سعيد فرمان
مع الولوج في مرحلة الاستراتيجية العالمية الجديدة بشقيها , الاقتصادي المرتكز على مفهوم عالمية عملية الانتاج والتبادل والتسويق والتوزيع ,وشقها الآخر السياسي والفكري والثقافي , وبالاعتماد على النتائج المذهلة لمنجزات الثورة العلمية التكنولوجية في مجال الاتصالات والمعلومات وعلم الجينات , كحامل رئيسي وأساسي لهذه الاستراتيجية 0 أصبحت مسألة وحدة العالم كرؤية وهدف أكثرالطروحات واقعية وموضوعية في هذه المرحلة, ليس فقط بالنسبة للجانب الجغرافي وحده , وإنما على كافة الاصعدة والجوانب الاخرى التي تحتل مواقع تراتبية لها في منظومة المنطلقات والممارسات الايديولوجية , وايضاً الاجتماعية الموازية والمرافقة لها
مع الولوج في مرحلة الاستراتيجية العالمية الجديدة بشقيها , الاقتصادي المرتكز على مفهوم عالمية عملية الانتاج والتبادل والتسويق والتوزيع ,وشقها الآخر السياسي والفكري والثقافي , وبالاعتماد على النتائج المذهلة لمنجزات الثورة العلمية التكنولوجية في مجال الاتصالات والمعلومات وعلم الجينات , كحامل رئيسي وأساسي لهذه الاستراتيجية 0 أصبحت مسألة وحدة العالم كرؤية وهدف أكثرالطروحات واقعية وموضوعية في هذه المرحلة, ليس فقط بالنسبة للجانب الجغرافي وحده , وإنما على كافة الاصعدة والجوانب الاخرى التي تحتل مواقع تراتبية لها في منظومة المنطلقات والممارسات الايديولوجية , وايضاً الاجتماعية الموازية والمرافقة لها
, ومع كل هذا الوضوح لسمة وطبيعة هذه الحقبة التي نعاصرها , ومشاهدة ورؤية بعض تجلياتها وملامحها في العديد من المناطق , وعلى أكثر من صعيد ؟ لا زالت هنالك بعض المعضلات ,التي تعترض سير هذا التوجه , وتحاول إعاقته , ولجم تقدمه , وتكمن تلك المعضلات والمعوقات في وجود بعض القوى التقليدية في مناطق معينة من العالم , والتي كانت تحسب فيما مضى اما على الكتلة الشرقية , او تدور في فلكها السياسي والامني , أو تلك التي كانت تستفيد من حالة التوازنات القائمة في حقبة الثنائية القطبية لمرحلة الحرب الباردة , تلك المرحلة التي كانت وبالاً وشؤماً على الشعوب والامم المغلوبة على أمرها , لكن, ومع كل الامكانتيات التي لا زالت في حوزة قوى الإعاقة في مختلف المناطق , وبدعم واضح لها من بعض الدول الكبيرة والعظمى التي تطمح لتحسين وضعها وأدائها الدولي من جهة , والمحافظة على مصالحها الوطنية من جهة اخرى , أقول مع كل ذلك لم يعد بالإمكان مجاراة الاستراتيجية العالمية الجديدة بمنطلقاتها ومرتكزاتها القوية لجهة حاملها العلمي العاصف,وبنيانها الاقتصادي المعولم, وفلسفتها وثقافتها المأنسنة , وبسبب الدعم والاسناد الكبيرين لها أيضاً من قبل أغلبية دول وشعوب العالم …….إن العينات التي تؤكد صحة وحقيقة ما يدعو اليه المشروع العولمي الراهن عديدة وجلية, والشرق الاوسط الذي نعيش فيه يشكل اليوم أحد أبرز , وأهم هذه العينات , وأكثرها سطوعاً, وجلاءاً , وعلى سبيل الإيضاح أكثر لابد لنا في هذا السياق من أن ننحو بإتجاه قراءة بعض ما يجري, أو ما يمكن إستشفافه حول هذه المنطقة , وبخصوصها , لتفنيد الآراء والمعتقدات التي لا زال أصحابها يعيشون في صوامع الفكر والسياسة التقليديتين , وللتأكيد على ان العولمة كمشروع عالمي جامع وشامل يتقدم بشكل واضح ووفق مؤشر السياقات الزمنية نحو الانتصار , والاقرار به ككيان متكامل يستطيع إن يلبي حاجات الانسانية المادية والايديولوجية والاجتماعية0تشير الدلائل والمعطيات العديدة وتؤكد على ان منطقة الشرق الاوسط تعيش اليوم حالة مخاض وصراع شديدين وهي مقبلة على