صرخة تُدمي القلوب

فريد محمد
المشهد: طفلٌ لم يُدرك بعد لعبة السياسيين والطغاة، يتراقص بجسدٍ هزيلٍ أرهقه الخوف، صارخاً: (أبي جسدي يحترق)، صرختاً تخترق القلوب والأكباد كسهمٍ حارق وتصلُ عنان السماء لتشكوَ ظلمٍ قد طال، ثم تهبط لتعلن الفاجعة، الصرخة التي حولت محمد الى أيقونة للمقاومة. هي الفاجعة التي خُطِط لها وأُعُدت في أنقرة لمواجهة الكرد، غير عابئيين إن كان المستهدف محارباً او لا، المهم هو زرع الخوف في قلوب شعبٍ لم يمل ولم يكل من المطالبة بحقٍ أجحفه الطغاة وأقره الحقيقة، ونفذت بأيادي من المفترض أن تكون ابناء الوطن، هم الذين جمعهم مع الأكراد طوال مئات السنين سماء وطن واحد، لكنهم أبو ألا أن يكونوا أداة لتنفيذ الجريمة البشعة بحق شركاء الارض والوطن، ليزيدوا الهوة بين أبناء الوطن ويزرعوا الكره، متحججين بجلبهم للحرية التي لم يرها أحد بهذا الشكل.
تتوالى التقارير التي تؤكد استخدام تركيا والفصائل الموالية لها لأسلحة محرمة دوليا في رأس العين، أسلحة تحتوي على الفوسفور الأبيض الذي أصاب العشرات من أبناء المدينة من عرب وكرد ومسيحيين ومدنيين وعسكريين لم تفرق بين هذا وذاك، لتكون هذه التقارير هي المسمار الأخير في نعش حجج أنقرة بمحاربتها لفصائل كردية إرهابية.
إن كمية الألم الوارد في تلكم المقاطع تتطلب قلباً فولاذياً بامتياز ليتمكن من متابعتها حتى آخر ثانية، وكل ما فيها يشير إلى حرب إبادة عرقية ضد الشعب الكردي. فهل تكون هذه المأساة جامعة للمجتمع الدولي لردع تركيا، أم أنها ماضيا في مخططها حتى…؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…