وعلى ضوء مقررات بيان جنيف (1) التي تضمّنت، تشكيل هيئة حكم انتقالي وبكافة الصلاحيات بحيث تكون احد مهام هذه الهيئة خلق بيئة امنة ومحايدة والانتقال الى موضوع الدستور ومن ثم الانتخابات والاستفتاء، وما نراه الآن هو الانتقال إلى الدستور دون المرور بكل تلك المراحل:
هل يمكن ان تكون الانتقال إلى موضوع الدستور هو التحايل على مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة؟ أم لا؟ ولماذا؟
عن ذلك أكد المحلل السياسي، أكرم حسين: ان مشكلة السوريين ليست في بنود الدستور الذي ستنتجه اللجنة الدستورية – وان كان ذلك على درجة كبيرة من الاهمية- بل بتعليق الدستور، وعدم العمل بمواده او إلتهامه بالكامل، لان الدستور ما لم يقترن بقوة تطبيقية واجرائية فلن يكون له اية قيمة سياسية او مادية. فالاتفاق بين القوى الاقليمية والدولية على تشكيل اللجنة الدستورية بعد خلاف دام لأكثر من عام ونصف لا يغير من قواعد الاشتباك كثيرا، رغم ان الدستور يعتبر من اهم المسائل في حياة الشعوب والدول، لأنه ينظم الحياة العامة، ويحدد الحقوق والواجبات خاصة اذا كانت هذه الدول متعددة الاديان والقوميات، ويبقى العبرة في تنفيذ بنود الدستور ومواده، رغم ان اغلب الانظمة الاستبدادية تضع دساتيرا يناسب مصالحها ولا تلتزم حتى بالدستور الذي تضعه.
وأضاف الحقوقي، معاذ يوسف: ان جميع الشعوب التي ثارت في وجه الدكتاتوريات والشعوب التي خرجت لتوها من الصراعات، والتي مرت بأوضاع استثنائية مثل ( الاتحاد او الانفصال) ضمنت مطاليبها وأوضاعها الجديدة كبنود في الدساتير التي وضعت لاحقاً، وبذلك يعتبر الدستور المكتوب ضمانة لعدم تكرار الممارسات السيئة السابقة، وعدم عودة الدكتاتورية، وتضمين الدستور شكل الدولة ونظام الحكم الناشئين بسبب اوضاع استثنائية ( اتحاد – انفصال )، وتدوين الحقوق الأساسية للشعب في الدستور لتفادي التجاوز على الحقوق والحريات الأساسية.
لذلك فإقرار دستور جديد يحفظ الحقوق والحريات والكرامة، ويعبر عن تطلعات الشعب السوري في مستقبل أفضل بعيدا عن الدكتاتورية، ستكون هي الغاية الاسمى لهذا الشعب عند توفر ضمانات دولية كافية لتنفيذه.
فالانتقال الى موضوع الدستور لا يعتبر تحايلا من حيث المبدأ بغض النظر عن المسائل الإجرائية وتعقيدات المشهد السوري والتجربة السورية تجربة فريدة مقارنة بتجارب الشعوب الاخرى التي عانت من نزاعات وحروب داخلية.
ورأى الكاتب والباحث ايمن ملا: إن الذي يجعل المواطن السوري يحمل رزمة من الشكوك في جعبته تجاه القرارات الدولية بشأن حلحلة الوضع في بلده هو أنه قد مرّت أكثر من ثماني سنوات والوعود الدولية تنطح بعضها البعض أمام أعين السوريين دون أن يشتمّوا منها أي رائحة لجديتها، وكذلك النظام السوري الذي حاول التحايل على شعبه منذ بدايات الثورة وحتى لحظة إقرار تشكيل اللجنة الدستورية الحالية الذي أعلنها المبعوث الأممي الجديد لدى سوريا السيد “غير بيدرسون” بعد أن أجرى لقاءات متنوعة مع أطراف دولية عديدة، وكذلك مع النظام السوري ومعارضته ومن قبله السيد ديمستورا، وإن الرؤى متباينة جدا بشأن الدستور واللجنة التي ستشرف عليه، إذ أن المعارضة لا تقبل إلا بصياغة دستور جديد للبلاد في حين أن النظام يطالب فقط بتعديلات بسيطة على دستوره الحالي بل إنه يحاول أن يمرر أي قرار يصدر من اللجنة الدستورية المكلفة تحت قبة مجلس الشعب والبرلمان السوري الحالي.
