أمريكا وايران… ولعبة المكر

 عزالدين ملا
المشهد العام الأكُثر رواجا، الصراع والتهديد الاعلامي بين أمريكا وإيران بغض النظر إلى العقوبات القاسية التي فرضتها أمريكا على إيران، الدولتان كانتا أكثر استفادة من بعضهما البعض خلال تلك المناوشات الناعمة والخشنة منذ عقود، أي منذ وصول الخميني إلى السلطة في طهران، فشخصية خميني الذي أقام في كنف الغرب، ووصوله إلى الحكم بإرادة غربية وأمريكية بحتة، وجعل من إيران أداة لزرع البلبلة والزعزعة في منطقة الشرق الأوسط، والمستفيد الرئيسي من كل ذلك إسرائيل، التي كانت بنادق الدول العربية والاسلامية موجه نحوها ثأراً لوعد بلفور التي سمحت بإنشاء دولة يهودية في فلسطين، ومهندس تلك الاتفاقية كانت الدولة البريطانية، وهي نفسها أي بريطانية من ربّت الخمينية وساعدته للوصول إلى الحكم في طهران.
 نتذكر الخميني وفي عشية حكمه دخل في حرب طويلة مع العراق استمرت ثمانية أعوام، وكان السبب الرئيسي لأمريكا وحلفائها إرسال حاملاتها وقواتها إلى الخليج العربي وخليج عُمان، بحجة حماية الطريق الاستراتيجي الذي يضخ الاحتياجات العالمية بـ حوالي 40% من النفط العالمي، ومن ثم قامت إيران بزرع ميليشياتها على حدود اسرائيل لمنع أي تهديد عربي ضد اسرائيل، حيث زرعت ميلشيا حزب الله في جنوب لبنان، وميلشيا حماس في غزا، وهما سببا عدم الاستقرار في لبنان وفلسطين، وأصبحا حاجزَيْ حماية لإسرائيل تحت يافطات براقة عن المقاومة المزعومة والوهمية لخداع شعوب المنطقة.  
ان ما يحدث ليست سوى تناغم وتبادل بين الدولتين الأمريكية والايرانية، لاستمرارية التوتر والزعزعة في منطقة الشرق الأوسط، فالحرب الوشيكة بين أمريكا وإيران ضرب من الخيال، هل يتخلّى كلٌّ منها عن الفوائد التي حصلت عليها، من خلال التقاء مصالحهما في كثير من الجوانب ان كانت عسكرية أو اقتصادية أو سياسية.
عسكريا هناك ترابط بين العمليات العسكرية التي تقوم بها إيران وأذرعها في العراق وسوريا واليمن، وقيام الولايات المتحدة الأمريكية إلى بناء المزيد من القواعد العسكرية وإرسال جنودها إلى المنطقة وتسجيل صرف مليارات الدولارات لها على حساب حكام الخليج الذين يصرفون أمولا طائلة فقط لحماية سلطاتهم.
سياسياً، إيران تتحرك بخطى عملية وخبرة سياسية للحفاظ على جبروتها في المنطقة والتي تدفع بأمريكا إلى اتخاذ سياسة المدافع عن المنطقة، وذلك للحصول على المزيد من المكاسب، من خلال سياسة كرّ وفرّ.
أمريكا وحلفاؤها هم من زرعوا إيران في المنطقة لتنفيذ سياساتهم المصلحية لزعزعتها ونجحوا، ولكن زيادة جبروت إيران وطغيانها وأطماعها اللامحدود بثّ الخوف لدى أمريكا وحلفائها، وخاصة بعد زيادة قدراتها العسكرية وخاصة السلاح النووي ومنافستهم.
تحاول أمريكا فقط إعادة ترويض إيران وليس القضاء عليها، فقط برمجتها ووضعها تحت كونترولها، فالطرفان يكملان بعضهما البعض في استنزاف المنطقة من كل الجوانب.
فكيف لا يمكن القضاء على سلطة إيران إذا كانت هناك إرادة، ولكن إرادة أمريكا هو الحفاظ على تلك السلطة الحاكمة، لأنها تعتبر إيران بيضة قبان لها، لما تدر عليها بالأموال الطائلة دون خسائر.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…