مشاورات غير آمنة.. حول منطقة آمنة

أكرم الملا
في الفترة الأخيرة تكثفت المحادثات واللقاءات بشأن “المنطقة الآمنة”على الشريط الحدودي بين كوردستان سورية وتركيا وخاصة بين اميركا وتركيا الدولتان المهتمتان بإقامة هذه المنطقة، وكذلك بمشاورات أخرى بين تركيا والاتحاد الأوربي من جهة وأميركا والاتحاد الأوربي من جهة أخرى.
بدأت عملية شد الحبل بشأن اقامة المنطقة بين اميركا وتركيا، حيث أرادت كل واحدة جر لحاف المنطقة الى نفوذها وكل حسب شروطه، فتركيا تريد اقامة منطقة على مقاسه وتحت اشرافها، وهذا سيعني أن هذه المنطقة لا يمكن تسميتها ” آمنة “، والخلاف هنا واضح بين اميركا وتركيا، الأمريكان كما يبدوا قرروا البقاء في شرق الفرات الى أجل غير معروف، 
وزاد التوتر بين الدولتين بعد اتمام تركيا صفقة الصواريخ الروسية وبتحد واضح مع أميركا، الشروط التركية المطروحة لإقامة المنطقة الآمنة، قطعاً لا تتناسب مع الرؤية الأميركية والكوردية، ان الابتزازات أو بالأحرى التهديدات التي تطلقها تركيا على لسان أردوغانها ورعيته ليست الا بالونات اختبار لرد الفعل الأميركي والأوربي ورسائل مدروسة الى الداخل التركي، الذي لقن في الفترة الأخيرة درساً تربوياً للسلطان المتعجرف، كي يربح الأصوات التي فقدها في انتخاب البلديات من خلال حماية الأمن القومي التركي وتسجيل مواقف وطنية تجاه الخطر المزعوم على الدولة التركية.
ان مسألة القيام بعملية عسكرية تركية في منطقة شرق الفرات لن تتم على الأقل بشكل موسع أو كما تهدد به تركيا، وان جرت هكذا عملية في ” كري سبي ” و” رأس العين” فلن تكون الا بموافقة وتنسيق مع ” الأصدقاء ” الأمريكان، لكن ليس ببعيد أن تغض أميركا النظر عن عملية محدودة من قبل تركيا وخاصة في منبج، لوجود تنسيق مسبق بين الأمريكان والأتراك حول اخلاء هذه المدينة من قوات ” قسد ” وذلك لتخفيض حرارة الموقف التركي واحتواء موقفها المشاغب.
ان المنطقة المنشودة لن تكون آمنة طالما هناك مشاورات غير آمنة وغياب الثقة المتبادلة بين الأطراف ذات الشأن، و لن تكون آمنة الا بإشراف دولي ووجود قوات أميركية أوربية مشتركة من خلال نقاط مراقبة والأفضل أن يكون ذلك مدعوماً بقرار دولي.   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…