المثقف الكوردي و «شعور القزامة»

أكرم الملا
الشعور بالدونية، إحساس بالنقص الثقافي والاجتماعي وحتى السياسي إزاء الآخر، فعندما تتم المقارنة بين ثقافتين، تجلد الأولى نفسها، ويردد أصحابها بشعور مازوخي بأن ثقافتهم واهنة مقارنة بالثقافات الأخرى، وغالباً تتم مقارنتها بثقافة بعينها، بأسلوب جلد الذات وشعور القزم الثقافي تجاه الآخر، وهذا النوع من الشعور يتم تناقله عبر الأجيال، وهذا يعني وجود جذور عميقة لهذا النوع من الشعور في عقلية وذهنية وذاكرة المثقف الكوردي وهنا الطامة الكبرى، تبقى تستثير السؤال المؤلم، لماذا يدهمنا هذا الشعور بالنقص إزاء ثقافات أخرى، لاسيما شبابنا، فيذهب بعضهم مذاهب ثقافة الانحراف.
وإن تحدثنا بصراحة، المقارنة بين الثقافة الكوردية من جهة وبين الثقافات الأُخرى، تنشر في أعماقنا نوع من الشعور النقص مؤذٍ وموجع، وهذا ما يسمونه المهتمون بالشأن الثقافي بأنه شعور بالدونية الثقافية تجاه الآخر فيما نحن نتساءل، لماذا ثقافتنا قاصرة عن تقديم التجسيد المعنوي والمادي الذي يشبع منزلة انساننا الكوردي ويحمي فرديته وقيمته؟، ولماذا يدهمنا شعور شبيه بدونية التفكير والتحليل مقارنة بالأخر؟.
نحن بالطبع لسنا في مجال المقارنة بين ثقافتنا وفكرنا الكورديين وثقافة الغرب أو الشرق، إلا أن ما نسعى اليه وبكل صلابة وجدية هو نبذ الشعور بالدونية، لأنه شعور يستلب منا حقوقنا وقدراتنا قبل أن ندرك خطورة ما يحدث، والمشكلة الكبيرة هي بإمتداد هذا الشعور الى أجيالنا القادمة، نحن نحتاج الى ثقافة واثقة من نفسها لا تنظر الى نقاط ضعفها مقابل قوة الآخر، فهي ند قبل أن تكون تابع أو وليد، ويصح القول بأن الثقافة الكوردية تمتلك أحقية وجودها من دون أن تُمنَح هذه الدرجة، فهي تمتلكها من أعماق الزمن.
ما يُراد الآن هو وضع الأسس الفكرية العملية لاقتلاع الشعور بالدونية، خصوصا من رؤوس الشباب، فهؤلاء ربما لم يطلعوا بما يكفي على الجذور العميقة والمتأصلة لثقافتهم، وعلى القواعد الفكرية الإنسانية التي دامت مشتعلة ليس على المستوى الكوردي فحسب، وعندما يثق الشباب بثقافتهم عبر التوضيح والإفهام، فإن الحال سوف يكون مختلفا تماما، وسوف نقطف ثمار هذه الأعمال وهي ناضجة، وسيكون شبابنا في مأمن من (الشعور بالدونية)، حينما يتم توضيح الملابسات كما ينبغي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…