دلكش مرعي
أهم ما أنتجه القوميين العرب للعرب هي أنتاج نظرية المؤامرة الاستعمارية الصهيونية فهؤلاء وضعوا كل مصائب وأزمات وويلات الشعب العربي بدءاً من التخلف الحضاري والتخلف الاقتصادي والتخلف العلمي والتخلف الاجتماعي والفكري فقد وضعوا كل هذه المصائب على عاتق هذه النظرية ولم يسألوا يوماً عن الأسباب التي أنتج كل هذه المصائب والأزمات ولماذا استعمروا ولماذا لم يحققوا هم ما حققه الدول المتطورة من إنجازات علمية في مختلف مجالات الحياة وتجاهلوا ومازالوا يتجاهلون عدوهم الحقيقي الذي يقبع في بنيتهم الفكرية والقيمية والعقائدية المتخلفة التي سببت وتسبب كل تلك المصائب .
والشعوب العربية نتيجة ظروفها المأساوية المذكورة صدقت هؤلاء القوميين كالغريق الذي يتعلق بالقشة وعندما هيمنت تلك الأحزاب العروبية.
على السلطة تحولت إلى سلطات دكتاتورية أمنية مستبدة قامعة تقمع هذا الشعب وتنهب ثرواته ففي سوريا كان واحد في المائة من بين أفراد الشعب السوري يهيمن على تسعين في المائة من الثروة الوطنية بينما بقية الشعب كانت حصتها من هذه الثروة عشرة بالمائة فقط فيمكن القول بأن هذه الشعوب قد أنتقل من هيمنة الاحتلال الخارجي إلى هيمنة الاحتلال الداخلي الأشد قسوة وظلماً وقمعاً من المحتل ذاته فأهم ما بناه القوميون العرب كتل أسمنتية تناطح السحاب مع بعض الشوارع الجميلة وبعض الحدائق ولم يتمكنوا من بناء الإنسان.
أما كردياً فكان أهم نتاج الأحزاب القوموية الكردية أنتاج المزيد من حالات التشرذم والصراع وإنتاج المزيد من الأحزاب ولا تختلف من حيث البنية الفكرية من الأحزاب العربية … أما صراعاتها فهي ليست من أجل تحرير الإنسان الكردي من قيم التخلف وتحرير وطنه بل هي تتصارع على المناصب الحزبية وهي الأخرى لا تحمل أي نهج علمي معرفي لبناء الإنسان الكردي وهي غير مؤهلة لتحقيق هذه المهمة مع احترامنا الشديد لبعض الوطنيين الشرفاء.