نقطة ضوء حول الدور الروسي في الازمة السورية .

بهزاد قاسم
تعتبر روسيا القوة الاخرى بعد الولايات المتحدة الامريكية و التي تؤثر على السياسة و الاحداث و المجريات التي تحدث في العالم و خاصة منطقة الشرق الاوسط و التي تعتبر من اهم المناطق الحيوية و الاستراتيجية المؤثرة على روسيا بالنظر لقربها من الحدود الروسية و التي تؤثر مباشرةً على الامن القومي الروسي ما عدا الاقتصادي و السياسي و العسكري و كل المجالات .
لقد كانت كوردستان باجزائها منذ القديم محل اهتمام الامبراطورية الروسية قبل ثورة اكتوبر الشيوعية التي اطاحت بالنظام القيصري في روسيا و اعادت روسيا مئات السنين  الى الوراء . 
لذا كانت اليوم روسيا الرأسمالية بقيادة القيصر الجديد بوتين حاضراً و مؤثراً في كل الاحداث التي تجري في منطقة الشرق الاوسط في سوريا و العراق خاصةً و التي فيهما اجزاء من كوردستان ايضاً، لأن الروس لا يمكن أن يتنازلوا عن مصالحهم في الشرق و خاصة في اجزاء كوردستان   و التي تعتبر ملاصقة لحدودها الجنوبية و تاريخياً هذه المنطقة كانت ضمن منطقة النفوذ الروسي . لذا على الحركة التحررية الكوردية أن تدرك أهميتها و موقعها  بالنسبة لاستراتيجية روسيا المستقبلية .
ان موقف الحكومة الروسية من الازمة السورية منذ بدايتها موقف استراتيجي تهدف الى عودة سلطة روسيا السيادية محلياً و اقليمياً و دولياً بصفتها قوة عظمى و لا بد من حماية مصالحها بالوصول الى المياه الدافئة و سوريا باعتبارها في قلب الشرق الاوسط لا بد أن يكون لها الدور الفاعل لذا دخلت روسيا بقوة و بفاعلية في الازمة السورية و تعد الان أكثر الدول تأثيراً و فاعليةً على مجريات الاحداث في الازمة السورية و قد استطاعت فرض خيارات كثيرة و تغيير مجريات الاحداث و يبدو هناك توافق بين الولايات المتحدة الامريكية و روسيا حول توكيل مهمة ادارة معظم ملف الازمة السورية الى روسيا .
و بالنظر الى الاستراتيجية التي اتبعها روسيا بعد دخولها في اللعبة السورية عملت على دفع جميع الاطراف المتصارعة على الارض السورية ، الدوليين منهم و الاقليميين و المحليين ، للقبول بالطرف الروسي كطرف ضامن و طرف رئيسي ضمن جميع الاتفاقات . 
كما عملت روسيا ضمن استراتيجيتها في سوريا  الضغط على جميع الاطراف الفاعلة على الارض السورية من أجل خفض سقوف مطالبها السياسية و توقعاتها المستقبلية ، و بما أن الكورد و الحركة السياسية الكوردية في سوريا المتمثلة فقط بالمجلس الوطني الكوردي ، لان الطرف الاخر المتمثل بمنظومة ال ب ي د تعارض و تعادي مشروع الدولة القومية الكوردية ، و رموا الدولة القومية الكوردية في سلة الزبالة باعترافهم و ليس اتهاماً لهم و تخلوا عن المشروع القومي و يتهمون كل من ينادي به بالتخلف و الخيانة و يعملون على تصفيته ليس فقط سياسياً بل جسدياً ايضاً  ، و يخرجون بين كل فترة بمطالب و شعارت طنانة طوباوية غير قابلة للتنفيذ كالامة الديمقراطية و اخوة الشعوب تشتت الاهتمام الدولي بالقضية الكوردية .
كما ذكرت الحركة الكوردية المتمثلة بالمجلس الوطني الكوردي كان سقف مطالبها منذ بداية الازمة السورية دون مستوى مطالب الشعب الكوردي باعتباره كشعب اصيل يعيش على ارضه التاريخية ( الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا ) هذا الجزء الذي ضم الى دولة سوريا المصطنعة بعد الحرب العالمية الاولى و بموجب اتفاقات دولية التي أعادت تقسيم التركة العثمانية هذا الجزء التي تشمل كل الشمال و الشمال الشرقي لسوريا ، كما أن الكورد يمثلون على مستوى سوريا ثاني أكبر مجموعة عرقية بعد العرب و عددهم اكثر من خمسة ملايين نسمة ، ففي الاجتماع الاخير للمجلس الوطني الكوردي مع وزارة الخارجية الروسية طالب المجلس موسكو الى ضمان حقوق الكورد في الدستور السوري كأي مكون ديني أو عرقي أو طائفي من المكونات التي تعيش في سوريا ، لا كشعب يعيش على أرضه التاريخية . و توضحت ذلك بكل وضوح في مقررات مؤتمر رياض (2) . 
اعتقد على المجلس الوطني الكوردي باعتباره ممثلاً للشعب الكوردي أن يضع موسكو و كل دول أصحاب القرار في الازمة السورية أمام مسئولياتها تجاه القضية الكوردية هذا الشعب الذي تعرض للغبن و الحرمان من ابسط حقوقه خلال مئة سنة مضت نتيجة ضم أرضه الى سوريا و لا يمكن ان يكون هناك نفس المقدمات بنتائج مختلفة لذا لا بد أن يكون هناك علاقة جديدة تربط غرب كوردستان ( كوردستان سوريا ) مع سوريا أو الانفصال عنها بإحسان . 
أم هل سيلدغ الكورد من الجحر نفسه مرةً أخرى ؟؟!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…