لذلك لا نستبعد أن يكون تشكيل اللجنة الدستورية بهذا الشكل تحايلا جديدا على الشعب السوري وخاصة من قبل الحلف الثلاثي الروسي والإيراني والسوري والتقارب التركي في الآونة الأخيرة من هذا الحلف للتدخل في موضوع الدستور، وواضح جدا تمسك هذا الحلف بزمام الأمور في سورية منذ بداية الأزمة ولحدّ اللحظة وبإمكانها أن تشكل الضغط على أعضاء اللجنة وأن ترجح الكفة لصالحه في الوقت الذي تراه مناسبا.
كيف يمكن العمل على وضع دستور ولم ننتقل إلى العملية السياسية؟
يقول حسين: ان المجتمع الدولي يؤكد على الحل السياسي للقضية السورية، والتي اصبحت معقدة وشائكة، نتيجة التدخلات والاحتلالات الخارجية من خلال الالتزام بالقرارات الدولية وخاصة القرار 2254، وقد فسر القرار السابق بسلال ديمستورا الاربع: الارهاب. الجسم انتقالي. الدستور. الانتخابات، عبر مهل زمنية محددة بالقرار لم يتم الالتزام بها، فالمعارضة اصرّت على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي قبل البحث بالسلال الأخرى لكن التوافق الدولي والمتحكم بمسار الحل السياسي وخاصة ثلاثي استنا عمل على عرقلة تشكيل هذه الهيئة ودفع بموضوع اللجنة الدستورية الى الامام، في ظل صمت امريكي واوربي.
وبالتالي فان اطراف الصراع قد عجزت عن تنفيذ شعارات الحسم والإسقاط، واضطرت الى التعامل بواقعية مع الوقائع العنيدة، وخاصة بعد التدخل الروسي في سوريا، ومنع النظام من الانهياراو السقوط المؤكد.
لقد ادى تشكيل اللجنة الدستورية مؤخراً الى وضع حد للنفي المتبادل بين الطرفين المتقاتلين في سوريا، فالنظام الذي رفض سابقا الاعتراف بشرعية المعارضة والجلوس معها واتهم الجميع بالإرهاب، بات اليوم يساويها في التمثيل باللجنة الدستورية وفي رئاستها ايضا، وفي ظل الحيز الجغرافي والسياسي القائم، والموزع بين ثلاث محاور قوة هي تركيا وامريكا وروسيا وايران، فان أي دستور سوري سينتج سيكون مشلولاً بالضرورة، وهذا يجعلنا نقول بان عناصر الحل السوري غير متوفرة اليوم، وبالتالي فان النظام السوري هو الرابح الاكبر في عملية تشكيل الدستور الحالي، لأنه اعتراف بشرعية النظام واستمرار لسيطرته على ما يستطيع، وتأجيل لمحاسبته على ما اقترفه بحق السوريين، وخاصة ان مدة عمل اللجنة غير معينة بجدول زمني محدد، والسؤال الطبيعي الذي يجب ان يسأل هنا: ما معنى ان ينتج الدستور في ظل عقلية السلطة القائمة ووجود عشرات الألاف من المعتقلين والمطلوبين والمهجرين، وتقسيم الشعب السوري الى وطنيين وخونة من قبل اطراف الصراع المختلفة، والاصرار على ذلك حتى اللحظة.
ولـ يوسف رأيٌ آخر ان: العمل على وضع دستور جديد أو اصلاح الدستور السابق هو من صلب العملية السياسية فأي عملية انتقال سياسي يجب ان تكلل بوضع دستور دائم للبلاد يعكس مطالب الشعب في الحرية والكرامة وتطلعاته نحو مستقبل أفضل.
أما هل البدء بوضع دستور دون وجود هيئة حكم انتقالي يعتبر صائبا أم لا؟ فهذا موضوع آخر ويحتاج للكثير من النقاشات.
أما ملا قال: لم تكن لـ اللجنة المكلفة بإنشاء دستور جديد للبلاد أية شرعية أصلا لأنها نشئت بأيادي غريبة وبغياب الشعب السوري المعني بالدستور وبوضع حدّ للأزمة القائمة في بلده التي أحرقت الأخضر واليابس وهو يشاهد كل ما يحصل وليس بيده حول ولا قوة، إذ كيف يمكن وضع دستور جديد للبلاد والأزمة لا زالت قائمة والمرحلة الأنتقالية في طيّ النسيان والتهميش، لذلك كان من الأجدر بالذين أطلقوا هذه البادرة أن يعودو إلى بيان جنيف(1) وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 على أقل احتمال، حيث ينص البيان: على تشكيل هيئة حكم إنتقالي أولا وبكافة الصلاحيات وغير مسيّسة من أي طرف، ثم بعد ذلك الإنتقال إلى مسألة الحل السياسي والإنشغال بالدستور والإنتخابات.