التغير , وإعادة الترتيب لأوضاعها بما يتناسب وطبيعة التوجه العالمي الجديد في المرحلة التاريخية الراهنة0 والسيناريوهات المحتملة بهذا الخصوص قد تتجاوز ما هو مطروح , كنشر الديمقراطية , والحرية , وثقافة حقوق الانسان, وتتعداه وتطال الجانب الجغرافي من المسألة , مثل تفكيك بعض كيانات المنطقة, كعملية تعديل للوضع الجيوبوليتيكي الحالي , من خلال إعادة النظر في خارطة سايكس- بيكو التي قسمت الشعوب والاوطان في هذه البقعة من الارض , تلبية لمصالح الدول الاوربية- الاستعمارية آنذاك , أو إجراء بعض التعديلات عليها؟ أو صياغة اخرى كإقرار نموذج فيدرالي معين لها تماشياً للتنوع الاثني والاقوامي والطائفي فيها , والملفات التي تتناول قضايا ومشاكل الشرق الاوسط , وتطرح حلولاً ومعالجات لها , تتوزع كما هو واضح على محاور عدة , وتناول أحد هذه الملفات قبل غيره , او إعطائه اهمية اكثر دون الآخر لا يعني إن الملفات الاخرى قد اهملت , او تم التغاضي عنها , وإنما شكل وطبيعة الصراع الدائر في المنطقة , وحدته , هو الذي يحدد الاولويات , ويستلزم تقديم هذا الجانب او ذاك على باقي الجوانب الاخرى , ويشخص آليات وأدوات خوض الصراع وإدارته , وليس في الامر نكوص او تراجع عما خطط له كشيء إستراتيجي بشأن وضع المنطقة كما قد يتصوره البعض من الناس المستندين لتحاليل وقراءات خاطئة ومبسطة للأشياء , لأن الاستراتيجية الكونية الجديدة التي أطلت على العالم بعد جملة من التداعيات التي حدثت على الصعيد العالمي , وفي مقدمة تلك التداعيات , وعلى رأسها إنهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك ما كان يعرف سابقاً بمنظومة الدول الاشتراكية , وما ترتب على ذلك من آثار إيجابية ومفيدة للبشرية , تهدف ليس فقط لمعالجة مشاكل وقضايا العالم والمنطقة المتراكمة تاريخياً كما أثرنا إليه بشكل جزئي أو إنتقائي ومنفرد , وإنما الطرح الجذري والكلي الشامل هما الذان يعنونان هذه الاستراتيجية , ويسمانها لجهة حل ومعالجة كافة القضايا العالمية , مهما كانت درجةإستعصائها وتعقيدها , وفي أي بقعة من الارض كانت 0إن الصراع الدائر اليوم في هذه المنطقة بات يعكس الى حد بعيد وعميق إرادة قوتين واضحتين ومختلفتين في الرؤية والطرح والاستراتيجية 0 قوة تعبر عن سمة هذه المرحلة , وتعمل في سبيل تهيئة المناخ والاجواء لتطوير وتقدم منطقتي الريف والبداوة العالميتين , وإلحاقهما بمنطقة المدينة العالمية عبر عملية نثر الديمقراطية والحرية وثقافة حقوق الانسان , وإزاحة النظم الشمولية والاستبدادية , وحل القضايا القومية والطائفية في إطار إحترام حقوق الانسان , ومراعاة الخصوصيات القومية والمذهبية لطوائف وشعوب المنطقة.؟ في حين ان القوة الاخرى تعمل بعكس هذا المنحى تماماً , فهي لا تريد الابقاء على الوضع في المنطقة كما هو عليه فقط , وإنما تريد إزدياده سوءاً وتدهوراً , و ترى في الاستراتيجية العالمية الجديدة إيذاناً بقرب لحظة نهايتها كقوى ونظم سائدة ومتنفذة , لذا فهي لا توفر جهداً كما نرى في سبيل إفشال أو إعاقة المشروع العالمي , أو تأجيله قدر ما تستطيع , وهي لا تعتمد في عملها هذا على جهودها وإمكانياتها الذاتية فقط , لا بل ان دعم بعض القوى الكبرى لها هو الآخر يدخل في حساباتها ويشد من أزرها , ولو لبعض الوقت , لكن الحسابات هنا خاطئة , ومحاسبيها هم أيضاً يخطأون , فالرهانات على مثل هكذا رؤى وأدوات تؤدي بأصحابها دائماً الى الهزيمة وترك الساحة للأخرين؟ والتاريخ مليء بالتجارب والدروس لمن يريد قراءتها والاستفادة منها بهذا الخصوص