سوريا أمام تغييرات كبيرة… هل الكورد جاهزون لها؟

عزالدين ملا

 

الصراعات والتناقضات المتسارعة في سورية وخاصة في غرب كوردستان، في وقت تعقد اجتماعات لأعضاء اللجنة الدستورية، وتشكيل لجنة مصغرة للبدء بوضع دستور جديد، يحدث إزدحام بين القوات الدولية في غرب كوردستان بحيث يتم توزيع مناطق نفوذ وتسيير دوريات، وبالأخص أمريكا وروسيا وتركيا، وانتشار للجيش النظام خلف نقاط تسيير الدوريات. 
يتم تشكيل دستور جديد لسوريا وما زال الوضع العسكري قائما، حيث العمليات العسكرية للاحتلال التركي على المناطق الشمالية، كما نعلم ان مناقشة الدستور تحصل بعد الانتهاء من الوضع العسكري والانتقال إلى العملية السياسية. 

في هذه الظروف الحساسة والمتسارعة- حيث ينبئ بحدوث تغيرات ليست فقط على الساحة السورية وأيضا على الساحة الإقليمية والدولية- هناك نداءات للتقارب كُردي- كُردي، فوحدة صف وموقف الكُردي يقوي حظوظ الكُرد في مستقبل سوريا.

