المنطقة الآمنة.. ووحدة الموقف الكوردي

عزالدين ملا
منذ قطع الورقة الاولى من روزنامة 2019 والحديث يدور حول المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في المناطق الكوردية، وأكثر الدول التي تصرّ على انشائها هي أمريكا وتركيا، أمريكا التي تعمل بشتى الوسائل لإقامة منطقة آمنة في مناطق نفوذها في المناطق الكوردية أو ما يسمى شرقي الفرات، وذلك لحماية قواعدها ومصالحها وحلفائها هناك، وجعلها الطريق نحو الحل السياسي في سوريا عامة، والتي بذلك تكون قريبة من إسرائيل، وتحمي أمنها. أما تركيا التي تضغط بشدّة حتى تجعل من تلك المنطقة تحت سيطرتها، بحجة حماية أمنها القومي من خلال حماية حدودها من الإرهابيين حسب زعمهم، حيث خرجت سيناريوهات عديدة عن شكل وحجم تلك المنطقة، وكل جهة تحاول جرّها نحو مآربها وسيطرتها.
المنطقة الآمنة لن تكون آمنة إن لم تكن جميع مكوناتها مشاركة في حمايتها خاصة الكورد، وأمريكا تعي ذلك، فمصلحتها تتلاقى مع مصلحة الكورد في الابقاء على نفوذها في تلك المنطقة، وعلى الكورد ان يتحركوا نحو ذلك ويبرهنوا لأمريكا على ان الحليف الوحيد  المعتمد عليه وذات ثقة هم الكورد، وواشنطن ترى في علاقاتها القوية مع الحليف الرئيس مسعود البارزاني  بالإعتماد على قوات بيشمركة روج التي تتبعه فكرياً لنهجه، ومن القوى التوافقية التي ترضي جميع الأطراف في حماية تلك المنطقة، وخاصة بعد ان وثقوا بهم في محاربة أعتى تنظيم إرهابي في العالم – داعش-، والكورد هم من حافظوا على الأمن العالمي من خلال القضاء على إرهاب داعش في العراق وسوريا.
تركيا، هي من الأنظمة المحتلة للكورد، تحاول بشتى الوسائل منع قيام كيان كوردي في سوريا على غرار إقليم كوردستان في العراق، فهي تحوي لديها أكبر جزء كوردي دون ان تتطرق إلى حلّ تلك المشكلة لديها، لذلك تعمل مع الايرانيين والنظام السوري لمنع حدوث ما يربوا إلى كيان كوردي.
في الحقيقة الكورد هم عامل الاستقرار في المنطقة، وأمريكا عليها ان تنظر إلى المناطق الكوردية في سوريا كما تنظر إلى إقليم كوردستان، وتقع حماية المنطقة الآمنة وإدارتها على عاتق أبناء المنطقة وخاصة الكورد، وبيشمركة روج هي قوات تبناها المجلس الوطني الكوردي الذي يُعتبرالمظلة السياسية للكورد في كوردستان سوريا، وبيشمركة روج قوات مدربة أحسن تدريب وعلى مختلف صنوف الأسلحة على يد خبراء عسكريين – أمريكيين وفرنسيين وألمان وبريطانيين-، ولم يتلطخ أيديهم بالدماء ولا بالخراب والدمار، وهم من أبناء المنطقة الذين فرّوا من الجيش السوري وأيضاً من المتطوعين الكورد، وهم الأجدر بالاعتماد عليهم في حماية تلك المنطقة.
فالأطراف الكوردية أمامها فرصة ذهبية لإثبات وجودها أمام الحلفاء والعالم، بأنهم أصحاب السلام والاستقرار، ويأتي ذلك بالتضامن والتراص في الصف والموقف، أما التشتت والترهل يجعل الحلفاء والعالم ينظرون إليهم بعين الضعف وعدم القدرة وبأنهم غير جديرين بالثقة والاعتماد.
اليوم المسؤولية والضمير أمام الأطراف الكوردية في سوريا، فالاحتكام إلى العقل والمصلحة العليا هي السبيل إلى تحقيق موقف وهدف موحد، بذلك يثبتون للكل بأنهم الأجدر في إدارة المنطقة والمحافظة على الاستقرار. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…