فالقفز فوق كل ذلك والشروع بإنشاء اللجنة أولا هو إرضاء للدول المستفيدة من الأزمة وضياع للوقت على حساب الشعب السوري، وبالتالي فلا أحد يضمن شفافية عمل اللجنة وألية إختيار مواد الدستور الجديد.
هل يمكن القول، بتشكيل اللجنة الدستورية بداية نهاية الأزمة في سورية؟
يرى حسين: ان تشكيل اللجنة الدستورية لا يعني بداية نهاية الأزمة في سوريا. بل هو استمرار للأزمة، في ظل الاستنقاع القائم وتعنت كافة الاطراف الدولية حول مواقفها، واحتلال اجزاء من التراب السوري من قبل جهات عدة، ولان الدستور هو مرتكز العملية السياسية المتعثرة بسبب تعنت النظام والجهات الداعمة له، فان هذه العملية ستسير لكنها ببطء شديد حسب مقتضيات الصراع ومصالح الدولة المتداخلة في الشأن السوري. صحيح ان السوريون هم المعنيون بالحل اولا واخيرا ويطمحون الى تحقيق اهدافهم في الحرية والكرامة، لكن القرار ليس قرارهم والحل ليس بيدهم، بل بيد روسيا وامريكا ومن ورائهم تركيا وايران، وما لم نشهد توافقا دوليا على الحل وانهاء المقتلة السورية، فلن يرى السوريون الامن والاستقرار.
أردف يوسف: لا نستطيع التكهن بأن تشكيل اللجنة الدستورية هي بداية نهاية الازمة السورية ولكنها خطوة هامة جدا وتحتاج للكثير من الخطوات فلانجاح عمل اللجنة لا بد من توفير الاجواء الآمنة وتسهيل عودة اللاجئين لضمان المشاركة المجتمعية على نطاق واسع في وضع الدستور وهذا يستوجب سحب القوات والميلشيات الاجنبية من كافة الاراضي السورية وابعاد أمراء الحرب عن التأثير على آراء كافة شرائح ومكونات الشعب السوري والاعتماد على قوى دولية محايدة كالامم المتحدة مع الدعم الكافي من المجتمع الدولي عامة وخاصة الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الاميركية وهذا ليس بالمستحيل اذا توفرت الارادة الدولية.
يضيف ملا: بإمكاننا القول بأن بوادر حلحلة الأزمة السوررية قد تلوح في الأفق لكن ليس من خلال تشكيل اللجنة المقررة بوضع الدستور الجديد، لأنه ولحدّ اللحظة لا أحد يعلم ماهية عمل اللجنة وصلاحياتها، وما إذا كانت تلك الصلاحيات حرة ومتعلقة بأعضاء اللجنة أم إنها قد فصلت وخيطت مسبقا خلف أبواب مغلقة، وهذا هو الغالب، ومن هو المشرف الحقيقي على سيرورة عمل اللجنة والوصول بالقرارات الصادرة إلى برّ الأمان، وكل عاقل يعلم بأن الإجابة على مثل هذه الأسئلة قد تم دفنها في تربة ناعمة بحيث يسهل التنقيب والوصول إليها في الوقت المناسب من قبل المستفيدين من خلخلة الوضع السوري وبقائه على حاله لأجل إجهاض العملية السياسية وعرقلتها.
وإن ما صرح به المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون عقب إعلانه بتشكيل اللجنة المقررة حيث قال: بأن مشروع اللجنة الدستورية إذا نفذ بشكل صحيح بالتوازي مع خطوات أخرى لم يكشف عنها معتبرا ذلك بأنها بداية الخروج من الأزمة الحالية. إلا إنه قد لا يساوي ما صرح به بيدرسون عند الشعب السوري سوى حبر على الورق لأنها لم تكن بإستشارتهم ولا برضاهم.
