هل سوريا وطن ؟ و هل اسقاط صفة العروبة عنها هدف ؟!

بهزاد قاسم 
أن الصراع الكوردي في المنطقة مع الدول التي الحقت بها أجزاء من كوردستان و أصبحت دول احتلال لا بل دول اغتصاب، صراع على الهوية الكوردستانية صراع على الارض الكوردستانية، صراع على الوطن، الوطن الكوردستاني، فمازال هناك من خطاب خطير تدعمة بعض الاحزاب و القوى المرتبطة بالنظام و القوى العروبية العنصرية، خطاب الوطن السوري، و كأن كوردستان ليست وطن، مع أنه يجب أن تكون المهمة الرئيسية للحركة الكوردية الحفاظ على الروح الوطنية الكوردستانية، فبعض الاحزاب و القوى السياسية في غرب كوردستان مثلاً لا يرفعون علم كوردستان بحجة انهم وطنيون، عن أي وطن تتحدثون، فسوريا هي من جردت الكورد حتى عن الهوية السورية، و اغتصبت ارض كوردستان، و جردت الفلاح الكوردي من ارضه، و وزعها على عرب البادية، و حتى لم يسمح للكوردي أن يزرع حديقة داره، و هجَّر بسياساته الاقتصادية و العنصرية الشعب الكوردي من ارضه و ارض اجداده الى المدن العربية السورية الكبرى كدمشق و حلب … 
و أصبح الكورد أحزمة الفقر لكل المدن السورية الكبرى، انها كانت جينوسايد ناعمة، هذا هو وطن هؤلاء الاحزاب، و من على شاكلتهم من الذين يدَّعون الوطن  السوري، هؤلاء القوى و الاحزاب و الشخصيات  إما رؤيتهم للأمور قصيرة جداً، أو أنهم ينفذون أجندات الدول المحتلة لكوردستان، فهم مازالوا يفكرون أو يعملون بعقلية القرن الماضي، عندما كان العالم يحكمه قطبين رئيسيين، الرأسمالية المتمثلة بالغرب و الولايات المتحدة من جهة، و الدول الاشتراكية و الشيوعية و الشرق و الاتحاد السوفيتي من جهة أخرى، و كانت بينهم شبه حرب تسمى بالحرب الباردة حيث كانوا يتحاربون عن طريق الدول الحليفة لكل منهم، و كل معسكر يحافظ على هيبة و حدود و انظمة الدول المتحالفة معهم، فقد أخذت حدود الدول خلال القرن العشرين و بعد الحرب العالمية الثانية صفة القدسية، كما أن الانظمة الحاكمة لكل الدول مارست ابشع الجرائم بحق شعب كوردستان أمام أنظار العالم أجمع، دون أن يتحرك ساكن . 
استطيع أن أقول خلال القرن الماضي كانت مهمة الاحزاب و الحركة الكوردية الحفاظ على العرق و الجنس الكوردي من الانصهار في البوتقة العروبية و نجحت الحركة الكوردية بإمتياز، و تم الحفاظ بنضال و تضحيات شعبنا و قياداته الوطنية الكوردستانية، و لكن و بعد عام 2011 المرحلة تغيرت، و استحقاقات المرحلة تغيرت . فالمنطقة دخلت في فوضى عارمة و انهارت حدود سايكس بيكو، و سوريا لم تعد سوريا بحدودها الجغرافية و البشرية و لن تعود، و انقسمت طائفياً و عرقيا و لم يعد بالإمكان أن يعيش السني مع العلوي و لا مع الدرزي و المسيحي، و لا الكوردي مع العربي الكل ضد الكل … و مازال بعض الاحزاب و القوى و التيارات الكوردية حماةً لوحدة سوريا أرضاً و شعباً، و مازالوا يقارنون نضالهم بأعوام خمسينيات و سبعينيات القرن الماضي . كما أن تلك الاحزاب و القوى و الشخصيات تتباهى و تفتخر أنها أقنعت المعارضة على اسقاط صفة العروبة عن سوريا في دستور سوريا القادم و كأن مشكلة الشعب الكوردي في سوريا هي تلك الصفة و بمجرد إزالة صفة العربية حلت كل مشاكل غرب كوردستان ؟؟!! 
أعتقد يجب عدم اسقاط صفة العروبة عن سوريا لان سوريا دولة عربية و مهما كانت اسمها، و ما الخطاب الكوردي في غرب كوردستان التي تفتخر أنها حاربت في كل المحافل الدولية من أجل إزالة صفة العروبة عن سوريا في دستورها المستقبل و هو يعتقد في قرارة نفسه أنه أنجز عمل عظيم،  إلا خدمة للمشروع العروبي السوري و بقاء الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا تابعاً لسوريا و الشعب الكوردي عبيداً بمصطلحات و مفاهيم جديدة، و ماذا يستفيد الكوردي اذا تغيرت اسم دولة الاحتلال ؟! و حتى لو تغيرت اسمها واصبحت المانيا . 
علينا أن نعلم جميعاً أن المنطقة كلها دخلت مرحلة جديدة، و نحن أمام رسم خرائط جغرافية و سياسية جديدة، و استحقاقات جدية، غير الذي كنا نتسمك بها خلال القرن الماضي للحفاظ على وجودنا و البقاء في أرضنا، بالرغم من كل السياسات العنصرية و الشوفينية  التي مارسها الانظمة و الدولة السورية بحق شعبنا و التي كانت تهدف أولاً و أخيراً الى صهر الشعب الكوردي في بوتقة العروبة . 
كما أعتقد أن الفرصة متاحة أمام الشعب الكوردي أن يلعب دوره في المنطقة، و يحصل على حقوقه كاملةً في بناء دولته المستقلة، و على الحركة الكوردية في غرب كوردستان أن تؤكد على البعد الكوردستاني للقضية الكوردية و توحيد الخطاب الكوردي  و الاعتماد على البارزاني كقائد للامة الكوردية و اعتبار هولير عاصمة القرار الكوردستاني، لا دمشق و لا أي عاصمة من عواصم الدول الغاصبة و المحتلة لكوردستان، فوحدة الصف الكوردي و وقوفه خلف قائد مشروع استقلال كوردستان الرئيس مسعود بارزني كفيل بأن يكون الشعب الكوردي القوة التي لا يمكن تجاوزها في ترتيب استحقاقات المرحلة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…