الكورد بين منطقة آمنة و منطقة قاتلة- ج4

زاكروس عثمان 
بصريح العبارة ما يريده مسؤولو ENKS هو بعد ان صارت لهم ارصدة فلكية في البنوك الاوروبية، اخذوا يتطلعون على السلطة، الجاه، النفوذ، المناصب، وحتى يتم ذلك عليهم القضاء على PYD مهما كان الثمن، ولهذا يطلبون ان تكون المنطقة الآمنة تحت سيطرة تركيا، دون التعلم من كارثة عفرين، حين احتل التركي هذه المنطقة لم يسلم الادارة الى ENKS ولم يكلف قوات بيشمركة روزئافا بحماية عفرين وضبط الامن فيها، بل اصبحت ادارة عفرين تابعة لتركيا وحركة الاخوان المسلمين الارهابية، وصار الامن في عفرين من اختصاص الجيش التركي والفصائل الارهابية، وكلنا نرى ونسمع ماذا يفعل التركي والائتلافي والفصائل الارهابية في عفرين، اين هو ENKS لماذا لا يسلمونه  ادارة عفرين وحمايتها، اين هو من جرائم الحرب التي ترتكبه قوات الاحتلال ضد ابناء عفرين، حتى ان ENKS لم يملك الشجاعة والقوة كي يعترض على منع الاحتفال بعيد النوزوز.
حسنا اذا ENKS غير قادر على ادارة عفرين وانقاذها من جرائم تركيا والائتلاف، فمن اين له ان ينقذ ويدير روزئافايي كوردستان في حال قام التركي باحتلالها، ولكن رغم هذا الشيء اعضاء ENKS لديهم اصرار شديد على ان تأتي تركيا وتحتل روزئافايي كوردستان، المهم بالنسبة لهم انتهاء PYP و YPG، وماذا بعد القضاء عليهم هل يظن ENKS ان تركيا سوف تسمح له ان يحكم روزئافايي كوردستان.
بكل حزن يمكن القول، ان ENKS يسير على نهج النظام السوري (يا الاسد يا نحرق البلد)، هو ايضا يريد روزئافايي كوردستان لنفسه، ولأنه اضعف من ان ينال هذا المطلب، اذاً لا مانع لديه ان يحرق روزئافايي كوردستان وذلك من خلال جر الجيش التركي والفصائل الارهابية اليها.
 
