لِماذيّات (1)

عماد الدين شيخ حسن 
سلسلة لماذات أو لماذيّاتٍ رأينا من المفيد أن نتسلّل تحت عنوانها  إلى واقعنا الكورديّ  الذي يعيش في عمومه سيلاً من الشوائب و التناقضات و الإرث الدخيل عليه بقصدٍ أو دونه ، و الذي يجرفه شيئاً فشيئاً بعيداً عن أصالته و نقاءه و عن بلوغ أهدافه كشعبٍ هو أحق الشعوب بنيلها .
سيلٌ يجرفه نحو التشوّهات و العبثيّة و سواها من التي لن تجلب له إلا الويل و الوبال . 
لن نطيل في سرد الغاية ، بل اللماذيّات كفيلةٌ بإنقشاعها و فكّ طلاسمها .
لنبدأ إذاً في طرح اللماذية الأولى:
لماذا ….لا تقبلني أيها الأخ و الأب و الابن و الجار و الصديق و الزميل و المعلم و القائد و الزعيم و غيره كما أنا ؟
لماذا لا تقبلني إلا نسخةً كربونيةً عنك ؟
لماذا لا تقبلني إلا خالصاً لخدمتك ؟
لماذا لا تقبلني إلا أسيراً لطاعتك ؟
لماذا تجهضون فينا الإبداع و الفكر و النور و الفائدة و الرأي قبل أن يلد ؟ 
تلك لماذيّتنا الأولى التي ربّما تبدو لكم سهماً في الأفق بلا عنوان، أو رمياً كيدياً دون حجةٍ أو برهان .
حسناً إذاً …فليس أمامنا إلا أن نطلق صفير الطوارىء و نطلب النجدة لتجربتنا و بإمكانكم حينها استيعاب اللماذية و تقييم استحقاقنا للنجدة من عدمها .
كفردٍ وكمجموعةٍ عشنا التجربة، من خلال تأسيس مركزٍ أو جسمٍ نمارس من خلاله اختصاصنا الذي حُرمنا منه لأسباب تعلمونها ، في مجالٍ نحن أحوج الشعوب إليه . و أقلّها خبرةً و معرفةً فيه و أكثرها عرضةً للظلم من غيابه ، ألا و هو مجال الحقوق و القانون .
عفرينيون اجتمعت كل الظروف لتفرض عليهم سبيلاً واحداً لا ثاني له ، و هو أين أنت أيها اللاجىء القزم مما أصاب حالك و أهلك .
فخضنا المسؤولية و التجربة ، وبإمكانياتٍ ميتةٍ لا مجال لنفخ الروح فيها إلا بالإرادة بدأنا و تفوقنا على أنفسنا مدركين قزمية دورنا مقارنةّ بالمسؤوليات و حجمها .
حينها برز و طفى على السطح بعض نتاجنا المتواضع، فماذا كانت ردود الأفعال و النتائج و بماذا قوبلنا يا ترى ؟ 
للأمانة نقولها …هرول الكثيرون إلينا بذات القدر الذي هرولنا فيه نحن أيضا نحو الكثيرين .
هرولوا بإتجاه نتاجنا و هرولنا باتجاه امكانياتهم في تفعيل النتاج و الاستفادة منه أقصاه .
و لكن يبدو أن كلانا أساء فهم الآخر .
البعض هرول ليسلبك نتاجك و ينسبه اليه خالصاً ، فقبلنا عرضه المجحف أشد الاجحاف رضوخاً لغاياتٍ أسمى .
و البعض الآخر هرول لتسخيرك و نتاجك حاضره و مقبله ، خالصاً لخدمته و مصالحه و اجنداته الفردية و الحزبية .
هؤلاء أيضاً هرولنا بإتجاههم و رضخنا لقدراتهم و امكانياتهم و الدعم الذي يحظون به .
فئةٌ أخرى هرولت لتزرع الخلاف و الشرخ و الشقّ في جسدك و تبعثر مركزك أشلاءا ، فلا كيان إلا كيانه الممثل للشعب و القضية و لو كنت تمطر على الأخيرين ذهبا .
لم يكتفوا بذلك …بل ما أن مارست أبسط تعاونٍ أو نشاطٍ مع أحدهم حتى بتّت في عين الغير فيهم و منهم ،  و سرعان ما سعى من تمارس معه النشاط بدوره الى اتخاذ اجراءات  نقل ملكيتك الى اسمه و بتّت ماركة مسجلة له و استحوذ على كامل حقوقك الحصرية ، و بات يأمرك و يتأمر عليك و يملي عليك تعليماته و محاذيره . و إياك و العمل أو التفكير في العمل مع جهةٍ اخرى ، فحقوق احتكارك و اسرك باتت محفوظة لهم .
ليس هذا فحسب بل لا بد من قلمك أن يتحوّل سلاحاً فتّاكاً تجاه المختلف عنه في اللون والآيديولوجية و المصالح .
أمّا المصيبة الأعظم يا سادة …
لا اعتبار بالمطلق لمواهبك و ثقافتك لدى جماعةٍ أو حزبٍ و أنصاره بقدر ما كل الأهمية و الاعتبار للانتماء و التبعية ، فعلمك و أجلّ الفوائد التي يمكن أن تحققها ، لا معنى له ما دمت لم تعلن فروض الطاعة و الولاء لهم .
وفي المقابل .. لأجهلم في اختصاصك كامل الدعم و الرعاية بأشكالها و لو أودى بالقضية في خبر كان .
بالمختصر …نحن ندفع ثمن لا انتماءنا إلا للشعب و القضية .
عماد الدين شيخ حسن 
مركز ليكولين للدراسات و الأبحاث القانونية . المانيا .
٥/٤/٢٠١٩ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي   تُعَدّ العلاقات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، إذ تلعب دورًا جوهريًا في بناء شخصيته وتشكيل نظرته إلى الحياة. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، مما يجعل هذه العلاقات ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي. ورغم دورها الإيجابي، فإن للعلاقات الاجتماعية جوانب سلبية قد تؤثر على الأفراد والمجتمعات بطرق مختلفة. في سوريا، تتميز…

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…

مصطفى منيغ / تطوان من الدولِ مَن صوتها يعلو وهي صامِتة ، تُسْمِعٌ عنها كلَّ أنباءٍ مُفْرِحة ، عملاقة لا تهتم بمن دونها مع الأفضل أفكارها مُعلَّقة ، متطلٍّعة للمزيد ما دام الرقي يُكتسَب عن إرادة غير مُصَنَّعَة ، حافظة أصلٍ بالابتكار الطبيعي المُباح نتائجه بالقبول الحسن مُشبَّعة ، مهما بلغ التطوُّر مِن تطَور به دوماً بجذوره مُشبَّهة ، وُجِدَت…

صلاح عمر لا أفهم، بل في الحقيقة، يصعب عليّ أن أستوعب هذا الإصرار العجيب – وهذا الإمعان في السخرية والتقزيم – من بعض أبناء جلدتنا، من أولئك الذين يتفاخرون بثقافتهم العالية و”نضجهم” السياسي على منصات التواصل الاجتماعي، تجاه أي خطوة تُحاول، ولو متعثرة، أن ترمّم البيت الكردي المتهالك… وآخرها، الهجوم المستغرب على محاولة انعقاد كونفرانس كردي موسع، يضم تحت مظلته…