ما تفسيركم للوضع القائم في غرب كوردستان؟
عن الوضع القائم في غرب كوردستان يرى عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا، بشار أمين: أنّهُ، تحصيل حاصل لما جرى من اتفاقات او توافقات بين الأطراف المعنية بما هي تركيا وامريكا في البداية، حيث أمريكا سعت لإقناع تركيا بطرحها حول ما أسموها المنطقة الآمنة، كما سعت من جانب آخر لإقناع قيادة قسد للانسحاب الى مسافة 32 كم عن الحدود التركية مع سوريا، ولِما لم تُفلح في إقناع أي الطرفين هو الطرف الآخر، ما جعلها تدير الظهر للوضع بزعم الانسحاب من سوريا في حين يعلم الجميع أن أمريكا لن تنسحب من سوريا ولن تترك مصالحها من النفط والغاز في شرق نهر الفرات، وبمعنى أدق أمريكا اعطت الضوء الأخضر لتركيا لغزو المناطق المعنية ( بين سري كاني “رأس العين” وكري سبي “تل ابيض” ) حيث، تنفيذ المرحلة الأولى – بزعم تركيا- من المنطقة الآمنة، لتكون النتائج الوخيمة على تلك المنطقة وأهلها من مختلف المكونات وخصوصا الكورد حيث الاستشهاد من مدنيين ومقاتلين، الى جانب الأعداد الكبيرة من الجرحى، فضلا عن النزوح والتهجير لتكون الأموال والممتلكات عرضة للنهب والسلب والسرقات، ليأتي بعد ذلك الاتفاق الروسي التركي كـ مكمل لما سبقه، فقد قبلت قسد الانسحاب الى مسافة 32كم عن الحدود السورية التركية، ذلك درءً للمزيد من المخاطر على المنطقة وأهاليها، وعلى أن تكون هناك دوريات روسية تركية مشتركة في مسافة عشرة كيلومترات على طول الحدود وذلك ما حصل، وحتى دون إلزام تام لتركيا لوقف اعتداءاتها، وفي هذا مؤشر على توافق أمريكي روسي تركي.
ويتابع عن ذلك، عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، عبدالرحمن آبو: تشهد مناطق كوردستان-سوريا عمليات حربية تقودها تركية بالتعاون مع ما يسمى الجيش الوطني بفصائله المرتزقة…وبالتعاون مع النظام السوري الذي لم يتوان لحظةً في الانتقام الممنهج من الشعب الكُردي في كُردستان-سوريا، وخاصةً بعد انتفاضة ٢٠٠٤ المجيدة، اخذ في التصعيد العسكري تجاه الوضع الكُردي، وتبدّى ذلك في جملة الاغتيالات للجنود العسكريين الكُرد في صفوف النظام حيث وصل عدد الجنود الشهداء حوالي ٢٠٠ عسكري كُردي تحت مسمى الانتحار، وقتل السياسيين والنشطاء الكُرد في أقبية النظام تحت مسميات عدة، والآن ومنذ الثورة السورية- تحولت إلى ازمة- وحتى الآن أخذ النظام في تعامله منحى جدّياً في التعامل مع الوضع الكُردي بالحديد والنار وقامت بعمليات الاغتيال لنشطاء الثورة- الشهيد مشعل تمو وجوان قطنة- وصنعت قوات وبالتعاون مع تركية الطورانية قوات ما يسمّى ypk وفيما بعد (( قسد )) وأسايش وبتمويل سوري- تركي مشترك للقضاء على الشعب الكُردي في كُردستان-سوريا، واضحت مناطق كُردستان-سوريا ساحة حقيقية للمعارك المبرمجة بين دول إقليمية تحمل الحقد والكراهية للشعب الكُردي ( تركية- إيران ) ودول كبرى لا ترى في سوريا إلا مصالحها ( أميريكا وروسيا )، وقامت هذه الدول المعنية وبالتعاون مع النظام في احتلال منطقة عفرين الكُردستانية، وارتكاب أبشع الجرائم من قتلٍ وتدمير للبنى التحتية ومن ثمّ سري كانية ( رأس العين ) وگري سبي (تل أبيض )، وهناك لا تزال العمل جار في احتلال كامل كُردستان-سوريا تحت يافطة المنطقة الأمنية، وتفعيل اتفاقية أضنة ١٩٩٨ والتعديلات التي تجري الآن عليها، والخوف الأكبر آتٍ والمتفق بين أمريكا وروسيا هو المحقق، إنها الحرب القذرة المبرمجة وضحيتها أبناء شعبنا الكُردي للأسف، الآن سنلاقي القتل والتشريد، لكن سيكون لنا  فسحة تحت الشمس.
ويقول عضو الهيئة الاستشارية لـ PDK-S، شريف علي: بداية أود التنويه الى مصطلح غرب كُردستان الذي تضمنه سؤالكم، والاصح هو كُردستان الغربية. اما قراءتي للوضع الذي يمر به  فهي بلا شك تنبع من المقولة القاضية بان نفط كُردستان وثرواته الوبال على شعب كُردستان في ظل تغييب  الدولة الكُردستانية من جانب القوى العظمى قديما وحديثا، ان ما تشهده سوريا امتدادا للصراعات الدولية التي افرزت سايكس بيكو، وغيرها من اتفاقيات تقاسم النفوذ تم خلالها تهميش اطراف اصبحت هي الآن ذات هيمنة اقتصادية على المستوى العالمي، وان محاولة الإجهاز على تلك الاتفاقية بدأت بالغزو الداعشي على سوريا والعراق، ما يعني استمرارية الصراع لحين الخروج بصيغة اتفاق جديد يكون لروسيا وامريكا الدور الفاعل في المنطقة، ما اعنيه ان الصراع ليس بين روسيا وامريكا بقدر ما هو بين امريكا واوربا التي تتشبث بنفوذها على ضوء خارطة  سايكس بيكو، اما ما نشاهده من صراع اقليمي فهو بمجمله لا يتجاوز أدوار لاعبين ثانويين. يتم إسنادهم مهمة المواجهة المباشرة تحت مظلة الحفاظ على كياناتهم المصطنعة، وبأهداف ذات بُعد اكبر تتمثل تقطيع اوصال الاطراف الاقليمية القائمة والخروج بحالة من شأنها دعم المشروع البديل لسايكس بيكو، وبالتالي تكون الضحايا هم من ابناء المنطقة حيث الشعب الكوردي. ربما كان يمكن ادارة وجهة هذا الصراع بما يبعد الويلات قدر المستطاع عن الشعب الكوردي، وهذا ما تم في مراحل سابقة، لكن تجاهل مستقبل ومصير ابناء كُردستان والانخراط في الجبهة المعادية للاستحقاق الكُردي من جانب البعض من الكُرد لقاء امتيازات وقتية لاشخاص او كيانات سياسية فهو ما زاد من وتيرة شراسة وهمجية الاعداء، والانظمة الغاصبة لكُردستان تحديدا، ممن يبحثون على الدوام عن موطئ قدم في الجسد الكُردي. وهو الكابوس الذي ارهق الشعب الكُردي على مدار تاريخه النضالي.
 
