لقد حان وقت تغيير النظام في إيران

بقلم عبدالرحمن – ك – مهابادي*
في انتفاضة الشعب الإيراني التي اشتعلت في الأيام الأخيرة من عام ٢٠١٧، انتفضت موجة ملونة ومتنوعة من المجتمع الإيراني. وكما المطر يزهر الربيع في الأرض، أخذ كل شئ لون الطبيعة ولكن في النهاية من تبقى كانوا من طبيعة الربيع وكانت جذورهم في قلب أرض الطبيعة. البعض خبأ رأسه سريعا في الوحل وفي الشوك أيضا لأنهم لم يكونوا من أهل التضحية في سبيل الشعب وخدمتهم وجاؤوا للميدان فقط من أجل ركوب الموجة.
وما بقي صادما في الساحة هي المقاومة الإيرانية التي ناضلت خطوة بخطوة ضد الدكتاتورية الحاكمة في إيران وكانت في صراع معها منذ ٤٠ عاما. قدمت مئات آلاف الشهداء والجرحى والسجناء وفي خضم الأحداث المفصلية بقيت ثابتة على عهدها مع شعبها ووطنها ووفية لمطالب شعبها المنتفض.
يحتفل الإيرانيون المعارضون لنظام الملالي في الخارج بالذكرى السنوية لمقاومتهم ضد الملالي. تركيز هذه الذكرى السنوية والاحتفال في الأعوام الماضية كان في العاصمة الفرنسية باريس، مكان إقامة السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وللاحتفال بهذه المناسبة يجتمع كل عام أكثر من ١٠٠ ألف إيراني من جميع أنحاء العالم وتدعى مئات الشخصيات والهيئات البرلمانية والدولية من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للمشاركة فيها ودعم المقاومة الإيرانية.  في التجمعات السنوية، تعلن السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة، عن أهم وأحدث مواقف المقاومة الإيرانية بشأن نظام الملالي والتطورات الدولية المتعلقة بإيران.
هذا العام أخذت هذه الفعاليات شكلا آخرا بنفسها بحيث أصبح لها جذر وأصول في الظروف العالمية الحساسة والمصيرية فيما يتعلق بإيران. في ١٥ يونيو في بروكسل وفي ٢١ يونيو في واشنطن شهدنا قسما من هذه الفعاليات التي سنشهد مثلها في بقية البلدان والعواصم الأوروبية. بعبارة أخرى هذا العام ستصل نشاطات المقاومة من نقطة التركيز نحو نقطة التوسع والآن تجد الصوت المحق للشعب الإيراني يصدح من قبل المقاومة حتى يرن صداه في جميع أنحاء العالم. وهذا تقدم كبير للمقاومة ضد نظام الملالي أن تتقارب للتطورات السياسية والعالمية والإقليمية الكبيرة معها أيضا.
في ظل هذه الظروف أيضا فإن ضعف وهشاشة نظام الملالي ليس أمرا يمكن حصره في شعارات وتحاليل المعارضة. فهذه هي الحقيقة التي أجمع النظر حولها ويتحدث من خلالها في جميع المحافل السياسية العالمية عن المراحل النهائية لنظام الملالي. لأن هؤلاء وصلوا لمأزق أمام حل مطالب الشعب وحل المشاكل المعيشية الخاصة بهم وهم يواجهون انكماشا في الحكم ويعملون القسوة والخشونة في تعاملهم مع الشعب وعلى المستوى العالمي والإقليمي يعيشون في عزلة تامة ومطلقة.
دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، قال في تغريده له يوم الثلاثاء ٢٥ يونيو ٢٠١٩ متحدثا حول النظام الإيراني بأنه للأسف الشيء الوحيد الذي يفهمه رؤوس النظام الإيراني هو لغة القوة فقط. إن الاعتراف بهذه الحقيقة أمر مهم جدا في التطورات الدولية الجارية ضد نظام الملالي بأن المقاومة الإيرانية دعت من سنوات سابقة الحكومات لاتخاذ مثل هكذا قرار. ولكن متبعي سياسات الاسترضاء الغربيين أغلقوا بكل وقاحة أعينهم وصموا آذانهم عن هذه الحقيقة. ولهذا السبب أصبح نظام الملالي أكثر جرأة من الماضي في انتهاك حقوق الإنسان في إيران والتدخل في تحديد مصير شعوب الدول الأخرى وحتى في الدول البعيدة عنه أصلا. وفي نفس الوقت اقترب من صنع القنبلة النووية خطوة أخرى. وهنا يكمن الخطر الشديد ففي حال وصول الملالي لمثل هذه النقطة، فما المصير المر والمؤلم الذي ينتظر المجتمع الإنساني.
مع مرور عام ونصف العام على اندلاع انتفاضة الشعب العارمة، فإن قضية إيران عبارة عن نظام متأزم واقع في المآزق ومتجه نحو السقوط. إن استمرار الانتفاضة الشعبية العارمة واعتلاء واستعداد المقاومة المنظمة على كلا جانبي الحدود والضغوطات والعقوبات، جميعها ظروف تؤدي دورا مساعدا مهما في إسقاط الملالي. الضغوطات والعقوبات التي كادت أن تنجر نحو الساحة للعسكرية والحرب وجعلت نظام الملالي يتحول لفأرة عالقة تقوم بنشر الحروب ولكن مصيرها محدد وواضح مسبقا.
إنما يتم البحث حوله الآن في المحافل السياسية وحتى العسكرية ليس موضوع قوة الملالي، بل موضوع تباهي الملالي بقوتهم الزائفة في المجالات العسكرية والسياسية، الأمر الذي يسعى الملالي للترويج له دائما بهدف إعطاء المعنويات لقواتهم ومناصريهم. وإنما تم الاجماع حوله أن موضوع سقوط نظام الملالي هو أمر لا مفر منه أبدا. إن تقارب وانحياز التطورات الدولية جميعها ضد نظام الملالي وتوسع اعتلاء الانتفاضة ومقاومة الشعب الإيراني هما عاملان جعلا من مصير وتوقعات نظام الملالي سوداوية وقاتمة.
ونهاية، وفي أعقاب مظاهرات المقاومة الإيرانية أمام وزارة الخارجية الأمريكية في ٢١ يونيو، قال مايك بنس نائب الرئيس ترامب في مقابلة مع شبكة سي بي اس الأمريكية: “إنما نريده هو الوقوف لجانب الشعب الإيراني الذي اجتمع الآلاف منه يوم الجمعة أمام البيت الأبيض وخرج مئات الآلاف منهم في العام الماضي للشوارع في أنحاء إيران ونحن نريد أن نقف لجانبهم لكي نرى إيران تتمتع بمستقبل زاهر”.
لذلك، الحقائق الموجودة في المشهد السياسي اصطفت بشكل صحيح ودقيق إلى جانب بعضها وأجراس خطر اقتراب المرحلة النهائية لنظام الملالي دقت لتصل أصواتها كل مكان. القوات غير الحقيقية اختفت من الساحة وقد حان وقت المواجهة الحقيقية بين قوتين اثنتين متخاصمتين. نظام الملالي من جهة، والشعب والمقاومة الإيرانية من جهة أخرى.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…