أبوبكر الأنصاري*
من يتابع التجربة الكردية منذ سقوط الامبراطورية العثمانية وتعامل الدول التي قسمت بينها منطقة كردستان، يلاحظ أنها جميعا تتعامل مع الاقليم الكردي وشعبه على أنه غنيمة حرب وأن سكانه عبيد وجواري مما ملكت أيمانهم لايحق لهم ان يعتزوا بكرديتهم ولا تسليط الضوء على أي جانب مشرق من حياتهم .
لقد لعب الكرد ادوار في التوفيق بين السلاجقة والأيوبيين وفي الدفاع عن العالم الاسلامي ضد المغول وحرر كردي إسمه صلاح الدين الايوبي الشام وبيت المقدس من الصليبيين وكانوا صمام أمان بين تناحر العثمانيين والصفويين، كل هذا التاريخ المشرق لم يشفع للكرد الذين ذهبوا ضحية الشعبوية العربية والفارسية والتركية، التي تبني تماسك عناصرها المتناحرة بالتخويف من الكرد وطموحاتهم الاستقلالية.
في عشرينيات القرن الماضي اعلن عن قيام دولة المهاباد في غرب إيران وكان من رموزها الملا مصطفى برزاني، وبعد تآمر الانجليز مع الشاه أطيح بها وانتقل قادتها إلى أربيل لمواصلة الكفاح، وبالتفاهم مع النظام الملكي تحققت صفقة أن يكون آل البرزاني زعامة لعشائر الكرد وتطبيق قوانينهم الداخلية ونظامهم القضائي، وبعد انقلاب عبد الكريم قاسم 1958 بدأ إضطهاد الكرد على يد القوميين العرب، وقاد الملا مصطفى البرزاني شعلة النضال وأسس مع أبنائه ومنهم البطل مسعود برزاني قوة البشمركة للدفاع عن الكرامة الكردية .
وصال آل البرزاني انتصاراتهم حتى قرر صدام حسين عبر اتفافية الجزاىر عام 1975 بيع شط العرب منفذ العراق الوحيد وتقاسمه مع إيران عند نقطة التالوق اغمق نقطة، مقابل تخلي الشاه عن دعم الحركة الكردية.
بعدها شجع القذافي وحافظ الأسد انشقاق جماعة بقيادة جلال الطالباني، الذين استثمر فيهم الخميني خلال حرب الثماني سنوات، مثلما استثمر في آل الحكيم لنشر فكرالأصول الفارسية للكرد لسحب البساط من تحت اقدام القيادة التاريخية آل البرزاني، الذين يحملون أمانة المشروع الاستقلالي للأكراد.
لقد حمل مسعود برزاني أمانة والده وقاد شعبه بحكمة ورصانة ونسج تحالفات مع جميع قوى التحرر مثل منظمة التحرير الفلسطينية وايد عملية السلام على أساس حل الدولتين على حدود 67 كما دعم حركات تحرير ارتريا والبلقان كوسوفو وكشمير وكان ايقونة الطموح الاستقلالي الكردي، ومنذ الاطاحة بصدام عام 2003 نأي مسعود البرزاني بنفسه عن التبعية لإيران وكان على مسافة واحدة بين المرجعيات الشيعية التابعة لطهران وقادة العشائر السنية العربية المعاديين للنفوذ الايراني وكان ولايزال رجل إصلاح ذات البين بين العراقيين، يدافع عن حقوق شعبه ولايبني شعبيته على معاداة اي طرف أخر .
وجاء الاستفتاء على الاستقلال ليؤكد مكانة مسعود البرزاني لدى شعبة، والحقيقة أن مؤامرة قادها ترامب ونتنياهو المعتمد على يهود أصفهان الفرس في الليكود مع قاسم سليماني زعيم أكذوبة الممانعة وتواطؤ عائلة طالباني التي كانت تطمح للاستحواذ على حصة الكرد في فتات سلطة بغداد العميلة لإيران وراء غدر الحليف الأمريكي لكردستان، وتبقى حقيقة لايمكن إنكارها وهي ان عائلة البرزاني جعلت القضية الكردية رقم صعب في منطقة الشرق الأوسط شاء من شاء ورفض من رفض وأن مسعود البرزاني يمثل الضمير الوطني الكردي.
*رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي