إبراهيم محمود
وصف الكاتب الروسي الكبير تشيخوف الذين يشوشون على غيرهم، ويريدون لفت الأنظار مزعجين من حولهم بقُرَاد الخيل، أو حتى الذبابة التي تضع على كفل الحصان وتئز لتلفت الانتباه. هكذا، يبرز قُرادُنا الكردي ” الدويبة التي تلاحق الجّمال والخيل، ماصة دماءها “. وفي أيام الشدّة، لا يهم هذا النوع ما يكون موقعاً، ونتيجة طيش، وهو بضآلة حجمه ودونيته.
كما يُلاحظ راهناً، عبر أحكام سريعة، دون أي خلفية ثقافية فعلية، مثقَلين بأوراق إيديولوجية ناخرة في رؤوسهم ونفوسهم، كما تشهد مواقعنا الفيسبوكية، ووسائل ” التفاصل ” الاجتماعي.
نعم، ها هو قُرادُنا الكردي، وبالمقياس الكردي، ومن قلب المأساة الكردية، ليزيد في طينه الكرديى بِلَّة، حين يقحم نفسه ما بين السطور، وعبر جملة مارقة، مفصحاً، وسريعاً، عن أنه ليس أكثر من دويبة/ حشرة: تعض، تلسع، وتمص الدماء، ولا يتعدى دورها العض الإزعاج .
يمكن، في ضوء ذلك، وضع تصنيف كبير، ومتعدد المستويات للقراد الكردي ذي الرجلين، وكيف يتم توجيهه، كيف يُعَد ليكون قراد سيده العقائدي، ودائماً، من زاوية الثقافة. أي ثقافة فعلية يتمثلها هذا القراد الذي نلتقي به في مجالسنا، وفي أمكنة شتى، وفي نوادي القراءة وزيف الحضور، وبألقاب متعددة تأكيداً على كم كبير وخطير منه .
في أوساطنا الكردية. يسكتون، ليس عن حكمة، وإنما عن جبن، وهم كتاب لهم شأنهم في الاعتبار العقائدي الثكناتي، ويروجون لأنواع من التلفيقات والتشويهات، كونهم جبناء، ويتصلون بمن هم أسباب فاعلة في نشأة هذه الأورام الاجتماعية السرطانية، ولوخيميا الثقافة، قبل كل شيء، والعاهات السياسية، والفيرسات الإيديولوجية .
لا يلام هذا الكم الكبير المتكاثر من القراديين، وهم في سكوتهم المهين، في تواريهم عن الأنظار، في إطلاق عبارة شانئة، تلخص مقامهم القرادي، وتربيتهم القرادية، وحياتهم القرادية، ونحن نعايش مثل هذا الانحدار والتفلش الاجتماعي، وانحطاط الوعي السياسي وتجرثمه، حين ننتقل من كارثة إلى أخرى، ودون مكاشفة لعوراتهم ، لرائحة أفعالهم الزنخة، وهم يجرون الشعب، أو المعتبر شعباً إلى هاوية تلو أخرى، ويعتبرون كل نقد فعلي، كبيرة الكبائر.
لا يسأل هؤلاء القراديون المكردون، الكرديون المتكردون، من هذا الذي يتكلم، أو منذ متى يتكلم، وكيف يتكلم، وإنما يحفظون مهامهم عن ظهر قلب، في تشويهه، فور التنبه إلى أنه يشير بإصبع الاتهام إلى خلل كبير، إلى هزيمة تلحق بشعبه المغلوب على أمره، فيقصقص الكلام، ويحوّر الكلام، دون السؤال عمن يكون.
هذا يزيدفي إثم الساكت عما يجري، في جدارة فضحه على الملأ ، لأن تاريخاً يسجَّل هنا، أكبر من أي قراد متكرد، كردي أنى كان حسبه ، نسبه ولقبه، وهو لا يخجل من حجمه، وجرمه فيما يقبِل عليه.
شكراً لقرادنا بطبعته الكردية، الذي ألهمني في كتابة هذا المقال !