تجمع الملاحظين
مع اقتراب الدولة العثمانية من نهايتها، وإعطائها المزيد من الامتيازات للأقليات فيها؛ دعت إلى اشتداد حدة المطالب الأرمنية، فبلغت إلى حد الانفصال عن الدولة. في أول جلسة للبرلمان العثماني إبان عهد السلطان عبد الحميد الثاني. واستمر الأرمن في المناداة بمطالبهم بعد خلع السلطان عن سدة الحكم؛ حيث أعلن نائب أرمني في برلمان الاتحاد والترقي الجديد، أنه أعد ستين قنبلة وفجرها في عهد السلطان عبد الحميد، والآن يعد القنبلة الحادية والستين.
ولم يكن هذا النائب شخصا عاديا! بل وكان من كبار القياديين الذين قادوا التمرد على الدولة العثمانية في ست ولايات كردية من الدولة العثمانية؛ التي للأرمن تواجد فيها، ومنها ما كانت متاخمة للحدود الروسية. وفيها كان التمرد الأرمني قويا: ديار بكر، بدليس، أرضروم، وان، خربوط، وسيواس. ولم تقصر روسيا القيصرية في إمداد الأرمن بالمال والسلاح، وبالمقال كان الأرمن يمدونها بالمعلومات والرجال، وكانوا بمثابة طابور لروسيا في الخطوط الخلفية للدولة العثمانية، هذا ما حدا بالعثمانيين إلصاق تهمة الخيانة بهم، وعملت على ترحيلهم من تلك المناطق المتاخمة لروسيا. ونتيجة لذلك وقع العديد من الضحايا، وعلى إثرها بالغت الصحافة الأرمنية -المنتشرة في العديد من الدول الأوربية وأميركا- في عدد الضحايا، معتبرة التهجير قسريا، فألهبت بذلك مشاعر الغرب. واستغلها الغرب كذريعة أخرى لتتدخل في الشأن العثماني الأرمني بمسوغ الإنسانية. وجدير بالقول: رغم إلهاب المشاعر، عمل الغرب على تقوية نفوذه في الدولة العثمانية، دون المراعاة المتوخاة للمسألة الأرمنية.
وعلى خلفية الضغائن الموروثة ضد الدولة العثمانية اعتبرت أوربا بحكوماتها، وشعوبها، وباحثيها، ودارسيها الدولة العثمانية ورما مشوها لوجه أوربا الجميل، يجب إزالته. واعتبرت دينها الإسلامي نموذجا مشوها لليهودية وتصحيحا خاطئا للمسيحية، وأنه ثورة لقبائل بدائية همجية من العرب. هذا ما اعترف به المستشرق مالكولم ياب لدى دعوته إعادة تقييم كتابة تاريخ الدولة العثمانية من وجهة نظرٍ محايدٍ، بعيدٍ عن تراكمات الماضي، معتمدٍ على مصادر وثائقية مركومة في الأرشيفات العثمانية، وفي أرشيفات معظم الدول التي حكمتها. رغم ادعاء الغرب بالحياد العلمي للتاريخ، والحقوق؛ إلا أنه لم يكن كذلك، ولن يكون! إلا إذا دعت مصالحها إلى ذلك؟
يتبع
تجمع الملاحظين، عنهم:
كاوار خضر