هل حجم التمثيل في اللجنة الدستورية له تأثير على حقوق المكونات أم لا( الكورد مثلا)؟ وما الخطوات المطلوبة من الكورد لتمكين حقوقهم في دستور سوريا المستقبل؟
أكد حسين: ان حجم التمثيل في اللجنة الدستورية له تأثير ومهم، وخاصة على المكونات وتحديدا الكُرد، لكن بالنهاية الامر منوط بالتوافق الدولي والداخلي- النظام والمعارضة- واعتقد رغم التمثيل الضعيف للمكون الكُردي ضمن اللجنة الدستورية، والذي لا يتناسب البتة مع نسبة وجودهم في سوريا 15-20 % لكن الكُرد لن يهمشوا داخل الدستور الجديد، وستكون لهم مواد تقونن حقوقهم وتحفظ مصالحهم بصفتهم سوريين اولا وكُرد ثانيا، لان بيان رياض 2 اشار الى وجود المكونات السورية المختلفة ووضع اسسا للتوافق السوري – السوري، ومن المحقق ان يكون للأطراف الدولية رأي في مواد الدستور المتعلقة بحقوق المكونات، والضغط على حلفائها لأنها اعلنت عن مساندتها لهذه الحقوق في معظم اللقاءات والمؤتمرات، ولا ننسى بان آلية اتخاذ القرار في عمل اللجنة الدستورية يمنع أي طرف من التحكم والاقصاء، فحتى لو حدث اجماع بين النظام والمعارضة على تمرير بند او رفض اخر، يحتاج الامر الى موافقة 13 عضو من قائمة المجتمع المدني، وفي هذا ما يشبه الاستحالة، قد لا يحظى الكُرد الى كل ما يطمحون اليه في الدستور القادم كالفدرالية او الحكم ذاتي إلا ان حقوقهم السياسية والثقافية والاجتماعية ستكون مصانة، ولن يعودوا كما كانوا بالأمس مهمشين ومضطهدين وتطبق بحقهم المشاريع العنصرية والشوفينية وتتخذ بحقهم الاجراءات التعسفية، ولكي يتحقق ما يتطلع اليه الكُرد في سوريا الجديدة: عليهم تجاوز خلافاتهم والعمل على ترتيب بيتهم الكُردي، وانهاء النزاعات التي تعصف بهم وتوحيد المواقف والرؤى، واكتساب الشرعية الوطنية والقومية من خلال عقد المؤتمر الوطني الكُردي السوري الجامع لتحقيق الوحدة الكُردية، وصياغة البرنامج الكُردي بشقيه القومي والوطني، وانتخاب قيادة شرعية وكفوءة بغية تصليب الموقف، وتعزيز الدور الكُردي في القضايا الوطنية والاقليمية، وصولا الى دستور جديد يفصل بين السلطات ويحترم الحريات العامة والخاصة، ويكفل حقوق جميع المكونات، بما فيه حق الشعب الكُردي في تقرير مصيره، اما اذا بقي الكُرد مشتتين في اطر واحزاب متناحرة فان ذلك سيضرهم وسيلحق الاذى بهم حاضرا ومستقبلا.
اضاف يوسف: في عمليات الانتقال السياسي بعد الثورات والازمات والنزاعات والاوضاع الاستثنائية وعند تشكيل هيئات حكم انتقالية أو كتابة دساتير مؤقتة ( اعلان دستوري ) وحتى عند وضع دستور دائم من قبل لجنة او هيئة قد تكون منتخبة من قبل هيئة الحكم الانتقالي او معينة كما هي الحال لجنة دستور سورية تأخذ هذه الهيئات واللجان آراء مختلف شرائح المجتمع وعلى نطاق واسع وقبل كتابة اية مسودة وذلك لمعرفة تطلعات ومطاليب السواد الاعظم من الشعب وتراعي مسألة التوافق بشأن حقوق الاقليات وسائر المكونات دون أي تهميش.
هذا هو الاصل اما في الوضع السوري أعتقد أنه بدون وجود ضمانات دولية كافية فحتى اذا كانت نسبة مشاركة الكُرد كثيرة او قليلة في هذه اللجنة فلن يكون مجديا ولن تكون مسودة الدستور معبرة عن طموح الكرد أو غيرهم من المكونات.
يردف ملا: ليس هناك ما يثتب حقوق المكونات أصلا حتى نعرج إلى الحديث عن حجم تمثيلهم ومشاركتهم في اللجنة الدستورية المزعومة، لكن بطبيعة الحال مشاركة المكونات وحجم ممثليها له تأثير بالغ على حقوقهم وخاصة المكونات الكبيرة كالكُرد مثلا حيث يعدّ المكون الكُردي القومية الثانية بعد العرب من حيث الحجم فيما أتت مشاركتهم متواضعة جدا بالنسبة لحجمهم، فماذا سيفعل شخصان من الكُرد عند التصويت على البنود المعلنة في جلسات اللجنة وهذا يعدّ إجحافا وتنقيصا بالحقوق ويثير قلق المكون الكُردي من عدم الإعتراف بهم وبحقوقهم القومية في دستور البلاد الجديد.
لذلك فالمكون الكُردي ليس راض أبدا عن اللجنة الدستورية لعدم ضمان حقوقه المستقبلية فيها وهو الذي شارك وحافظ على أسلمة الثورة منذ إندلاعها وقدم الكثير من الشهداء في الحرب مع داعش وعمل على حماية منطقته جنبا إلى جنب مع المكونات الموجودة الأخرى.
