التدخلات الإيرانية في الدول الأخرى عمق استراتيجي لولاية الفقيه

هدى مرشدي*
في هذه الأيام في أي مكان تنظر فيه من الشرق الأدنى إلى الشرق الأقصى، لا يمر أسبوع واحد إلا ويتم الكشف فيه على نشرات الاخبار عن حالة من إرهاب نظام الملالي، من التدخلات في شؤون الدول وارسال المال والأسلحة ونشر الحروب وحتى التجسس الاستخباري.
وبما أن السياسة الأساسية لهذا النظام متركزة حول القمع في الداخل وتصدير الأزمات لخارج الحدود فلابد من أن هذا النظام بحاجة لنفس هذه التدخلات وسياسات نشر الحروب من أجل إدامة مسيرة هذا النظام والإبقاء على حياته ولكن في هذه الأيام يتم إزاحة الستار ليتم فضح مسؤولي الدكتاتورية الدينية على الملأ بشكل أكبر. 
وقد وصل هذا الموضوع لحد عدم تصديق قطع العلاقات من هذه الحكومة سواء اقتصاديا أو عسكريا من قبل المرتبطين بهذا النظام.
وليس من دون سبب نجد أن الحكومة الإيرانية تصف كلًا من سورية والعراق ولبنان واليمن بالعمق الاسترتيجي لحكومتها.
وفي أعقاب النفطية التي اتخذتها أمريكا ضد إيران فإن هذا النظام لايملك حلا لإعادة تشجيع هذا الارتباط سوى بالاختباء خلف عبائة الدول المرتبطة به.
يوم الثلاثاء ٢٠١٨ قام عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي بإرسال هيئة للتفاوض مع واشنطن من أجل إجراء محادثات حول إعفاء العراق من العقوبات النفطية والمالية الإيرانية.
وهدف هذه الهيئة العراقية من التفاوض مع واشنطن كان الحصول على موافقة واشنطن للاستمرار في استيراد الغاز والكهرباء من ايران. والعراق على الرغم من أنه يعتبر من بين المنتجين الكبار للنفط في العالم إلا أنه يعتمد على استيراد الكهرباء والغاز من إيران.
حكومة العراق تقوم بشراء ٢٨ مليون متر مكعب من الغاز الإيراني والقسم الأساسي من هذا الغاز المشترى من إيران يتم استخدامه لتوليد الكهرباء في محطات الطاقة العراقية.
وطبعا حكام ايران لديهم ضوء اخضر للاستمرار في بيع ونقل الغاز والنفط حتى آخر الأيام المتبقية.
آلبسر برت نائب رئيس شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية قال يوم الأحد ٢٧ يناير بأنه يجب على العراق تقليص اعتماده على الاقتصاد الإيراني المنهار وأيضا من نفوذ اقتصاد طهران عليه.
هذا فقط جانب واحد من الوضع الاقتصادي للحكومات التي تسعى من خلال التهديد والرشوة لحفظ تقدم سياساتها واستراتيجيتها. ولكن يجب التذكير بأن شعبية إيران بين الشيعة العراقيين قد انخفضت خلال الاعوام الثلاثة الماضية من ٢٠١٤ حتى ٢٠١٨ بشكل حقيقي.
وعلى سبيل المثال فإن عدد العراقيين الشيعة المؤيدين لإيران انخفض من ٧١ % إلى ٤٣ % وارتفعت نسبة الأشخاص الذين لا يثقون بدكتاتورية إيران من ٢٤% إلى ٥٥%.
وبالإضافة لذلك ارتقى عدد الأشخاص الذين يعتبرون إيران تهديدا على الحكومة الوطنية العراقية من ٢٥% إلى ٥٨% في عام ٢٠١٨.
الدعم الإيراني المستمر للحكومات العراقية الفاسدة بعد عام ٢٠٠٦ وخاصة حكومة نوري المالكي العميلة لم يكن بلا تأثير أيضا في هذا المجال.