كيف يمكن مناقشة الدستور ومازالت العمليات العسكرية مستمرة وعلى عدة مناطق؟
يؤكد أمين: أنّه، من الضروري البدء بالعمل السياسي أو الدبلوماسي بعد الانتهاء من العمليات القتالية، وهذا ما حصل في البداية، أي بعد وقف اطلاق النار في ادلب تم الاعلان عن انتهاء الأعمال العسكرية في سوريا للانتقال الى استئناف العمل الدبلوماسي، وتم الاعلان عن الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية على النحو الذي رأيناه في جنيف، وبدى أن الجانب التركي غير آبه بما حصل، واستغل فرصته للاتفاق مرة مع أمريكا وأخرى مع روسيا لتحقيق مآربه في غزو كوردستان وشمال سوريا بذريعة حماية أمنه من المخاطر، وحقه في الدفاع عن حدوده وسلامة بلده، على العموم، قد لا تتوقف اللجنة المعنية عن العمل من أجل وضع دستوري جديد بسبب الأعمال العسكرية الأخيرة، وربما تعترض اللجنة العديد من العراقيل والعقبات التي يختلقها النظام السوري، ليطول الأمد في الإنجاز النهائي للدستور، وهكذا بالنسبة للعمليات العسكرية الأخيرة هي الأخرى ربما يطول أمدها إذا لم تتدخل الأمم المتحدة أو دول أخرى مثل ألمانيا للعمل من أجل فرض غطاء جوي على المنطقة بمعنى فرض حماية دولية عليها لقطع أي دابر أو ذريعة لدى تركيا ورفع الحالة المتوترة القائمة في منطقتنا.
يشير آبو: أنّه، لم يبق في الجيب الوطني شيء وخاصة بعد ثماني سنوات من الاستنزاف والخراب، لا النظام ولا المعارضة ليس بأيديهم شيء، الحلول جاهزة حسب رأيي من دستور وطبيعة الدولة التي سوف تقوم، سوريا المستقبل ستكون مختلفة تماما عن سوريا قبل ٢٠١١، المصالح الدولية من أولويات الدول الكبرى وخاصة امريكا وروسيا.
ويعتقد علي: ان مناقشتها بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية في مختلف المناطق وتفوق واضح من جانب النظام وحلفائه في الموقف العسكري يعكس ان الصيغة النهائية معدة مسبقا، وبالتالي اي مشروع يناقش من جانب الحاضرين لا يمكن ان يتجاوز ما هو معد، واي اصرار على ما هو وارد يُجابه بضغط عسكري على الارض بالاتجاه الذي يفرض القبول به، خاصة اذا علمنا ان رعاة اعداد ذلك الدستور لكل منهم ممثلوه في لجنة مناقشة الدستور بما يضمن نصاب الموافقة على اي مقترح  يتم طرحه.
 
ان هذا الكم الهائل من التدخلات من قبل الدول الكبرى يشير الى أن سوريا امام تقسيم، ما رأيكم ؟ ولماذا ؟
أضاف أمين: في الحقيقة، ما زاد في اشتداد الأزمة السورية هو التدخل العسكري للعديد من الدول، منها اقليمية “إيران وحزب الله وتركيا”، وأخرى عظمى مثل التحالف الدولي بقيادة أمريكا، وكذلك روسيا، الى جانب التدخلات السياسية للعديد من الدول الأخرى، وقد أدى بالفعل هذا التدخل الى توزيع شكل من مناطق النفوذ أبرزها أمريكا وروسيا وتركيا، وإيران متغلغلة في مفاصل الدولة السورية، وعلى أن جميعها لحماية سوريا ومصلحة شعبها، وتدعو في مجملها الى وحدة سوريا أرضا وشعبا، وعليه ورغم توزيع مناطق نفوذ تلك.
ويرى: أنّه، من المستبعد تقسيم سوريا الى دويلات أو كيانات متعارضة، بل المتوقع أن يتم التمهيد لبناء سوريا المستقبل على أساس لامركزية سياسية أو إدارية أو بمعنى آخر (دولة أقاليم اتحادية) وهذا ما يطرحه البعض صراحة، ولعل مبدأ اللامركزية السياسية ( بصيغة الدولة الفيدرالية ) هو الأكثر نجاحا وهو المعمول به في العديد من الدول الديمقراطية المتقدمة، لأن الدولة الفيدرالية هي الدولة المتماسكة طوعياً وليس قسرياً، أي أن الفيدرالية وحدة وليست انقساماً كما يفهمها البعض.
أكد آبو: من المسلّم به حتماً سوريا المستقبلية وبعد الذي حصل لن تكون سوريا قبل ٢٠١١ وسيكون هناك تغيير جذري وحسب مصالح الدول الكبرى، هندسة منطقة الشرق الأوسط منذ القديم بيد الغير.
يرى علي: ان التدخلات الخارجية في المنطقة عموم ليس بالامر المستجد، بل كل ما تعانيه سوريا هي نتاج التدخلات الخارجية في الشان السوري، وكما افضت تلك التدخلات الى تجميع دويلات عدة في اطار الدولة السورية فان الواقع الحالي وما سبقته من مرحلة دموية لم يسلم منها بيت سوري وبأيدي سوريين، ما جعل الشرخ عميقا بين مكونات المجتمع السوري. وامكانية التعايش المشترك بات امرا مستبعدا في المرحلة الراهنة، ما يستدعي اطارا تفاهميا مغايرا لاي نموذج يحمل في طياته المفاهيم العنصرية والتسلط والاقصاء ورفض الآخر، على ضوء ذلك فان التقسيم وارد وان يطول امده نوعا ما.
 
