دولارستــــان

 بهزاد عجمو سليفاني
الدولار هذه الورقة الخضراء التي اخذت ألباب معظم البشر وأصبحت مالئة الدنيا وشاغلة الناس فتقام حروب طاحنة يذهب بسببها الآلاف من البشر من أجلها وتباع القيم والمبادئ والأوطان من أجلها وتحاك الكثير من المؤامرات والدسائس في الغرف المظلمة من أجلها ويقاس عظمة وقوة الدول بمقدار ما تملك من أرصدة من هذه الاوراق واصبح معياراً لاحترام الشخص ويزداد هذه الاحترام كلما كانت هذه الاوراق عنده أكثر بغض النظر عن الطريقة التي حصل بها على هذه الأوراق سواء عن طريق السلب أو النهب أو السرقة أو النهب والاحتيال أو حتى الخيانة وتجارة الممنوعات لأن في هذا العالم المجنون من يملك من هذه الأوراق اكثر يملك قوة أكبر
 وفي هذا العالم أو بالأحرى في هذه القرية الكونية الصغيرة أنتقل العدوى إلى الكورد هذا أن لم يكن هذا المرض كان موجوداً من قبل بسبب الطبيعة الفاسدة للكورد منذ الأزل وبقائهم في مؤخرة شعوب العالم فنحن يجب علينا الاعتراف بأخطائنا بشجاعة لأن الاعتراف بالأخطاء هي الخطوة الاولى نحو وضع الحلول فمن أول أخطائنا في هذا الزمن المعاصر هو حب ووله وهيام الكورد بالدولار فأصبح حديثهم على مائدة الإفطار والغداء والعشاء وأصبح الشغل الشاغل لهم ويتابعون أخبار صعود وهبوط الدولار لحظة بلحظة وعندما تسألهم عن أخبار الوطن يديرون ظهرهم لك لأنهم لا يعتبرونه بأهمية الدولار فدولارستان عندهم أهم بكثير من كوردستان مع العلم بأن معظم شعوب العالم يحبون الدولار ولا احد منهم يكرهونه ولكن الشعوب هنا يقسم الى قسمين شعوب حيه وشعوب فاشلة فالشعوب الحيه يتهافتون على الدولار من أجل تحرير أوطانهم ورفع رايات الوطن في المحافل الدولية وبناء أوطانهم أي يستخدمونها وسيله وليس غايه أما الشعوب الفاشلة ويجب الاعتراف بالحقيقة بأننا نحن الكورد نأتي في مقدمتهم فالدولار عندهم غاية أي المهم هو الحصول على أكبر عدد من رزم الدولارات حتى لو تطلب الأمر بيع القيم والمبادئ وحتى الوطن نقول هذا والألم يعتصر قلبنا لأننا نتذكر المعارك التي خاضها البارزاني الخالد ومعه بيشمركه ثورة أيلول الأبطال وكيف سطروا ملاحم بطولية من اجل رفع راية الوطن ومعظمهم ان  لم نقل كلهم لم يفكر يوماً بالدولار حتى أنهم لم يشاهدوا الدولار بحياتهم وعندما نقارن بين زمنهم وهذا الزمن الفاسد ندخل أحياناً في حالة إحباط ونقول في أنفسنا أن حلم كوردستان المحررة قد روي الثرى مع البارزاني الخالد فنرى شبابنا قد اصبحوا مثل الطيور المهاجرة يطيرون بأسراب الى أرض الله الواسعة بعد أن وصلوا الى حقيقة مفادها بان حلمهم لن يتحقق في المدى المنظور أما من تبقى فينتظرون أقرب فرصة للحاق بمن سبقوهم والطامة الكبرى بعد ثلاثة أجيال سيقطع الوشائج مع الوطن الام وسينسى أحفادهم بانهم كورداً أما من تبقى من الكورد على ارض الوطن وقد تقدم به العمر فانه يعد أيامه الأخيرة ولا يريد ان يترك ملاعب الطفولة والأزقة والحارات التي تربى فيها الى ان يأخذ الله أمانته فنحن نحمل مسؤولية هذا الوضع المتردي الذي نحن فيه الأن على عاتق الشعب والقيادات السياسية الشعب بسبب ثقافة الفساد والإفساد التي استشرى كالنار في الهشيم بين صفوف معظم الشعب ومعظم القيادات السياسية فحرق الأخضر واليابس وكل شيء القيم والمبادئ والاخلاق و الوطنية ونسوا كوردستان وأصبح شغلهم الشاغل هو دولارستان ومن الجدير بالذكر أن القيادات السياسية انبثقوا من بين صفوف هذا الشعب حاملين ثقافته ولم يأتوا من عالم آخر ولكن عتبنا على معظم هذه القيادات وليس كلهم بأنهم يعتبرون هذا الوطن مزرعة لهم وكم تدر هذه المزرعة من الدولارات من بيع النفط والغاز والثروات الباطنية وأصبح شعارهم في الظاهر كوردستان أما في الحقيقة فهي دولارستان أنا لا أقصد هنا جزء محدد من كوردستان وإنما أقصد عموم كوردستان لان الثقافة الكوردية هي واحدة ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض فأي زمن هذا أنه الزمن الكوردي الصعب زمن أمراء الحروب وتجار الحروب والفاسدين والمفسدين فيبيعون الوطن والقضية والشعب والقيم والمبادئ ودماء الشهداء لقاء أوراق خضراء ويوهموننا ويخدعوننا ببهرجة فقاعات قد صنعتها وتقوم بحمياتها أمريكا هذه الدولة التي تمارس براغماتيه في المنطقة ومجردة من كل الأخلاقيات والانسانية وتستخدم الكورد كمطيه لتحقيق أهدافها ومشاريعها فهي لا تتعاطف مع الكورد والقضية الكوردية وإنما لها اجندات خاصة بها وعندما تحقق أهدافها ستنسحب من المنطقة وستدير ظهرها لهذه الفقاعات التي تقوم بحمايتها الأن وستترك مصير هذه الفقاعات للرياح العاتية والكورد لمصيرهم المجهول ولنا تجارب سابقة مريرة مع هذه الدولة والوقائع التاريخية السابقة تثبت ذلك لو رجع الكورد بذاكرتهم الى الوراء قليلاً فعندئذ أمراء الحروب وتجار الحروب الكورد سيولون الأدبار مع حقائب دولاراتهم أو بالأحرى مع شاحنات دولاراتهم ويصبح الوطن لا قدر الله أطلالاً يقف عليها الشعراء يبكون ويستبكون .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…