فعلى الحركة الكُردية عموما في الداخل السوري وفي الخارج أن تتشاور وأن تخطو خطوات جادة تمكنها من إثبات وجودها في صياغة الدستور الجديد، والعمل على كسب التعاطف الدولي والتقارب من أصدقاء الشعب الكُردي وخاصة الأكادميين والقانونيين منهم للإستفادة من خبراتهم في العملية السياسية.
ما رأيكم، بالقول ان مرحلة الدستور كالمراحل التي سبقتها من المماطلة وكسب الوقت؟
بيّن حسين: ان السوريين موالاة ومعارضة ليس لهم مكان في دوائر الفعل والقرار لان من يحكم فعليا ويتحكم بمصير العملية السياسية هم الدول المتدخلة والميليشيات المسلحة التي باتت تدير معظم المناطق بما فيها مناطق سيطرة النظام الذي لم يعد يملك من قراره الا المزيد من التوغل في الدم السوري وتدمير ممتلكات الشعب السوري.
آن الاوان ان يعترف السوريون ببعضهم، ويتجاوزا خلافاتهم، ويضعوا حدا لسفك الدم السوري، فاستمرار الصراع على ما هو عليه، المستفيد الاول والاخير منه النظام وبعض تجار الدم السوري.
يأمل يوسف: إن لم تكن هناك مماطلة مقصودة فسيأخذ موضوع الدستور الكثير من الوقت فلنفترض جدلا أنه وضعت مسودة للدستور وسيعرض للاستفتاء الشعبي هل نستطيع أن نخلق بيئة آمنة لضمان عودة اللاجئين والمشاركة الفعلية في الاستفتاء أو على الاقل ضمان مشاركتهم في المهجر؟ أو هل نستطيع ابعاد أمراء الحرب والميلشيات الاجنبية عن التأثير في مجريات الاستفتاء أو أية انتخابات أخرى؟ بالتأكيد لا ونحتاج لارادة دولية لخلق الواقع المنشود لاتمام عملية صياغة الدستور ووضعه وعرضه على الاستفتاء الشعبي.
على كافة القوى السياسية والمجتمعية من منظمات وجمعيات وغيرها أخذ موضوع الدستور على محمل الجد ولا نوهم أنفسنا أن الموضوع للمماطلة فالمجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة قد تدفع باتجاه الاسراع في انجاز عملية الدستور، ولذلك من الأفضل أن نكون جاهزين للمشاركة في وضع الدستور من ان ينال منا اليأس ويفوتنا القطار في محطتنا الأهم.
ختم ملا: هناك من يريد إفتعال الأزمة لا إخمادها، وهناك من بين المتدخلين في الشأن السوري من له حسابات يريد تصفيتها على حساب الدم السوري، لذلك فمسألة المماطلة وقتل الوقت موجودة ولا أحد ينكر ذلك، والنظام السوري نفسه كان قد عطل تسيير عمل اللجنة الدستورية لمدة عام وأكثر.
إلا إن الذي يتضح في الأفق السياسي بأن الأطراف الدولية والمعنية بالشأن السوري قد توصلت إلى تفاهم فيما بينها لوضع نهاية لهذه الأزمة، وربما قرار تشكيل اللجنة الدستورية هو خير ترجمة على أن الأزمة قد إقتربت من نهايتها، وإن العمل على صياغة دستور جديد بشكل صحيح ومتوافق ومرضي لدى الجميع دون أن يكون هنالك يدٌ عليا ويدٌ سفلى خير بشير على أن اللبنة الأولى لخاتمة الأزمة قد وضعت وأن عجلات القطار قد استقرت على السكة، وبالنهاية فالدستور هو الحد الفاصل ما بين الأطراف المتصارعة لإيقاف كل طرف عند حده.
ما يشبه الخاتمة:
ان كل ما يحصل مخطط ومدروس من قبل الدول الكبرى، وما اللجنة الدستورية سوى أحد مراحل تلك المخطط، وهذه المرحلة غير معلومة فترة كتابته والانتهاء منه، والاستفتاء عليه. لذلك يمكن القول ان هذه المرحلة لكسب الوقت حتى يتمكن الدول المعنية في الشأن سوري تسوية مصالحها في المنطقة.
ونحن الكُرد نستطيع ان نستغل هذه المرحلة، لـ لملمة حركتنا الكُردية، وتوحيد موقفنا، واسماع الدول المؤثرة بكامل حقوقنا المشروعة