وجوه قامشلي التي لم تكنْها «في زيارتي السنوية إليها صيف 2019 » – 16/17

ابراهيم محمود 
16- بورتريهات وجوه  
17- وجه تورجين رشواني، الوجه المأخوذ بأمل صعب
ثمة مسافة فاصلة، كبيرة وعميقة، ذات عقود من الزمن، تفصل ما بين من سآتي على ذكر اسمه هنا، ومن سبق الحديث عن اسمها ” سيوان خليل ” باسمها الفعلي، فهذا الوجه المأخوذ بالأمل الصعب تملَّكاً يرتبط بتجربة حياة، بمفارقاتها، بمحاولته القبض على معادلة الكتابة الإبداعية: شعراً، أعني به الصديق وزميل الدراسة حسن عزالدين ” Torçînê  Reşwanî، : الاسم الحركي “، وهذه التهجئة تفصح عن مرجعيتها اللغوية الكردية مناداة وتعاملاً .
ماالذي سلَّله إلى هذه الطائفة من الوجوه؟ وفي نطاق الحديث عن متغيرات قامشلاوية التكوين والتلوين؟ رما هو تأكيد على علاقة ذات صلة بالمكان، ومتغيرات أحواله. فالصديق حسن ذو الطرافة في روحه، وهو في عمر ستيني أراد بناء أمل، ولو بعد عقود من الزمن .
حصيلته الكتابية في الشعر وسواه العديد من الأعمال. ولأن الذي أشدّد عليه ليس نقداً، إنما مؤاساة، ومعايشة أزمنة وأمكنة مشتركة، عبر وجوه لها رصيدها الاعتباري عندي، كان هذا التعريف الوجداني بأثر تورجيني، أي ” قطرات المطر  Dilopên baranê” لعلها قطرات نطره الخاص، قطرات تساقطت من غيمة عمره وقد طال انتظارها، قطراتها ترجمان أمل، وإن جاء في غير أوان، وعلى أرض عطشى متشققة، سبخية، لا تكفيها ينابيع كاملة لتحريرها من ربقة عطشها وخلاف العطش، سوى أنها قطرات توحي بأن هناك ما يستحق النظر عالياً.
وحين أشدد على ذلك، وأفرح مع فرح الصديق حسن ” تورجين ” في مشاعره، لواعجه، في تأوهاته، وتغزلاته التي تأخذ بعداً آخر، بعد بُعد العمر هذا، فلأن مجموعته الشعرية، تكاد تكون محتكَرة من جهة التغزل أو الغزليات المعهودة، وهي بشفافية مغناة، ذكرتني بأيام كنا معاً، وهو يترنم ببعض منها مكتوبة على وريقات يخرجها من جيبه،  سوى أن الذي تعلِمه إيانا قصيدته ” القلب هو نفسه  Dil ew dile. ص21- 22 ” وقد أوردها كاملة على الغلاف الخارجي، تمضي بنا منحى آخر، منحى اليأس، منحى بؤس المعيش اليومي، وسرابية المأمول:
أربعون عاماً أنا هنا
وقد عشقت يا قلب
أليس عيباً ومخجلاً
البقاء إلى متى هكذا
هرمتُ في هذه الحياة
لكنك لا تهرم يا قلب
الدر والمرجان والياقوت
يدوم الذهب يا قلب..
وليقدم بطاقة تعريف حالية بنفسه:
القلب هو نفسه عاشق
إن كان شاباً أو هرماً
أنا تورجين العاشق
حتى أرحل صحبة العكازة .
في معمعمان هذا التلوع، وهو بعمره هذا،يتجاوز الحب في ظاهره اسمه ومن يجب أن يأخذ به، إذ يعم حياتياً، سوى أن لغة تورجين، أعني به الصديق حسن، يدرك تقلبات الواقع، كما لو أنه وجد رهانه الوحيد في البقاء في مناداة، مناشدة، مناجاة من يحب، وليس من عنوان فعلي، بغية منح قلبه المزيد من التوازن، وصوته المزيد من التردد، وعمره المزيد من الإقامة في الحياة.
أعني بذلك، يبقى الحب بلسم الروح المعذبة، ربما أكثر من كونه طلب لقاء بوجه حسن، في مكان يطمأن إليه، وزمن لا يخشى منه وعليه، إلى جانب كونه الخروج من حياة بأخرى .
بالتالي، هل أسمّي ” قطرات مطر ” تورجين، عبرات روحه الحمراء، أم انهياراته، أم ما هو أبعد ذلك، البقاء نزيل أمل مرتجى، حتى وإن يبلغ من العمر عتياً في ضوء ما هو عليه وفيه؟
ملاحظة: أشكر الصديق فؤاد حسين، على هديته هذا بالنيابة عن الصديق حسن عزالدين، حين قدَّم لي نسخته المهداة إليه وفي بيته . وقد صعب علي اللقاء بصديقنا الأديب
…….يتبع
18- وجهي، بأي وجه تكون قامشليُّه ؟
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…