أكرم حسين
«يُمَهِدْ» هذا النص للبحثِ الجديِّ في التحديات التي تواجه المجلس الوطني الكردي، والصعوبات التي تعترض مسيرتهُ كي «ينْهَض» من جديد و«يستعيد» دوره المأمول في الدفاع عن حقوق الشعب الكردي!
لقد «صَنَعَتْ» الثورة السورية عَالَمَاً «مُخْتَلِفاً» لمْ تَعْد للاستراتيجيات واساليبِ العملِ القديمةِ مكاناً فيه، وباتتْ «القوى الكردية» عاجزةً بالتأكيدْ عن «التصدي» للاستحقاقات الجديدة والأوضاع «المُغلقة» التي رافقت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي على المنطقة، فقد ضاعف استمرارها على ما هي عليه من سياسات واستراتيجيات وفكر يومي من المشاكل والازمات التي احاطت بالمجلس الوطني الكردي، واضعفته كثيراً..!
الاساس في عمل المجلس الوطني الكردي هو «الكردايتي » وحقوق الشعب الكردي، والمجلس ليس الا «أداة» بغية الوصول الى هذا الهدف، ولكي تكون هذه الأداة سليمة وقوية وفاعلة، على المجلس ان يقف بجدية امام التحديات التي تواجهه!.
من ابرز هذه التحديات «عقد المؤتمر الرابع» والذي تم تأجيله في البداية بسبب «منع» انعقاده من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، وفيما بعد لغياب الرغبة لدى البعض في تفعيله ومأسسته وضخ دماء جديدة فيه، فالقيادة «الحالية» للمجلس لا تحبذ التغيير والعمل الميداني، وتعتمد الاساليب القديمة في العمل السياسي، والابقاء على الوضع الراهن والامساك به، وتمارس موقفا براغماتياً تجاه السياسة الاقليمية والدولية..!
التحدي الثاني هو في عدم «النَوَسَان» واتخاذ «موقف» واضح وصريح من «الادارة الذاتية» القائمة على ارضية مصالح الشعب الكردي والوقائع العنيدة – هل هي في مصلحة الشعب الكردي ام في مصلحة «اعدائه» – فإما البحث عن المشتركات والاتفاق على الية للتعاون والمشاركة – واما «التصدي» لممارساتها وانتهاكاتها ومواجهة استحقاقات المرحلة كممثل للشعب الكردي، لان البقاء في المنطقة الرمادية والمراهنة على عامل الوقت والزمن وعلى تطور بعض المواقف الاقليمية والدولية لن يكون في صالح المجلس، فهو «يخسر» يوميا رصيده وقاعدته الشعبية و«يتقلص» حجمه ودوره، وليعلم المجلس الوطني الكردي وقادته بانه لولا دعم اقليم كوردستان والرئيس «مسعود بارزاني» شخصيا لما استطاع المجلس ان يقف ويستمر متماسكاً حتى الان .!
التحدي الثالث هو في الاهتمام المتزايد بمشاكل الناس ومحاولة بناء اوثق الصلات وتعزيز العلاقات، وفتح ميادين جديدة لممارسة السياسة، وكسر النمطية السائدة في المشهد الكردي في ظل الظروف السياسية والاقتصادية السائدة ..!
التحدي الرابع هو في كيفية «توسيع» المجلس الوطني الكردي، وكسر «الاقفال» الصَدِئَة، وخلق «بيئة» مناسبة كي يشمل كل القوى والشخصيات والاحزاب التي تنتمي الى نهج البارزاني الخالد نهج الكردايتي والمشروع القومي، وبعبارة أدق كيف «يرتقي» المجلس ليكون مظلة للشعب الكردي وممثلا له لا يمكن تجاوزهُ، كما في حالة منظمة التحرير الفلسطينية، فالمجلس لم يعد يُعبِّر اليوم عن «مصالح» الشارع الكردي ، لأنه ابتعد كثيرا ًعن «نبضه»..!
التحدي الخامس هو في عدم فتح المجال لليأس والتردد، الامر الذي يتطلب «شحذ» الافكار وتنشيط القدرات الخلاقة، و«فتح» المجال للطاقات الشبابية المُبْدِعَة، ومواجهة الصعوبات والعراقيل، بفكر نقدي ووعي بناء ، بعيداً عن التخوين او الاقصاء او الاتهام .!
التحدي السادس هو في كيفية التعامل مع الوقائع العنيدة التي خلقتها «الادارة» القائمة بعد ان اصبحت جزءاً من التحالف الدولي، فالحروب عادة تؤدي الى «ديمغرافيات» جديدة كما انها «تُكسب» البعض جنسيات جديدة، وهذا ما قد يساهم في زيادة التعقيد في المنطقة، لان محاربة الارهاب والوضع الجديد قد خلق افكاراً وانطباعات خاصة في وجدان ابناء كل مكون على الصعيد الجمعي والفردي، وقد تكون هذه الانطباعات على درجة من «السوء» في بعض الاحيان بحيث قد لا يتمكن المجلس من تغييرها ، لكنه ينبغي ان يتعامل معها «بحذر» في هذه المرحلة التاريخية، فالأمور لن تعود كما كانت في السابق، والموضوع لا علاقة له بالرغبات والامنيات بل بالوقائع الملموسة.
من المؤكد ستبرز خلال اعادة هيكلة المجلس بعض الصعوبات والاشكالات، وسيرافقها جو من «الشك» والمخاوف في اذهان بعض الاطراف التي تخشى على مصالحها ومكاسبها داخل المجلس، لكن هذه المخاوف ستزول حتماً بعد الوصول الى الهدف والانتهاء منه، وسيحصل نوع من التفاهم والثقة والدفء عند الانتهاء من العملية، عندها سيكون المجلس مستعداً لمواجهة استحقاقات المرحلة او حدوث تفاهم او تقدم في العلاقة مع الطرف المسيطر أياً كان شكله او لونه او طبيعته.
المشكلة الكردية في سوريا هي احدى عناصر التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، وبدون حلها حلاً ديمقراطياً عادلاً ومنصفاً، من الصعب ان لم يكن من المستحيل بناء سوريا امنة ومستقرة وديمقراطية، وخالية من العنف والتوتر والإرهاب!
لقد حان الوقت كي تعي كل الاطراف بان الوقت مناسب لإيجاد حل حقيقي للقضية الكردية في سوريا لابل في كل الدول التي تنتهك هذه الحقوق، على اساس الاتحاد الاختياري والشراكة الحقيقية والاعتراف المتبادل، لان الحروب والاعمال العدائية وسقوط الضحايا ودوس الحريات وانكار الحقوق لم يعد مقبولاً على الاطلاق.
اخيرا لابد من التأكيد على ان امتلاك الوعي النقدي، والارادة الحرة، والعمل الفعلي على استعادة الدور، مع بناء القدرات وتوفير المستلزمات والعودة للشارع من جديد، من شأنه ان «يقوي» عصب المجلس و«يعيده» الى واجهة الأحداث وينقله من اطار «تراكمي» الى اطار «نوعي» سيكون له دور اساسي في المستقبل.