قاضي محمد ضحية الزمن وغدر الأمم

 الكاتب الحقوقي: محمد عبدي
قائدٌ لم يُحالفه الحظ كبقية القادة ليكون رمزاً من رموز العظماء الذين خلدهم التاريخ الحديث في حركات التحررية العالمية, كالذين نالوا حقوقهم  وبنوا  دولا في القرن الواحد والعشرين على جبالٍ من الجثث وأنقاض دول ومدن مهدمة بأكملها, كل ذلك نتيجة تبادل المصالح والتوافقات الدولية وتأسيس هيئات ومنظمات أممية ودولية, وضحوا بشعوبٍ أخرى ليلاقوا مصيرهم المحتوم ونُصبت المشانق لقادة عظماء في دولٍ اخرى قبل الإعلان العالمي لحقوق الانسان بسنة, حيث شُهدَ العالم في يوم (31-3- 1947) إعدام أعظم قائدً كوردي أعلن قيام جمهورية كوردية في كوردستان ايران. 
إنه الحكيم او القاضي محمد بشكلٍ صوري بعيداً عن أصول المحاكمات لينهوا حياة هذا البطل ليكون آخر سطر من حياته الجسدية لينتقل الى صفحات التاريخ وضمائر شعب عرفه بتضحيته ونضاله ويبقى حياً في صدور من يملك الانسانية  ولطخة عار في جبين الطغاة والدكتاتوريات.  
في الوقت الذي أصبح نيلسون مانديلا على سبيل المثال فقط, وغيره من القادة نبراسا يُحتذى بهِ العالم والبشرية بنضالهم بكل فخرٍ واعتزاز ليكونوا شعلة الحرية والانعتاق من العبودية لشعوبهم وخلاصهم من التمّيز والعنصرية, لأنهم اُتيحت لهم الفرصة، ولعبت الأحداث الاقليمية  والمصالح الدولية لعبتها ليحول دون إعدام أعظم قائد (نيلسون مانديلا) ناضل من أجل شعبه واكتساب حقوقهم المشروعة رُغمَ اعتقاله الطويل الذي طال سبعة وعشرين عاماً ولكن مع ذلك لم ينفذ به حكم الإعدام رغم أنه كان أيضا يقود ثورة مسلحة ولكن الظروف خدمته ليصبح بعدها رئيس دولة وأعظم شخصية عرفها التاريخ لينال جائزة نوبل للسلام  بعدما كان محكوما بالسجن مدى الحياة.
الحكيم أو القائد او القاضي محمد الذي اعتلت نعلهٌ فوق رؤوس الحاقدين الطغاة المغتصبين للحرية والكرامة أعلن الانتصار الابدي على الحقد الدفين، وعلى التآمر والمصالح الدولية لينقذ شعبهُ من التطهير العرقي والإبادة الجماعية والقمع والكره التي يحملها المغتصبون الفرس ضد شعبٍ تواق لبناء جمهوريته الديمقراطية.
 كل ذلك ضحى بنفسه ليفتخر أحفاده بما عجز عنه أسلافهِ الكورد غير نادم على ما تطلب ضميره لإحقاق الحق وانتصار العدل والدفاع المشروع لحقوق شعبه, ولينعم شعبه بالحرية ليتعلم ويُعلّم العالم بأسره والكورد خاصةَ مفاهيم التضحية والنضال الحقيقي. علّمهم أن للنضال معانٍ كثيرة لا يتقنها إلا الاوفياء والمضحون الأصلاء غير اللابسين (الكوردايتي) لمصلحةٍ او لهدف يخدمون ويستغلون القضية في تحقيق مآربهم و غاياتهم الشخصية. 
فالتاريخ والوقت لم ينصفا هذا القائد العظيم (قاضي محمد) لينال كغيره من القادة الذين سنحت لهم الظروف والفرص كي ينال جائزة نوبل للسلام وغيره من الجوائز, ولكنه قد اكتسب جوائز لا ينازعهُ أو ينافسه عليها إلا قلة من الرجال والقادة، جائزة التضحية والوفاء والخلود الابدي ليتذكره التاريخ ليكون شعلة ينير درب النضال والمناضلين الكورد بعد مرور اثنين وسبعين عاماً على إعدامه.
محمد عبدي قامشلو 
31-3-2019  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…