هذا ليس كلامي بل كلام مسؤولي ENKS نفسه، وهم في ذلك يناقضون بعضهم بعضا، ما يشير الى خلافات داخلية حول الدور التركي في المنطقة الآمنة، قسم منه ما زال يملك ذرة ضمير ويرفض التركي، وقسم باع ضميره ويطالب بالتركي. 
هذا عبد الباسط حمو، الذي عطف عليه التركي بمنصب نائب رئيس الائتلاف، يصر ان تكون المنطقة الآمنة من اختصاص انقرة، وهو يرى في ذلك (مشروع حل لمشكلة شمال سوريا)، اي حل يا حمو افندي، وكأنك نسيت الحل الذي جاء به الاتراك الى عفرين، ام لم تسمع أردوغان يهدد بدفن الكورد.
ولكن حمو في حديثه الى وكالة الاناضول التركية افصح عن موقف ENKS من الحل، وهو ان تأتي تركيا وتحتل المنطقة وتنهي PYD وتفرض ادارتها الاستعمارية، مقابل فتاتات يحصل عليه ENKS وهي المشاركة في ادارة المنطقة الآمنة، والسماح بدخول بيشمركة روزئافايي كوردستان اليها، طبعا مقابل دخول الفصائل الارهابية العربية والتركمانية اليها، اي صنع نسخة كبيرة من كارثة عفرين، مع ان الجميع متأكد ان تركيا لن تقبل ان يكون اي دور للـ ENKS في المنطقة الآمنة، إذ قال حمو آغا بصريح العبارة (التعاون التركي الامريكي سوف يضعف الـ YPG)، وسوف تملأ بيشمركة روزئافايي كوردستان الفراغ، هذا هو مطلبهم ان يحلوا محل PYD  ولو كلف ذلك قدوم الاحتلال التركي، صدقا لا مانع عندي ان يحكم ENKS روزئافايي كوردستان، بشرط ان يحافظ على الادارة الذاتية ويحولها الى اقليم فيدرالي ديمقراطي كوردي، وقبل هذا وذاك ان يوقع كل مسؤولي ENKS على تعهد خطي بان لا يكون لتركيا والائتلاف وفصائله الارهابية وجود او دور في المنطقة الآمنة.
يقولون هناك خلافات بين الاحزاب، حسنا ما هي طبيعة هذه الخلافات، هل هي تنافس صحي على تقديم افضل المبادرات ومشاريع الحلول للقضية الكوردية، لو انها كذلك لا تعود كونها خلافات بل اختلافات في وجهات نظر حول تقديم ما هو افضل للقضية، وبالتالي ما كانت تستدعي كل هذه العداوة بينها، بالعكس كان من السهل عليها التوصل الى صيغة مشتركة تخدم مصلحة عامة، لكن خلافاتهم لا علاقة لها قطعيا من قريب او بعيد بجوهر القضية الكوردية، ان هي الا سعي كل حزب كل إطار الى احتكار(السلطة، الثروة، النفوذ، الخ) في روزئافايي كوردستان لنفسه، وهذا مضحك جدا، كونهم يفتكون ببعضهم ويفتكون بالانسان الكوردي على شيء لم يمتلكوه او لم يتحقق بعد، فاذا كانت روزئافايي كوردستان موجودة كبقعة جغرافية في عواطف الكورد، فانها معدومة من الوجهة السياسية على وجه الأرض، اذ في الواقع لا وجود لـ (كيان) سياسي باسم روزئافايي كوردستان معترف به دوليا او اقليميا او حتى من طرف النظام السوري ولا حتى من جانب المعارضات السورية.
 صحيح ان الادارة الذاتية موجودة وقائمة، وهي مكسب طيب، ولكنها انجاز هلامي يفتقر الى اعتراف الاطراف الاخرى بها، وهذا يجعلها معرضة لكل الاحتمالات، اذ يمكن ان تتطور لاحقا وتحصل ضمن التسوية السورية على اعتراف دستوري ليتم تثبيتها قانونيا لتصبح حقا ثابتا للشعب الكوردي لا يمكن الغائه، ولكنها ايضا تواجه خطر الاجهاض والزوال بسهولة، نظرا لامتناع واشنطن عن الاقدام على اية خطوة باتجاه الاعتراف بالإدارة الذاتية، او على الاقل تقديم ضمانة طويلة الامد على الالتزام بحماية هذا المشروع، اذ ما زالت مواقف البيت الابيض تتغير بين الساعة والساعة، وقد يخطر على بال الرئيس دونالد ترامب في اية لحظة ان يسحب يد بلاده تماما من المشهد العسكري والسياسي في سوريا، لتجد الادارة الذاتية نفسها مطوقة من كل الجهات بـ (تركيا، المعارضات الارهابية، النظام، روسيا, ايران)، في هذه الحالة ستنتهي الادارة الذاتية اما على يد الاحتلال التركي او يد النظام السوري، ولهذا من المبكر جدا الاطمئنان على ديمومة واستمرارية الادارة الذاتية، التي لا احد يعرف مستقبلها ومصيرها، وعليه من المبكر جدا جدا ان تنهش الاحزاب بعضها بعضا من اجل الهيمنة منفردة على سلطة غير موجودة، ثروة ليست تحت سيطرة اي طرف كوردي، نفوذا يفتقر اليه الجميع، فالسلطة والثروة والنفوذ لا تتوفر الا بتوفر كيان سياسي على بقعة ارض، ومثل هذا الكيان لم يظهر بعد في روزئافايي كوردستان، هنا تظهر الحقيقة البشعة للأحزاب ومسؤوليها، من حيث تهافتهم على المناصب والثروات في روزئافايي كوردستان في وضعها الحالي المؤقت الغير مستقر، حيث كل شيء مهدد بالزوال في طرفة عين، ما يعني انهم يتنازعون على بطاقة يانصيب لم تظهر نتائجها بعد ان كانت رابحة او خاسرة.
بناء على مكاسب السكرتير، كشفت احزاب المجلس الوطني الكردي- السوري، ENKS واحزاب   TEV-DEMعن مواقفها النهائية من بناء المنطقة الآمنة، إذ اعلن ENKS على لسان اغلب مسؤوليه انه يريد لتركيا ان تحتل روزئافايي كوردستان حتى تقيم منطقة آمنة تحت سيطرة جيشها المحتل بالشراكة مع الفصائل الارهابية السورية والاجنبية ( الاخوان المسلمين، جبهة النصرة، تنظيم داعش، الحزب التركستاني)، اي تحويل روزئافايي كوردستان الى مستعمرة إستيطانية- سلفية، تهدد بزوال وجود الكورد على ارض موطنهم.
 بالمقابل اوضح TEV- DEM موقفه معلنا رفضه لأي وجود تركي ارهابي على ارض الكورد، مطالبا بمنطقة آمنة تحت إشراف قوات التحالف او قوات اممية، وان تعذر ذلك فانه مجبرا يذهب الى الخيار الثاني وهو استدعاء النظام السوري ومن خلفه روسيا، لتفادي الاحتلال التركي، حيث تبقى مخاطر النظام السوري اقل بكثير من مخاطر الاحتلال التركي- الارهابي.
والمصيبة الكبرى ان غالبية الاوساط الكوردية الغير محزبة تتماهى الى حد كبير مع مواقف الاحزاب بين تَعصب لهذا الاطار او ذاك، دون النظر الى مصلحة عليا تكون اهم من السكرتير ومن حزبه، قسم من هؤلاء يرفضون او يقبلون الاحتلال التركي ليس عن تفكير وتبصر بل تماشيا مع موقف الحزب او الاطار الذي يميلون اليه، وقسم اخر يرفضون او يقبلون منطقة آمنة دولية ايضا تبعا لموقف الحزب او الاطار الذي يميلون اليه. 
وهذا يعكس مدى جهالة وتخلف الوعي الجمعي الكوردي على المستوى (الشعبي، المثقفين، المستقلين، الاحزاب، الفعاليات المجتمعية)، حيث الاغلبية تضع بوعي او دون وعي، بقصد او دون قصد مصلحة الشخص او الحزب فوق مصلحة الشعب، بل انها تذهب بمصير الشعب الى الجحيم قربانا لنزوات السكرتير وانانية الحزب.
 
لا ادل على ذلك اختلاف وانقسام الكورد حول المنطقة الآمنة، كمشروع يحدد مصير روزئافايي كوردستان شعبا وارضا، حيث المفروض بالجميع ان يستخدموا العقل والضمير، ان يترفعوا فوق مصالحهم ومكاسبهم الذاتية الرخيصة، لبناء مواقفهم من المنطقة الآمنة وفق ما يخدم القضية القومية الكوردية، وليس وفق ما يلبي نزوات فؤاد عليكو او رغبات آلدار خليل او طموحات عبد الحميد درويش، هل سال احدنا نفسه من هو الاهم؟ هل هو الشعب الكوردي ام ENKS ام TEV-DEMام الخط الثالث؟.
يتبع

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…