ذكرى ثورة الشيخ سعيد بيران

المحامي عبدالرحمن نجار
مع فيصل فرات يشعران بالغضب بتاريخ 1925/6/30 نفذ العدو التركي المجرم حكم الإعدام بحق قائد الثورة الكوردية الشيخ سعيد بيران ومجموعة من رفاقه الأبطال، والسجن بحق عدد منهم، وذلك بعد مقاومة بطولية حوالي خمسة أشهر من إندلاع الثورة في 1925/2/11 .
حيث ان الشيخ سعيد بيران من مواليد بالو/1865م درس وأكمل دراسته ونال الفقه الإسلامي وأصبح مرشداً للطريقة النقشبندية وزعيماً بعد وفاة والده، ويعد من أبرز زعماء الكورد في كوردستان الشمالية، وأول من قاد ثورة مسلحة ضد كمال أتاتورك آنذاك للمطالبة بالحقوق القومية الكوردية المشروعة التي وعد بها كمال أتاتورك بموجب إتفاقية سيفر في 1920/8/10، وثم تنصل منها . 
ولقد بذل الشيخ سعيد جهوداً جبارةً في سبيل نشر العلم والمعرفة بين الكورد ومارس النشاط السياسي منذ تأسيس الجمعيات والمنظمات الكوردية بين أعوام 1908-1923.
وكانت له صلات وثيقة مع العائلات الكوردية الكبيرة كعائلة بدرخان بك، وعائلة الشيخ عبيدالله النهري بالإضافة إلى الزعماء السياسيين المعاصرين له .
ونسبة بيران التي أشتهر بها هي قرية صغيرة بالقرب من قضاء بالو، وفيها وقعت أول مواجهة بينه وبين جنود أتاتورك .
ففي نوفمبر ( تشرين الثاني ) من عام 1924م سافر علي رضا نجل الشيخ سعيد بيران إلى حلب عبر دياربكر للتنسيق بصورة نهائية مع القادة الكوردالآخرين عن تنظيم ثورة، وأنعقد مؤتمر شارك فيه عدد كبير من الشخصيات الكوردية في تركيا والعراق وسوريا .
وفي ديسمبر ( كانون الأول ) ألقت حكومة أتاتورك القبض على خالد جبرانلي، وحاجي موسى ويوسف خبيا من جمعية آزادي ( الإستقلال )، فرد الكورد على ذلك بإختيار الشيخ سعيد بيران رئيساً لجمعية ( إستقلال كوردستان )،وتم تحديد بدء الثورة في يوم عيد نوروز 1925/3/21 .

قام طاهر بيران شقيق الشيخ سعيد بالإستيلاء على البريد من ليجة إلى سيردي ووصل على رأس وحدة تضم 200 مقاتل إلى كينجو، وسلم الوثائق والأموال التي أستولى عليها للشيخ سعيد بيران وهذه الأحداث أصبحت هي بداية الثورة التي أندلعت قبل الموعد الذي كان محدداً لها في 21 آذار / مارس في العيد القومي للشعب الكوردي (عيد نيروز ) . 
وتمكن الثوار من تحرير محافظة كينجو، وأسر المحافظ والموظفين الأتراك، وتم تعيين السيد فقه حسن محافظاً  جديداً في كينجو، وصدر قانون أستثنائي يحمل توقيع الشيخ سعيد يقضي بأن تكون محافظة كينجو عاصمة مؤقتة لكوردستان الشمالية .
وحيث أنتقلت السلطة الدينية والمدنية إلى الشيخ سعيد بيران، وأرسلت جميع الضرائب والأسرى إلى كينجو،كما أصدر الثوار نداءاً  أعلنوا فيه إلغاء ضريبة العشر الصعبة التي كانت مفروضة على السكان من قبل الحكومات التركية، وتم دعوة السكان بدلاً من ذلك إلى تقديم الموأن للثوار، مما لاقى استحساناً واسع النطاق بين صفوف الجماهير الواسعة .
وتقدمت الثورة بشكل سريع على الأرض وألتف حولها آلاف من كل جانب، وتمكنت من الإستيلاء على ليجة وخاني، وأنضم إليها قوات صالح بك، وفصائل حاجي حسن وعمر فارو، وعشائر مستيان وبوتاني في جنوب جابكجور ، وكذلك أنضم للثورة فصيلة كبيرة تابعة للشيخ شمس الدين في ضواحي ديار بكر، وبلغ عدد الفصائل الكوردية 20 ألف مقاتل، مما أربك حكومة أتاتورك، وأثار الزعر بين قياداتها .
وفي 2 مارس آذار 1925 أستقالت حكومة فتحي بكو في أنقرة، وترأس الحكومة الجديدة في اليوم التالي عصمت إيننو، وشددفي برنامجه الذي ألقاه أمام البرلمان على ضرورة القضاء على مثيري الإحتجاجات حسب زعمه واستتباب الأمن في البلاد، وأعدت بموجبه تدابير عسكرية، لقمع ثورة الشيخ سعيد بيران .
وفي 4 مارس آذار صدر مرسوم يعطي السلطات صلاحيات واسعة لمحاربة الحركات الشعبية، وأي نشاط معارض، وأقدموا على تشكيل محكمتين، واحدة في أنقرة ذات صلاحيات محدودة، وواحدة في الولايات الشرقية تتمتع بصلاحيات مطلقة .
وفي 1925/3/11 أمر الشيخ سعيد بشن هجوم على ديار بكر من جميع الجهات، لكن كانت القوات التركية متفوقة عتاداً  وعدداً وسيطرت على الموقف، فأصدر الشيخ سعيد بيران أوامره بالإنسحاب والتراجع نحو درخاني .
في نهاية شهر آذار وبداية شهر نيسان عام 1925 أستطاع الجيش التركي شن هجوم على منطقة الثورة من عدة جهات في آن واحد وكان قائد القوات التركية الجنرال كمال الدين سامي باشا، وأطبقوا الحصار على الثوار، كما أصدرت الحكومة التركية بياناً بنفس الوقت وعدت فيه بمنح مكافأة مالية وقدرها ألف ليرة ذهبية، لمن يلقي القبض على الشيخ سعيد بيران، وسبعمائة ليرة ذهبية لمن يأتي بجثته حتى بعد وفاته، وتحولت المعارك لصالح القوات التركية المهاجمة وكانت بداية إنهيار الثورة .
وفي 1925/4/6 أضطر الشيخ سعيد بيران يرافقه 300 فارس للتراجع نحو سالهان . 
وفي أواسط أبريل ( نيسان ) من نفس العام تمت محاصرة القوات الرئيسية للثورة وتحطيمها في وادي كينجو، وإلقاء القبض على قادتها وعلى رأسهم الشيخ سعيد بيران، والشيخ علي، والشيخ غالب، ورشيد آغا ومحمدآغا، وتيمورآغا، وبذلك تم القضاء عملياً على ثورة الشيخ سعيد بيران .
وفي 13أبريل ( نيسان ) 1925 أقدمت القوات التركية على إعتقال سيد عبدالقادر ونجله سيد محمد، وكور عبدالله سعدي، وزعماء عشائر هوشينان .
وفي 14مايو ( أيار ) 1925بدأت محاكمة عدد كبير من الثوار وحكم على عددمنهم بالإعدام، وأودع الباقي في السجن . 
وفي 29 مايو ( أيار ) 1925 صدر بحقهم الحكم . المجد والخلود لشهداء الكورد وكوردستان . والموت والخزي والعار لأعداء الكورد أعداء الإنسانية.
فرنسا: 2019/7/1

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…