أستانا 13 تفشل في كل شيء وتنجح في اقصاء الكورد خارج العملية السياسية بشأن سوريا

زاكروس عثمان
انتهت الجولة الـ 13 من محادثات أستانا للتسوية السورية، والتي عقدت يومي 1 و2 من اغسطس  الجاري 2019 في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بصدور بيان ختامي تضمن نقاط عدة، لا جديد فيها، سوى مسالة واحدة حظيت باجماع منقطع النظير بين الاطراف المتصارعة عسكريا والمتنازعة سياسيا، (الضامن الروسي, الإيراني والتركي، وفد المعارضة، وفد النظام).
إذ وقف البيان على الوضع في شمال شرق سوريا اي غربي كوردستان، ليشير الى ان جميع الاطراف اتفقت بسهولة، وبمشاركة وفد الامم المتحدة، والاعضاء المراقبين، على رفض ما اسمته بـ (المبادرات الانفصالية)، وكل المحاولات لإيجاد واقع جديد على الأرض بما في ذلك رفض (مبادرات الحكم الذاتي) غير المشروعة؟.
وهذا يعني تطابق تام بين موقف النظام وموقف المعارضات، على منع ادراج ملف غربي كوردستان، في اية عملية للتسوية السياسية في سوريا، بما يوافق اجندة أنقرة وطهران، المناوئة للقومية الكوردية، بالتناغم مع مصالح روسيا الطامعة بالسيطرة على ثروات غربي كوردستان من خلال بسط سيطرة النظام عليها. 
وما يثير القلق هو ان أستانا 13، لم تكتفي برفض (المبادرات الانفصالية)، حيث لا يوجد طرف كوردي يطالب بالانفصال عن سوريا، لكن البيان شدد واكد على محاربة حتى (مبادرات الحكم الذاتي)، ما معناه حرمان الكورد من حقهم المشروع في تقرير مصيرهم ضمن الدولة السورية، في صيغة فيدرالية او حكم ذاتي او حتى إدارة لامركزية. 
بموجب هذا البيان، سوف لن يحتوي الدستور الجديد على صيغة عادلة لحل ملف غربي كوردستان، سوى فقرة مبهمة لا قيمة لها يمكن التملص منها فيما بعد.
وهذا موقفا بالغ السوء، يؤشر إلى مستقبل قاتم للكورد بعد انجاز العملية السياسية في سوريا، وذلك بحرمانهم من اي شكل من اشكال الحكم الذاتي، مهما كانت طبيعة السلطة التي ستحكم سوريا عقب انجاز الحل السياسي، سواء كانت حكومة النظام الحالي، او حكومة مختلطة من النظام والمعارضات، او حكومة معارضات، فأنها ستكافح القضية الكوردية، طالما هم رغم العداوات بينهم اتفقوا مسبقا على حظر الحق الكوردي. 
وجاء حظر المبادرات الانفصالية؟ ومبادرات الحكم الذاتي؟، وفق ما يرضي الضامن التركي والمعارضات التابعة له، والضامن الإيراني والنظام الموالي له، حيث تلتقي مواقف الاطراف المعادية لبعضها البعض على الغاء الحق الكوردي، وهذا شيء  مفهوم.
لكن ما يدمي القلب، هو ان المجلس الوطني الكوردي السوري، ممثلا بعبد الحكيم بشار، نائب رئيس الائتلاف، كان حاضرا في أستانا 13، ومشاركا في المحادثات ومطلعا على البيان الختامي، لم يبدي اي اعتراض او رفض او تحفظ على صيغة محاربة (مبادرات الحكم الذاتي)، اي ان المجلس الكوردي في صفة عبد الحكيم بشار، وافق على مضمون بيان أستانا 13 الذي يحمل صيغة شديدة عدائية للشعب الكوردي، وهذا يزيد الشكوك حول المجلس الكوردي فيما اذا كان امينا حقا على ملف غربي كوردستان. 
سوى هذا الانجاز الباهر لسيرك أستانا في نسخته الـ 13، فانه لم يحرز اي تقدم في المسائل الخلافية الاساسية، ومنها تشكيل اللجنة الدستورية، التي يتم ترحيلها من جولة الى اخرى، نظرا لتباين مواقف الاطراف الضامنة لمسار أستانا.  
ورغم ان ديباجة البيان الختامي، اشارت إلى الترحيب بما توصل اليه الاطراف المشاركة في المحادثات، الا انها لم تستطع التغطية على الخلافات بين الضامن التركي من جهة والروسي والإيراني من جهة اخرى، حيث تقرر ترحيل  المسائل الجوهرية إلى جولات قادمة.
حيث يلعب الروس والإيرانيون على عامل الوقت، بانتظار تطور ما، يسمح لهم بتمكين النظام من الانفلات من قرار مجلس الأمن 2254، والسيطرة على شمال غرب سوريا، دون اجراء تغييرات جوهرية تمس بنيته الدكتاتورية، كذلك تقوم تركيا بسرقة الوقت، بهدف تكريس احتلالها لاراض سورية، وتمكين الفصائل الارهابية الموالية لها، لمنع قوات النظام من التقدم باتجاه الاراضي التي يحتلها الجيش التركي، حيث تتطلع أنقرة إلى قبرصة الشمال السوري. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…