كيف ترون مستقبل الكُرد في كُردستان سوريا؟
رأى أمين: ان القضية الكُردية بمجملها باتت مطروحة على المحافل الدولية، وقد أخذت أبعادها السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً، بعد أن تصدى الشعب الكُردي عبر البيشمركة البواسل وعموم مقاتليه للهجمات الإرهابية وخصوصا القوى التكفيرية ( داعش وأمثاله )، وأكد على أنه شعب حي يظل يكافح ويناضل بإصرار من أجل انتزاع حقه المشروع في الحياة حرا كريما، أما القضية الكُردية في سوريا فقد ازدادت سخونة، وحمّلت أهمية استثنائية بعد تعرض كُردستان سوريا وشعبها لحملات عسكرية جائرة بل مدمرة وويلات ابان الغزو التركي سواء في عفرين ومناطقها أو في المناطق الأخرى من كُردستان ( سري كاني وكري سبي ) ما جعل القضية الكُردية موضع اهتمام المجتمع الدولي اكثر مما كان عليه، وجعل النظام التركي عرضة لحملات الإدانة والإستنكار من ذات الجهات الدولية، وعليه فإن القضية الكُردية في سوريا ستأخذ سبيلها الى الحل لا محال ولن تتراجع كما يتخوف البعض، ولعل مستوى الحل يتوقف عند وضع شعبنا الكُردي وقواه السياسية، أي بقدر تماسكها وتضافر جهودها يمكنها رفع مستوى الحل، والعكس بالعكس.
يؤكد آبو: أنه، سيكون للكُرد وجود ودورٌ مهم وقادمات الايام تحمل الكثير من المفاجآت، سيكون في سوريا المستقبل إقليم كُردي ( كُردستان-سوريا).
ويردف علي: انّ وضع الشعب الكُردي في كُردستان الغربية يمر بأدق المراحل ومصير ومستقبل الشعوب غالبا ما يتم تحديد في مثل هذه مراحل ولا اظن ان هذا التحديد يتم بمعزل عن توافقات دولية بشان المنطقة عموما وسوريا على وجه التحديد، بالنظر للاهمية الاستراتيجية لكُردستان الغربية في مستقبل المنطقة ففي الوقت الذي تسعى فيه بلدان الطوق الغاصب لكُردستان الغربية الى انهاء الوجود الكُردي بشتى الاساليب بما فيها الابادة العرقية ومحاولة تمزيق خارطة كُردستان الغربية كوحدة جغرافية متصلة من عفرين الى ديريك، عبر عمليات تغيير ديموغرافي ممنهج، بغية تأكيد ذرائعها بان هذه البقعة الجغرافية لم تكن في يوم من الايام كُردستانية، في ذاك الوقت وبفعل استمرارية النضال القومي للشعب الكُردي في هذا الجزء منذ منتصف القرن الماضي نجد وعلى المستوى الدولي من يرى من الاهمية الاقرار بالوجود الكُردي وشراكته بالكيان السوري، لكن ربما لا تتطابق هذه الرؤية في ثظل الصراعات الدولية القائمة مع متطلبات الاستقرار الاقليمي، ما يعني ان سياق الحل في سوريا يتضمن حل جزئي لقضية الشعب الكُردي، وحتى هذا الحل مرهون بتوافق دولي واقليمي ذات اهمية بالغة بالنسبة لمستقبل القضية الكُردية على المستوى الكُردستاني، والتي باتت تشكل بحد ذاتها نقطة مفصلية في مسار صراعات القوى العظمى وما يتعلق بمستقبل المنطقة عموما.
 
