بهزاد عجمو سليفاني
في احدى ليالي الشتاء الباردة في العام المنصرم جلست كالعادة أما التلفاز لأتابع نشرات الأخبار لعلني أجد ما هو جديد فيها وما هو يسر القلب ولكن مع الاسف كانت شبيهة بالأخبار قبل ثمان سنوات منذ انطلاقة الثورة السورية أو المأساة السورية أو الكارثة السورية سموها ما شئتم فشعرت بالضجر فأمسكت جهاز التحكم بيدي وبدأت أقلب القنوات قناة وراء أخرى الى أن وصلت الى العدد بعد الخمسمائة وهنا استوقفتني قناة يذكر فيها أسم كوردستان فنظرت الى اسم القناة فكانت باسم الحياة وهي قناة خاصة باللاهوت المسيحي فكان الحوار بين مقدم البرنامج وهو قس مسيحي وبين باحث في اللاهوت المسيحي فكان الحوار حول تنبؤات الكتاب المقدس فهنا اريد أن أوضح للسادة القراء ان الكتاب المقدس هي قسمين القسم الأول يسمى بالعهد القديم وهي التوراة والقسم الثاني يسمى بالعهد الجديد وهي الإنجيل
فالباحث كان يتحدث عن العهد القديم حيث ذكر أن في سورة ( أشعيا) هناك نبؤه تقول بأن شعب مادي وذكر بأن شعب مادي هم الميديين وهم الكورد الحاليين سيكون لهم وطن مستقل وسيتمتعون باستقلال كامل أو سيكون لهم عدة دويلات هذا كان موجز حديث الباحث اللاهوتي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ونسأل أنفسنا لماذا لم تتحقق هذه النبوءة حتى الآن وقد مضى عليها أكثر من الفي عام هل هي لأسباب ذاتية أم اسباب إقليمية أم اسباب دولية أم يعود لكل الاسباب التي ذكرناها مجتمعة .
نعود الى الاسباب الذاتية فمعالجتها بحاجة الى كبار علماء العالم في علم النفس وعلم الاجتماع والسياسة والاقتصاد لفهم هذه الشخصية الكوردية المركبة والمنطوية والخيالية والعدائية تجاه بعضهم البعض فيجب قبل ان ننتقد الغير فمن الأولى ان ننتقد أنفسنا لان ممارسة النقد الذاتي هي الخطوة الأولى في الصعود بالدرج الى الأعلى ولنعترف ان ممارستنا للسياسة منذ الأزل وحتى الآن هي بشكل خاطئ وهي تختلف كلياً عن ممارسة السياسة عند الشعوب المتحضرة فنحن السياسة عندنا أشبه بسياسة الشعوب المتخلفة حيث يمارس السياسة عندهم بطريقتين أم عن طريق العصبة حيث كل مجموعة يشكلون حزباً وينطلقون من مبدأ من ليس معنا فهو ضدنا أما الطريقة الثانية فهي طريقة (التكية) اي ان كل حزب هي عبارة عن تكية وهناك شيخ للتكية وان كل ما يقوله شيخ التكية أو بالأحرى رئيس الحزب ما هو عبارة إلا وحي يوحى وكل من يخالف كلام الشيخ فهو كافر وملحد أي لا يوجد حتى الأن نظام المؤسسات السياسي والاجتماعي والمدني وبعد أنتشار ظاهرة العولمة زاد الطين بله حيث طغى ثقافة الاستهلاك فأصبح الكورد يفكرون بدولارستان أكثر مما يفكرون بكوردستان وقد حصل أمراء الحروب وتجار الحروب على مبتغاهم واصبحوا اصحاب المليارات.
اما السبب الثاني لعدم تحقق الحلم الكوردي فهي الدول الإقليمية وهذه الدول تمارس كل أنواع الاختراقات في النفوس الضعيفة وتمارس كل أنواع الضغوطات على الدول الغربية وتحيك أقذر المؤامرات ضد الشعب الكوردي فما دام هذه الدول الأقليمية قوية وموحده فيتأجل الحلم الكوردي الى أشعار أخر .
أما بالنسبة للظروف الدولية فأن الثورة السورية قد عرت سياسة الدول الغربية وكشفت حقيقتهم اللاأخلاقية واللاإنسانية أو سياستهم البراغماتية والبحث عن مصالحهم أولاً وأخيراً فنحن الكورد بعد أن عرفنا حقيقة سياستهم فيجب علينا البحث عن نقاط ضعفهم والتلويح بأوراق الضغط على مصالحهم الاقتصادية والسياسية. وتفعيل اللوبيات الكوردية داخل أوطانهم والغوص في أعماق ثقافاتهم ومعرفة لغاتهم حتى نعرف طريقة التعامل معهم فمهما كانوا دول عظمى لا بد أن يوجد نقاط ضعف عندهم فعلينا معرفة هذه النقاط والتركيز عليها ونعود في الختام الى العنوان فنحن لا نشك فإن هذه النبوءة ستتحقق عاجلاً ام أجلاً ولكن في هذه الظروف وضمن المعطيات الحالية نقول بان هذا الحلم سيتأجل الى جيلين أو ثلاثة و ربما أكثر ولكن هذا الحلم سيبقى حقيقة وليس خيالاً أو أوهاماً كما يعتقد البعض فالكتب المقدسة تقول الحقيقة بل وكل الحقيقة إلا إذا كان ارادة بعض الأعداء فوق إرادة الكتب المقدسة وفوق إرادة الله فإرادة الله ستتحقق ولو بعد حين أما إرادة الأعداء وأحقادهم وضغائنهم وجبروتهم وطغيانهم ستذهب معهم الى الجحيم .