يريد حرباً.. ولا يريد نصراً

أكرم الملا
يعلن الرئيس التركي رجب “سيء” أردوغان مراراً وتكراراً عن القيام بعملية عسكرية شرق الفرات وكوردستان سورية، وكأن دولته التركية وفي وضعها الحالي لا ينقصها الا الحرب، حيث تركيا تعيش أزمة ثلاثية ( سياسية – اقتصادية – حزبية )، لذلك الحرب ستكون وبالاً على كاهل تركيا الاقتصادي، لكن “السلطون” التركي لديه لعبته الخاصة من هذه “الزعبرة” الاعلامية، لأنه يحتاج الى الحرب ذاتها وليس الى النصر، لأن الظروف الموضوعية في البلاد لا تسير لصالحه وأصبحت الأزمات مزمنة وغير قابلة للشفاء، لذلك يبحث أردوغان عن مسكنات وقتية مع معالجة قصيرة المدى، فقط كي يلهي الداخل السياسي والعسكري باسطوانة الأمن القومي التركي المشروخة، حيث هذه الاسطوانة معروفة بل هي المفضلة لدى الأنظمة الدكتاتورية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. 
إلا أن أردوغان يمارس التكتيك السياسي وليس الاستراتيجي، يهتم بالأهداف القريبة المصلحية وليست البعيدة، فبعد التطهير في الجيش أصبحت كل قيادته من حزب واحد “الحاكم”، لذلك من الضروري إشغال الجيش، وهنا الحرب مناسبة تماما، حيث عملية المخلب بأجزائها ضد PKK  مازالت مستمرة ولن تتوقف لأن أردوغان له فيها مآرب أُخرى، ولربما تطول بعدد أجزاء مسلسل أردوغان المفضل “وادي الذئاب” خاصة وأنها تصرف الانتباه عن دوامة إدلب، لا يملك هناك قوة عسكرية تكفيه لتحقيق الفوز من جهة، ومن جهة أُخرى إلتزاماته تجاه “سوتشي” و”أستانا”  بحل النزاع. ان تهديداته بشأن شرق الفرات وخاصة في الفترة الأخيرة حدد مهلة ثلاثة أسابيع التي صار لها ثلاث سنوات ولم تنتهي من أيام اتفاقية منبج، وتهديده الأخير قبيل مغادرته الى نيويورك كان مجرد رسالة توسل الى الأميركان كي يوقعوا معه اتفاقية تجارية بقيمة 70 مليار دولار. 
في التقسيم الحالي لمناطق النفوذ في سورية، شرق الفرات والمنطقة الكوردية ستتكلم الانكليزية وبلكنة أميركية، كما قرر غرب الفرات وحتى العاصمة التكلم بالروسية والفارسية، أي ما معناه أن منطقة شرق الفرات هي، الورقة الأميركية الضاغطة على النظام والروس والايرانيين، لإفشال أي حل سياسي أو حتى عسكري للأزمة السورية من دون الأميركان. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…