إلى العفرينيين خارج سوريا هذه المرّة تحت شعار (( أعيدونا )) لماذا لا تكون عودتنا نحن ؟

المحامي عماد الدين شيخ حسن 
نداء عودةٍ من نوع آخر 
مراراً وُصفنا نحن البعيدون آلاف الأميال عن تراب الوطن بالجبن و التخاذل و الأنانية ، و تكراراً سُئلنا و تساءلنا إزاء ما يجري عن واجبنا و المسؤولية .
لا شكّ بأنّ الكلّ عانى و تألّم و دفع الثمن بشتى الصور و الألوان ، و الكثير من ذاك الكل حاول و سعى التخفيف و الحدّ مما يجري قدر الإمكان ، مدركاً او مستنتجاً في الآن ذاته بأنّ الحمل ثقيل لا يستهان .
كثيراً خاطبنا من هم خارج تخوم عفرين و على أطرافها في العراء و  المخيّمات و غيرها بالعودة و بإلحاحٍ  من منطلق استشعارنا مخاطر اللا عودة و التي يستشعرونها هم ايضاً ، لا بل ربما أكثر منا بكثير كونهم يعيشون الحالة و المعاناة أضعاف ما نحن ، لذلك كانت ردود أفعالهم تجاهنا قاسية أحيانا ، و بتنا في نظرهم مجرّد بأئعي أوهام و شعارات و وطنيات ليس إلا ، و أراهم محقّون و لا لوم عليهم أو عتب .
من تلك الحيثيات و الكثيرة غيرها كحيثية أن الأوضاع تتفاقم سوءاً و خطورةً في عفرين يوماً بعد آخر أمام عالمٍ يأبى إلا أن يكون صمّا بكماً عمياً إزاءها و إزاء مسبّبيها رغم كل الصرخات و النداءات و التعابير ،  و أيضا منً حيثية التخبّط و الضياع الذي نعيشه هنا في اوربا و غيرها من بلدان المهجر، و غياب القدرة على  ايجاد جسمٍ جامع قادرٍ و مؤثر ، يستطيع أن يعي متطلبات المرحلة و جدوى النهوض بها و تلبيتها ، من كل تلك الحيثيات رأينا :
 أن نضع أنفسنا أمام تجربةٍ أخرى و إختبارٍ حقيقي نراه ممكناً و نتوقعه هامّ التأثير و الأثر ، يتمثّل في عودة فئةٍ منّا نحن ممن نعيش في بلاد المهجر إلى أرض الوطن ، لما لهذه العودة و البادرة  من أهميّة بالغة ندرك جميعاً فوائدها و  أبعادها ، و لعل أبرزها تكمن في  مواجهة التغيير الديموغرافي في عفرين و مواجهة استهداف وجود الكورد .
أجل…..عودتنا نحن ، و لما لا ؟ 
و لكن بصورةٍ منظّمةٍ مدروسة و وفق تخطيطِ و ضمانات و لو بسيطة .
إذ آن أن ندرك بأننا نعيش مرحلة حساسة و مصيرية سترسم ماضينا و حاضرنا و مستقبل اجيالنا ، و مهما كنّا متحكّمين ضعفاء بالمرحلة مقارنة بغيرنا ، فلا بدّ أن نسعى ، لأننا أضعف الايمان سنحدّ من حجم البلاء ، و السعي يقيناً لن يكون سهلا و سيكون له تضحية و ثمن ، و المطلوب عقلاًنية أن نقارن بين المحتمل من المضار و المنافع و الاختيار على اثره .
لذلك أسألكم و نفسي قبلكم أيها العفريني في المهجر ، يا من تجاوز الأربعين من عمره ، أيّ حياةٍ سنعيشها هنا بعد هذا العمر ، و أي الانجازات سنحققها و إيّ مستقبل ينتظرنا ؟
يقيناً لا نعمّم بل نقصد الغالبية العظمى التي و دون سؤال تعاني الأمرّين في التأقلم مع واقعه الجديد .
و أيّاً يكن …فالتضحية  ينبغي أن يتقاسمها الجميع و أن يتشارك الجميع دفع الثمن ، الزوجة و الأولاد و سواهم ، طالما الضرورة تفرض ذلك .
من ناحية اخرى ، يجب التخطيط لأن تحقق شكل العودة و حجمها  أقصى فاعلية ممكنة في بلوغ غاياتها .كالجانب الإعلامي و جذب الرأي العام و في الآن ذاته تأمين أكبر قدر ممكن من الضمان و الحماية للفئة العائدة و سلامتها ، سواء اثناء العودة و الانتقال أو أثناء ما بعد الوصول .و بمستوى ضمانات دوليّة .
بقي أن نعلم بأنّ هذا الحقّ و مطالبة الدولة التي ستغادرها هو حق من الحقوق الأساسية للإنسان 
المادة (١٣) من الميثاق العالمي لحقوق الانسان ١٩٤٨ ((   لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده )) .
في الختام …نرجو أن تلقى الدعوة القبول و الترحاب و الاهتمام ، و نظنّ بأن الرغبة و الإرادة و وعي المسؤولية هي الكفيلة بخلاصنا من الحجج و الأعذار التي غالباً ما تكون مختلقة و ساذجة جداً مقارنة بالهدف الأسمى .
في ١٣ / ٥/ ٢٠١٩

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شكري بكر إن ما يحدث في سوريا ومنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية بين السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ، وما إتفاق 10 آذار هو إتفاق عسكري وإداري لا علاقة له بالقضية الكوردية لا من قريب ولا من بعيد . فالبنود الثمانية التي وقع عليها كل…

شادي حاجي   إلى السياسيين الكرد، إلى المثقفين، إلى النخب في المجتمع المدني، لنكن واضحين منذ البداية: لا يوجد إنجاز كردي حقيقي في سوريا دون تغيير جذري في طريقة التفكير. وكل حديث عن مكتسبات أو انتصارات، بينما العقل الذي يدير المشهد لم يتغير، ليس سوى محاولة لتجميل الفشل أو تأجيل الاعتراف به.   التجارب السابقة لا تحتاج إلى مزيد من…

نحن، المنظمات الحقوقية السورية الموقِّعون أدناه، نتابع ببالغ القلق والاستنكار الجريمة الخطيرة التي تعرّض لها المدنيون في حي وادي الذهب بمدينة حمص، حيث تشير المعطيات الميدانية الأولية، وشهادات السكان المحليين، والمواد المصوَّرة المتداولة، إلى وقوع تفجير إرهابي داخل جامع علي بن أبي طالب التابع للطائفة العلوية، أثناء تواجد عدد كبير من المدنيين المصلِّين داخله، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين…

صلاح بدر الدين تدعو الكاتبة سميرة المسالمة، في مقالها “مواطنون في دولة سورية… لا مكوّنات ولا أقليات” (“العربي الجديد”، 22/12/2025)، إلى “مجتمع من المواطنين… يتحرّرون من الإرث الثقيل الذي خلفه النظام الأسدي باستعادة دورهم ذواتاً فاعلةً، وبناء الثقة المتبادلة فيما بينهم، من خلال تعريف أنفسهم شعباً واحداً لا مكوّناتٍ ولا أقلياتٍ متفرّقة، وتعزيز هُويَّتهم مواطنين لا رعايا”. وتضيف: “فالجماعات الإثنية،…