ماذا تقولون للأطراف الكوردية للسير بالاتجاه الصحيح؟
أشار أمين: انّ المطلوب من الأطراف الكُردية عموماً و( PYD ) على وجه الخصوص اجراء مراجعة نقدية ودقيقة، والوقوف بجدية وجرأة على ما اقترفه من الأخطاء السياسية والعسكرية في علاقاته الداخلية والخارجية كي لا يتعرض للخداع والتضليل مرة اخرى وعلى أمل تجنبها مستقبلا والاستفادة منها في ممارساته وتعاطيه مع الشأن السياسي، والعودة الى أحضان المشروع القومي الكُردستاني، والتعاطي بجد مع القوى الكُردية الأخرى وخصوصا المجلس الوطني الكُردي على أساس الشراكة الحقيقية في القرار السياسي والعمل الإداري وحتى العمل العسكري، وحري بالجميع العودة الى اتفاقية دهوك مع التعديلات المناسبة للمرحلة، وذلك بعد التمهيد لها بتوفير الأجواء والمناخات المناسبة لتحقيق الثقة المتبادلة بين الأطراف المعنية، بعيدا عن إطلاق الدعوات للاستهلاك الإعلامي او التكتيكي لجر الآخرين الى مواقع الخطأ بدل العمل النضالي المشترك نحو تفعيل الطاقات والامكانات المتوفرة من أجل تحقيق أماني وآمال شعبنا وفق الرؤية المشتركة لعموم الأطراف الكُردية، وبما لا يتعارض مع العهود والمواثيق الدولية، وعبر الاستفادة من دور الأطراف الصديقة لشعبنا الكُردي دولاً وشعوباً ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني.
ويُسحب آبو بالقول: الحركة التحريرية الكُردية في كُردستان-سوريا هي حركة تاريخية أصيلة، منذ تأسيسها عام ١٩٥٧ وحتى الآن خاضت نضالاً سياسيا سلمياً، بوعي قومي ووطني سليم، لم يرتكب في تاريخها ما يسيء لها، والآن مجمعة في المجلس الوطني الكُردي كـ “عنوان قومي سليم” وحامل للمشروع القومي الكُردي والكُردستاني على نهج الكوردايتي (نهج البارزاني الخالد)، يحمل هدفاً قومياً ووطنياً (الديمقراطية لسوريا، والفدرالية لكوردستان-سوريا)، عليهم التمسّك بالثوابت القومية والوطنية، وان يشرحوا انفسهم للعالم الحر كما هم كـ قضية أرض (كُردستان-سوريا) وشعب (كُردي)، يعيش على أرضه التاريخية له كل الحق في تقرير مصيره بنفسة اسوةً بشعوب العالم وفق العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة، ان يكونوا مرنين في التعامل الدبلوماسي وثابتين في الموقف الوطني والقومي.
ويختم علي: انّ الخلاف في وجهات النظر بشأن اية قضية امر طبيعي، فاذا كانت جميعها تصب في خانة سبُل الوصول الى الحلول او الحل الممكن لها، يكون من السهل الالتقاء، وعلى افضل الحلول، ولا داع لتوجيهها. لكن ما دامت الخلافات لا تصب في خانة محاولات ايجاد الحلول لا يمكن لها ان تلتقي، ما اعنيه ان الحركة الكُردية في كُردستان سوريا تعيش ازمة ليس من ذاتها وانما طعمت بها لخلق حالة من التضاد بين مكونات الحر كة.
رأى: ان اي سعي للسير بالاتجاه الصحيح لابد ان يبدأ بالتخلص من ترسبات ذلك الطعم المميت، والاقرار بفشل المشاريع الدخيلة على الحركة الكُردية التي ذرت بتضحيات الشعب الكُردي لمصلحة الاخرين. والعودة والالتفات لمصلحة الشعب الكُردي وطموحاته واهدافه القومية, وأؤكد على الاهداف القومية، لان العمل خارج اطارها ودون رايتها مهما كانت الإدعات تبقى زوبعات ذات اهداف ليست منسجمة مع اهداف الكُرد فحسب بل تعمل بالضد منها، وتسعى الى تصفية القضية الكُردية في كُردستان الغربية.
 
ما يشبه الخاتمة:
لذلك نرى ان كل ما جرى على الساحة السورية عامة والمناطق الكُردية خاصة ان سورية وكذلك كل ما يجرى في منطقة الشرق الأوسط ان المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية، يعيد رسم الحدود التي مضى عليه أكثر من مئة عام.
وايضا هناك بوادرة بإلغاء بعض الاتفاقيات والتي أصبحت كلاسيكية، وظهور اتفاقيات جديدة، والدول الكبرى وخاصة أمريكا وروسيا تبحث عن قوى جديدة لربط مصالحهم مع مصالحها.
وهنا يتطلب من الحركة الكُردية العمل بشكل جدي للتواصل مع الكبرى، لأن مصالح تلك الدول تمر بشكل أو بآخر من خلال مصالح الكُرد، وبذل جهود كبيرة لتحقيق تلك الترابط في المصالح، فنحن أمام مستحقات كبيرة وللكُرد نصيب فيها إن كنّ ذا موقف وهدف موحد. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…