1- وأي مرسوم يعيد هؤلاء إلى الحياة*..؟!

 ابراهيم اليوسف
 
اتصل بي صديقي مسعود – الأسطورة في وفائه – قائلاً:
أو سمعت الخبر؟
– ماذا ؟
– لقد أطلقوا سراح معتقلينا من السجون!
– أو صحيح هذا؟
– أجل؟
لا أدري أية حالة تعرضت لها وأنا أسمع هذا الخبر، الذي طالما انتظرته مع سواي، فسالت دموع غبطة من عيني ، وأحسست أن حديقة كلام غصت في حلقي،وكأنها ولادة قصيدة لما تكتب …
أطلقت صرختي- عالياً – أمام أسرتي: لقد أطلقوا معتقلينا! وعلى الفور ،وجدت أصابعي تنقر أرقام هاتفي المحمول ، لأتحدث إلى صديقي عبد السلام داري، وهو هناك وراء قضبان السجن،أتأكد منه عن صحة هذا الخبر الجميل..
– “مبروك !!”
– مبروك!
أحسست أن حالة مشابهة تعرض لها صديقي ،أبو دارا ، سألته بعض الأسئلة السريعة ، فأجابني بحماس طفولي ، وهو يعد –أغراضه – كما طلب منهم، لينطلقوا في تمام الساعة السادسة مساءً، متوجهين إلى مدينة الحسكة ، لقد كان حديثه مختلفاً عن حديث مكالمة ليلة أمس التي تمت بيننا ….
على الفور ، توجهت إلى جهاز الحاسوب ، جلست وراءه،لأعد خبراً سريعاً بهذا الخصوص، كبشرى إلى كل عشاق الحرية في كل مكان ، وعلى أمل أن يتم إطلاق سراح كل سجناء الرأي في الوطن…
على الفور قلت في نفسي:
لكم كان رائعاً لو تمت محاسبة مجرمي مجزرة 12 آذار، وتقديمهم إلى محاكم ميدانية ، أياً كانوا، كي تكتمل الفرحة، لا سيما وأن فضيحة – هذه الأحداث باتت معروفة لدى الجميع ، ولما يزل القتلة دون محاكمة، بل أنهم يرتقون في سلالم المسؤوليات ، يوماً بعد آخر…
جميل أن يطلق سراح كل هؤلاء الشباب الكرد ، ولكن ، تعالوا نسأل :
لم سجن هؤلاء أصلاً…؟
ويشتعل فتيل الأسئلة والحلم، لأمضي بتفكيري بعيداً،وأتذكر الضريبة التي دفعها هؤلاء السجناء وذووهم خلال أكثر من عام ، بل وماذا عن كل شهدائنا الذين لا يمكن لأي مرسوم – أياً كان صاحبه- إعادتهم إلى الحياة…! ؟
 
*العبارة، كررها الشيخ الشهيد معشوق خزنوي رحمه الله، بعد أسابيع من نشري لها، في الذكرى السنوية لاستشهاد فرهاد محمد علي صبري
———
 الحوار المتمدن 2005 / 4 / 3 
2- من يعفو عن من ؟
ثمة كثيرون من أهلنا الكرد يهولون لموضوع الإعفاء الذي تم بحق المعتقلين السياسيين الكرد الذين زج بهم وراء قضبان السجون السورية بعيد أحداث 12آذار ، لدرجة أن الحماس دفع بعضهم لاعتقاد ما تم عطاء للكرد،ناسين مسألة مهمة أن كلمة (العفو) بحدّ ذاتها هي بمثابة عقوبة أخرى لهؤلاء الشباب الشجعان الذين اعتقلوا ظلماً، وعدواناً…..
ومن هنا تماماً،فإن أي حديث عن” إعفاء” هؤلاء لا يأتي في سياقه الصحيح، ويعتبر امتداداً لموجة العاطفة التي امتلكتنا جميعاً، ونحن نحبس دموعنا ونستقبل أخوتنا،وأبناءنا الذين دفعوا ضريبة خطأ غيرهم وبرأيي ،أن هؤلاء المعتقلين الذين أطلق سراحهم من حقهم أن يصدروا أولا يصدروا (قرار عفو) عمن اعتقلهم ، وعمن صمت، أو بارك ، أو سوغ هذا الاعتقال( ولا أتحدث هنا عن دماء الشهداء والجرحى ) ناهيك عن أن حقوق الكرد السوريين لا تنحصر البتة في ما يتوهمه بعضهم مختصراً في رفع الإحصاء الجائر وما نجم عنه ، فحسب ، أو حفنة تربيتات على الأكتاف لإغراقها في الخيلاء والحلم والتنويم..!
ومن هنا تماماً،فعلينا أن نقول الآن ونحن نقرأ الجراحات التي تركت في نفوس أسر كردية اعتقل أبناؤها ،بل وضريبة – سنة كاملة – على اعتقالهم العسفي – ناهيك عن دماء الشهداء الكرد، والتي آمل ألا ينساها أحد ونحن في غمرة – الفرح الأولي – أجل أطلق صوتي عالياً:
من يعفو يا سادة ……عن……من….؟.مع أن هناك من شبابنا الكرد وشبابنا السوريين ممن أمضى سنوات ضوئية وراء القضبان بناء على تقرير كيدي أو سوى ذلك….
فتعالوا نفتح صفحات الماضي ، نقرؤها بدقة، كي نؤسس لغد ومستقبل مهمين… لا أن نجلد” الضحية” ونكافئ” …… المجرمين” أمثال “كبول” ومن لف…..لفه…..في غمرة التصفيق….والنشوة.
———– 
الحوار المتمدن  2005 / 4 / 5 
 
·   نشر هذان المقالان/ الموقفان، وأنا في الوطن، عندما كان هناك من يهلل لقرارالعفو، وثمة أسماء في هذا المجال يعرفها كثيرون
·  المقال، أثار حفيظة النظام، لأنه رد على رأسه. على من أصدر القرار

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…