كيف ستفلح الأحزاب الكوردية من استعادة ثقة الشعب بها

محمد سعيد آلوجي
 
–  لعل ما يساعد الأحزاب الكوردية على اعادة ثقة شعبنا بها. هو تخلصها من أوجه الفساد المتجذرة في بنيتها التنظيمية بأشكالها المختلفة. حيث ما زالت بنود انظمتها الداخلية ترسخ لتحكم القيادات بالأفراد والهيئات الحزبية وحتى وإن كانت تلك القيادات فاسدة، وحتى وإن تعاكس تدخلها، أو أفراد منها بالضد مع حقوق الأفراد الحزبيين، والهيئات الحزبية التي تكون قد أقرتها لهم تلك الأنظمة التي تستمد تلك القيادات قوتها وصلاحياتها في ذات الوقت منها. علاوة على ذلك فما زالت الكثير من بنود تلك الأنظمة تقبل بتفسيرات متعددة لصالح المتحكمين بقيادة هيآتها التنظيمية وحتى السياسية.
لذا نرى بأنه يتعين على تلك الأحزاب إن أرادت أن تهيئ إلى استعادة ثقة الجماهير الشعبية بها. هو ان تتحول بأنظمتها الحزبية الداخلية من القبول بالديمقراطية المركزية التي تساعد القيادة للتحكم بالحزب وكل هيئاتها بشكل مفاجئ كقيادة دكتاتورية صرفة. فتتحول تلك الاحزاب إلى تبني أنظمة مؤسساتية يسمح لها ببناء نظام داخلي لكل مؤسسة حزبية لا يخرج على النظام الأساسي للحزب بشرط ألا يؤدي ذلك إلى فوضى خلاقة.
 – ومن العوامل التي ستسهل على تلك الأحزاب من أن تعيد ثقة الشعب بها أيضا. هو سرعة تخلصها من تلك القيادات الفاسدة المتسلقة على معاناة شعبنا لمصالحها الخاصة، والتي تستغل حتى تعاطف الأحزاب الكوردستانية ودعمها لشعبنا عن طريق تقديم الدعم المادي والمعنوي وحتى اللوجستي لأحزابه لتمكنها من الدفاع عن شعبنا. حيث لا تتوانى تلك القيادات من تحويل غالبية تلك المساعدات والمعونات لمصالحها الخاصة، ولصالح ترسيخ وشراء الولاءات الحزبية لها وتمديد سيطراتها اللاتنظيمية على الحزب وهيئاتها. كما في تهربها من عقد المؤتمرات الحزبية في مواعيدها التنظيمة لتمدد بها فترة فسادها وأمد سيطرتها على مقدرات الحزب وشراء الذمم لصالحها، وما ( تهرب المتحكمين بقيادة ال  PDK-S من عقد مؤتمر الحزب الثاني إلا خير مثال على ذلك ). هذا ويمكننا أن نقول بأن غالبية أعضاء قيادات الأحزاب الكوردية لا تتمثل لكامل بنود أنظمة أحزابها. إلا لما يعزز لها تحكمها بالحزب لمصالحها ورغباتها الخاصة. لذا فنرى بأنه يتعين على قواعد الأحزاب العمل بالسرعة الممكنة التخلص من قياداتها الفاسدة التي لم تعد تعتمد على شرعية وجودها من قواعدها، وذلك بالتكاتف المبدئي لصالح شعبنا إن أرادت أن تستعيد ثقة شعبها بأحزابهم.
–  ومما يُمكنُ تلك الأحزاب من أن تعيد ثقة الشعب بها. هو لجوئها إلى إعادة بنائها بأشكال مؤسساتية متعددة الاختصاصات، وفق أنظمة داخلية متعددة. (نظام داخلي لكل مؤسسة) على ألا تتعارض مع النظام الأساسية للحزب. بشرط ألا يؤدي ذلك إلى فوضى خلاقة كما أشرنا إليه أعلاه، ومن تلك المؤسسات: السياسية، والاقتصادية- القانونية والدستورية- المالية، والتجارية- الاعلامية، والصحافية- الحقوقية، والرقابية- الفنية، والفلكلورية وووو. على ان يتوافق بناء تلك المؤسسات لصالح تعزيز الدفاعات الحزبية والجماهيرية عن مصالح شعبنا بكل جرأة وثبات، وتمكين تلك الأحزاب من الوصول إلى كل بيت وشارع كوردي، بغرض تحقيق مكاسب له وفق ثوابت شعبنا، وتهيئ للعمل بشكل سلمي، وبكل الوسائل المتاحة. لصالح تحسين العلاقات الجيدة والاتفاقات المتوازنة مع معارضات الحكومات المتسلطة على الوطن ومقدراته، والترسيخ لعلاقات حسنة مع كل شركائنا في الوطن ودول الجوار، وتلك الدول المؤثرة في القرارات الدولية بعيدا كل البعد عن المصالح الشخصية، والآنية والقبلية والمذهبية.
محمد سعيد آلوجي في 04.09.2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…