بهزاد قاسم
بدأت ثورات “الربيع العربي” على شكل احتجاجات سلمية في بعض البلدان العربية منذ بداية 2011 وكان من أهم اسبابها أن معظم الدول العربية ذات انظمة استبدادية وأن أكثر حكامها أتوا الى الحكم بطرق غير شرعية، وتشبثوا بالكرسي لعقود طويلة أدى الى انتشار الفساد والركود الاقتصادي وسوء الاحوال المعيشية لعامة الناس.
منذ اليوم الاول من اندلاع ثورات الربيع العربي طالب جماهير شعوب الدول العربية بالحريات السياسية والاقتصادية ودساتير جديدة لبلدانهم ومستوى مقبول من المعيشة وكان من أهم شعاراتها وفي كل بلدان الثورات الشعار المعروف ” الشعب يريد اسقاط النظام ”
شرارة ثورات الربيع العربي بدأت تشعل الدول المجاورة ومنها الدول المحتلة لأجزاء من كوردستان كتركيا وايران، ويبدو أن تركيا البلد الاقرب والاكثر ترشيحاً لاندلاع الثورة والربيع القادم. ففي تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان نقلته وكالة الانباء الرسمية التركية في يوم 4/5/2019 يقول: البعض ويقصد به أمريكا والغرب ” لا يزالون يحنون الى حدوث ربيع تركي، في حين تحول كل مكان جلبوا له الربيع الى شتاء حالك، ويضيف أردوغان أن تركيا عبر تمتعها بتقاليد دولة تمتد لآلاف السنين وماضيها الحضاري المجيد وخبرتها الممتدة في الحكم بمنطقتها أكبر من أن يستطيع أحد على ابتلاعها “ويضيف السيد اردوغان أن الحالمين بحدوث ربيع تركي واهمون مشدداً على أن تركيا ليست ولا تشبه دول الشرق الاوسط وشمال أفريقيا وهي اكبر من أن يستطيع أحد التأثير عليها..”
هذا هو نفسه السيد اردوغان الذي مدح ثورات الربيع العربي وصرح مرات منذ 2011 أن ثورات الربيع العربي ستساهم على توعية الشعوب العربية وزيادة اهتمامهم بالديمقراطية وكل هذا سيساعد على النمو الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة بصورة كبيرة في تلك الدول ….
كما يقول السيد اردوغان أن تركيا لن تسمح بتغيير خارطة الشرق الاوسط هذا يؤكد أن ثورات الربيع العربي والربيع القادم التركي والايراني والذي ستصبح شتاءً على تلك الدول وشتاءً حالكاً كما وصفه اردوغان نفسه لتنفيذ خارطة الشرق الاوسط الجديد…
كوردياً وأمام كل هذا الانقلاب الكبير في منطقة الشرق الاوسط والتي تجلب لكل الدول المحتلة لكوردستان شتاءً حالكاً وهل تستطيع الحركة الكوردية تحويل شتاء الاعداء الى ربيع كوردستاني حقيقي من أهم أهدافه استقلال كوردستان؟
لن أتحدث عن ال pyd و كل منظوماتهم لأنهم وبكل بساطة يرفضون كل ما هو قومي وكوردستاني ورموا الدولة القومية الكوردية خلف ظهورهم، وأصبحت سياساتهم فقط تقديم خدمات وتنفيذ أجندات لتركيا وسورياو ايران، وتتضح أكثر من خلال ما يصرح به قادتهم وما تصريح قائد قوات سوريا الديمقراطية في مؤتمر العشائر العربية في بلدة عين عيسى السيد “مظلوم عبدي” حيث قال أنهم يخوضون مفاوضات غير مباشرة مع تركيا مؤكداً استعدادهم حل جميع المشاكل العالقة مع تركيا وما هذا التصريح إلا اعتراف ضمني أن لهم علاقات مسبقة مع تركيا وانهم على استعداد لحل المشاكل العالقة فقط، كما أن دعوة عبدالله أوجلان بعده بأيام ومن خلال محاميه الى حل المشاكل مع تركيا عبر الحوار تؤكد ذلك.
هنا أقصد به الأحزاب الكوردية في المجلس الوطني الكوردي بكل انتصاراتها ونكساتها والتي تمثل تاريخ الحركة السياسية الكوردية في غرب كوردستان وثمرة نضال آلاف المناضلين الكورد منذ مئات السنين، فمنذ البداية اختارت الحركة الانضمام الى المعارضة السورية، للأسف دون اعتراف من المعارضة بالأرض الكوردستانية والهوية الكوردية، وحوَّلت المعارضة القضية الكوردية الى قضية سمتها هي وطنية سورية، وكأنه لا وطن اسمه كوردستان، وأقنعت المعارضة المجلس الوطني الكوردي أن حق تقرير المصير للشعب الكوردي في اقامة دولته المستقلة أصبح حلماً من الماضي، وأن سقف الحلول لا تتجاوز الاعتراف بهوياتها الثقافية إسوة بباقي المكونات السورية.
منذ بداية الازمة السورية الحركة الكوردية لم تدرك استحقاقات المرحلة ولم تدرك أن المرحلة فاصلة، ومازالت متأخرة عن فهمها، ولم تدرك بعد أن المنطقة أمام تقسيم جديد وستظهر دول أخرى وبأسماء أخرى وأن تقسيم الشرق الاوسط بدأ ووضع وترسيم حدود خارطتها من على الورق الى على الارض بات قريباً وما تصريحات السيد أرودغان واتفاقات بشار الاسد مع اسرائيل حول الدولة العلوية وحدودها، إلا تأكيد على ذلك. لذا اعتقد المطالبة باستقلال كوردستان سوريا من دول أصحاب القرار وخاصةً أمريكا وروسيا ليس بعمل سياسي فقط، بل هو مطلب للحفاظ على شرف و كرامة الشعب الكوردي، وكل ما غيره يعتبر مطالب تبعية وأشكال أخرى للعبودية ومشاركة الأعداء في بقاء أرض كوردستان محتلة.