصدد تعاملهم مع الصغير لأنهم منحوه الضوء الأخضر لغزو سورية والمناطق الكوردية واحتلالها وممارسة القتل والنهب، وتشريد الناس، كل هذا نتيجة صفقات معينة وانطلاقاً من مصالح معينة عقدها الكبار مع الصغير، لكن المشكلة هي عندما يتعامل الكبار مع الصغار لتنفيذ مهمة محددة أو القيام بما هو مرسوم، الصغار ينسون أنهم صغاراً ويتهيء لهم أنهم كبار وأصحاب قرار ونتيجة وهم العظمة أحياناً يتجاوزون الضوء الأحمر وهذا بحد ذاته خطر محتوم .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…