وثائق مهمة (5) الأرمن في أواخر الدولة العثمانية

تجمع الملاحظين
مع اقتراب الدولة العثمانية من نهايتها، وإعطائها المزيد من الامتيازات للأقليات فيها؛ دعت إلى اشتداد حدة المطالب الأرمنية، فبلغت إلى حد الانفصال عن الدولة. في أول جلسة للبرلمان العثماني إبان عهد السلطان عبد الحميد الثاني. واستمر الأرمن في المناداة بمطالبهم بعد خلع السلطان عن سدة الحكم؛ حيث أعلن نائب أرمني في برلمان الاتحاد والترقي الجديد، أنه أعد ستين قنبلة وفجرها في عهد السلطان عبد الحميد، والآن يعد القنبلة الحادية والستين.
 ولم يكن هذا النائب شخصا عاديا! بل وكان من كبار القياديين الذين قادوا التمرد على الدولة العثمانية في ست ولايات كردية من الدولة العثمانية؛ التي للأرمن تواجد فيها، ومنها ما كانت متاخمة للحدود الروسية. وفيها كان التمرد الأرمني قويا: ديار بكر، بدليس، أرضروم، وان، خربوط، وسيواس. ولم تقصر روسيا القيصرية في إمداد الأرمن بالمال والسلاح، وبالمقال كان الأرمن يمدونها بالمعلومات والرجال، وكانوا بمثابة طابور لروسيا في الخطوط الخلفية للدولة العثمانية، هذا ما حدا بالعثمانيين إلصاق تهمة الخيانة بهم، وعملت على ترحيلهم من تلك المناطق المتاخمة لروسيا. ونتيجة لذلك وقع العديد من الضحايا، وعلى إثرها بالغت الصحافة الأرمنية -المنتشرة في العديد من الدول الأوربية وأميركا- في عدد الضحايا، معتبرة التهجير قسريا، فألهبت بذلك مشاعر الغرب. واستغلها الغرب كذريعة أخرى لتتدخل في الشأن العثماني الأرمني بمسوغ الإنسانية. وجدير بالقول: رغم إلهاب المشاعر، عمل الغرب على تقوية نفوذه في الدولة العثمانية، دون المراعاة المتوخاة للمسألة الأرمنية. 
وعلى خلفية الضغائن الموروثة ضد الدولة العثمانية اعتبرت أوربا بحكوماتها، وشعوبها، وباحثيها، ودارسيها الدولة العثمانية ورما مشوها لوجه أوربا الجميل، يجب إزالته. واعتبرت دينها الإسلامي نموذجا مشوها لليهودية وتصحيحا خاطئا للمسيحية، وأنه ثورة لقبائل بدائية همجية من العرب. هذا ما اعترف به المستشرق مالكولم ياب لدى دعوته إعادة تقييم كتابة تاريخ الدولة العثمانية من وجهة نظرٍ محايدٍ، بعيدٍ عن تراكمات الماضي، معتمدٍ على مصادر وثائقية مركومة في الأرشيفات العثمانية، وفي أرشيفات معظم الدول التي حكمتها. رغم ادعاء الغرب بالحياد العلمي للتاريخ، والحقوق؛ إلا أنه لم يكن كذلك، ولن يكون! إلا إذا دعت مصالحها إلى ذلك؟
يتبع
تجمع الملاحظين، عنهم:
كاوار خضر

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر أثناء عودتنا من بروڤا (فرقة نارين) للفنّ والفلكلور من قرية اللطيفية، وكان يوم الجمعة، حيث كان موعد مباراة الجهاد والفتوة، وذهب بعض شباب الفرقة لحضور المباراة وأنا عدتُ للمنزل وخلدتُ للنوم.. ولم يمضِ من الوقت إلا القليل وإذا بباب البيت يُطرَق بقوةٍ، وكنتُ قد فقدتُ التوازن من صوت الباب، وحين فتحتُ الباب رأيت…

د. محمود عباس   الاتفاقية الموقعة بين قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، السيد مظلوم عبدي، ورئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع، الذي كان قائداً لهيئة تحرير الشام، تفتح الباب أمام نقاش سياسي عميق حول مستقبل الإدارة الذاتية ودورها في سوريا القادمة. لأول مرة في تاريخ الحركة الكوردية، لا يقتصر الأمر على مجرد الاعتراف بالكورد، بل يتم التوصل إلى اتفاق…

إبراهيم اليوسف   الاتفاق الذي تم اليوم، في دمشق بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات قسد مظلوم عبدي يمثل خطوة تاريخية غير مسبوقة في سوريا الحديثة، ويشكل حجر الأساس لمئوية جديدة. لمئويات، تحمل في طياتها تطلعات مختلفة للشعب السوري بمكوناته كافة، وعلى رأسها الكرد، الذين كانوا لعقود ضحية للسياسات الإقصائية والتهميش الممنهج، وآن لهم أن يعودوا إلى مسرح الحياة والتاريخ…

صالح بوزان   إن ما يحدث في الساحل السوري من مجازر بحق الطائفة العلوية، والتي بدأت في السابع من آذار على يد الفصائل الجهادية الإسلامية المتطرفة والمنضوية تحت لواء ما يسمى “وزارة الدفاع” للحكومة الانتقالية المؤقتة بقيادة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) في دمشق، يُعد جزءاً من استراتيجية مدروسة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية خاصة. وقد تم ذلك بدعم…