علاوة على أن التدخل في السياسة الداخلية العراقية وأيضا تشكيل وتنظيم المليشيات الشيعية المرتبطة بإيران لها دور مؤثر بالنسبة لنظام ولاية الفقيه. 
وكان هناك قسم من الاحتجاجات في جنوب البصرة في صيف هذا العام عبر عن معارضته لتدخلات إيران.
“التدخل” استراتيجية:
على مدى العقود الأربعة الماضية، وضع هذا النظام المتأزم مجموعة من التكتيكات المختلفة للحرب السياسية من أجل الحفاظ على بقائه وسنشير لبعض منها:
● استخدام المليشيات المستأجرة والمرتزقة من أجل التدخل في السياسة المحلية بما يخدم مصالح الحكومة الدينية.
● استخدام النفوذ الاقتصادي كأداة سياسية.
● إثارة الحروب النفسية ونشر الأيدلوجية المسماة بالإسلامية من خلال وسائل الإعلام الوطنية، و NGO، والمجوعات المحلية المأجورة.
● الدبلوماسية الدينية والثقافية واستخدام الدين لخدمة أهدافه.
وفي الحقيقة استيلاء إيران على الحرب السياسية هو بسبب ضعفها التاريخي وجميع جوانبها الأصولية والمتطرفة. لأنه خلال ٤٠ عاما مضى لم يستطع النظام تثبيت حكمه بشكل متناسب مع تقدم المجتمعات البشرية وكان لابد من استخدام وإيواء التكتيكات الرجعية.
فولاية الفقيه رغم دعمها لمجموعات مرتزقة لها مثل حزب الله والمليشيات الشيعية العراقية في العراق تعتبر الحرب السياسية قدرة غير عسكرية غير متماثلة ويجب استخدامها ضد النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري الأمريكي. 
علي رضا زاكاني برلماني سابق من الجناح المحافظ ادعى أيضا في سبتمبر ٢٠١٤ قبل سقوط صنعاء بيد المتمردين الحوثيين بأن هناك ٣ عواصم عربية اليوم تحت سيطرة إيران وتنتمي للثورة الإسلامية وعبر عن تمنياته بأن تكون صنعاء رابع تلك العواصم. زاكاني أشار لدمشق وبغداد وبيروت.
كما أن علم الهدى عضو مجلس الخبراء وممثل خامنئي في مشهد أكد: “اليوم ليس الأمر بأن أرض العراق والشام وساحل البحر الأبيض المتوسط هي نقطة خارج هذا البلد وخارج هذه الحدود، فالجبهة الإسلامية (اقرأوا حدود نظام الملالي) تم تشكيلها هناك”.
كما أن الاعترافات الواضحة لكبار مسؤولي خامنئي في القوات المسلحة للنظام الإيراني تظهر بوضوح أنه طالما أن هذا النظام على الحكم فإنه سيستمر في تدخلاته في جميع أنحاء المنطقة ومن بينها سورية والعراق واليمن ولبنان والبحرين. 
والأمر الضروري جدا هو وضع قوات الحرس وبقية ذيوله وأتباعه على قوائم الإرهاب وقطع يد هذا النظام وقوات حرسه في المنطقة.
وبناءا على تجربة ٤٠ عاما من حكم الملالي المليئ بالجرائم والفساد فإن هؤلاء لايفقهون إلا لغة القوة والشعب والمقاومة الإيرانية يرفضون هذا النظام بشكل تام وقطعي ويطالبون بإسقاطه.
والإيرانييون المقيمون في أوروبا سوف ينادون بمطالبهم في مظاهرات باريس يوم الجمعة ٨ فبراير كممثلين عن جميع أبناء الشعب الإيراني.
والسيدة مريم رجوي كحل لإيران الحرة غدا دونت مطالب الشعب والمقاومة الإيرانية خلال 8 مواد.
*كاتبة إيرانية

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…