صالح بوزان
أعتقد أن ما قاله السيد يوسف فيصل في مقابلته مع موقع كلنا شركاء بتاريخ 18 تموز 2007 حول موقفه من القضية الكردية في سوريا يستحق التأمل والتحليل، بعيداً عن التشنج وردود الفعل المباشرة.
ومرد ذلك حسب زعمي أن يوسف فيصل شخصية سياسية سورية كبيرة، ويعتبر القائد الشيوعي رقم واحد اليوم بعد وفاة خالد بكداش.
زد على ذلك أن هذا التصريح قد يخلق قلقاً لدى أعضاء هذا الحزب وجماهيره أكثر مما سيخلق عند الأكراد، لأنه يتناقض مع ما جاء في وثائقه.
ومرد ذلك حسب زعمي أن يوسف فيصل شخصية سياسية سورية كبيرة، ويعتبر القائد الشيوعي رقم واحد اليوم بعد وفاة خالد بكداش.
زد على ذلك أن هذا التصريح قد يخلق قلقاً لدى أعضاء هذا الحزب وجماهيره أكثر مما سيخلق عند الأكراد، لأنه يتناقض مع ما جاء في وثائقه.
ومن ناحية أخرى فإننا أمام ظاهرة عجيبة لدى بعض القادة الشيوعيين السوريين، وهي عدم التزام بوثائق حزبهم، عندما يقفون أمام الميكرفونات، أو في المقابلات الصحفية والتلفزيونية بين حين وآخر.
ولا تتوقف هذه الظاهرة عند يوسف فيصل فقط، بل كذلك وجدناها عند السيد رياض الترك وغيريهما، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالقضية الكردية.
ولكي أضع القارئ في صلب الموضوع الذي أتناوله، سأورد حرفياً ما قاله السيد يوسف فيصل، كما نشر موقع كلنا شركا الالكتروني على لسانه، حيث قال:( نحن لا نرى أن هناك قضية قومية كردية في سورية بمعنى حق تقرير المصير، لأن هناك حديثاً عند الأكراد” أن هناك شعباً كردياً في سورية وشعب عربي”.
برأينا هناك جماهير شعبية عامة..
هناك مواطنون سوريون..
كلهم سوريون ونحن نعتبر بأن هناك قضية كردية بمعنى الحقوق الإنسانية، كقضية الإحصاء وبعض القوانين في تسجيل المواليد الجدد وغير ذلك..
نحن ننظر إلى الأكراد كمواطنين سوريين).
أن من يتتبع تاريخ الحزب الشيوعي السوري، من خلال الوثائق والنشرات منذ تأسيسه عام 1924 وحتى تاريخ اليوم، لا يستغرب هذا التصريح ليوسف فيصل بعدم الاعتراف بوجود شعب كردي في سوريا.
فالحزب الشيوعي السوري لم يقر بحقوق الكرد الثقافية في وثائقه إلا في الثمانينات، أي بعد أكثر من نصف قرن من تأسيسه.
كما أنه تجاهل إحصاء 1962 لربع قرن من الزمن.
لكن ما دفعني إلى كتابة هذه المقالة ليس الرد على تصريح يوسف فيصل، فهو يملك الحق الكامل للتعبير عن قناعاته.
لكن هذا التصريح جاء متناقضاً تناقضاً صارخاً مع وثائق حزبه.
وهذا الأمر بالذات يستدعي الوقوف عنده.
لأننا نقع في حيرة من سياسة هذا الحزب.
بمعنى هل سياسة هذا الحزب مجسدة في وثائق مؤتمراته، أم في أقوال رئيسه(لقد أصبح يوسف فيصل رئس الحزب بعد المؤتمر العاشر)؟ وهل ما كان يقال أثناء الخلافات الداخلية للحزب الشيوعي السوري منذ الستينيات من أن الحزب هو الأمين العام، تنظيمياً وفكرياً وسياسياً؟، وبالتالي فالوثائق والمؤتمرات مسائل هامشية؟
لا شك أن أعضاء هذا الحزب هم القادرون للإجابة على هذه الأسئلة.
لكنني سأورد هنا ما تقوله وثائق هذا الحزب بالذات.
ففي تقرير المؤتمر العاشر، وفي فقرة الوضع الداخلي جاء حرفياً ما يلي: ((..
وكما نعلم توجد في البلاد عدة أحزاب تنشط في أوساط الشعب الكردي “الخط من قبلي” وهي معظمها قوى وطنية تتمسك بوحدة البلاد، وتناضل من أجل إلغاء إحصاء عام 1962 ومن أجل حقوق المواطنة الكاملة، وضمان الحقوق الثقافية لأبناء الشعب الكردي“الخط من قبلي”).
1
خلال مراجعتي لكل وثائق الحزب الشيوعي السوري، لم أجد تعبيراً واضحاً من قبل الحزب الشيوعي السوري تجاه القضية الكردية في سوريا، كما هو وارد في النص السابق.
بل لم يتجرأ أي فصيل من الفصائل الشيوعية السورية الأخرى الاعتراف بوجود شعب كردي في سوريا، لا في الوثائق ولا في التصريحات، باستثناء ما ورد في الوثائق الأولى لرابطة العمل الشيوعي حول حق تقرير المصير.
وبعد قراءتي لهذه الوثيقة تكون لدي اعتقاد أن هذا الفصيل الشيوعي قد وضع القضية الكردية السورية في مسارها الصحيح، بغض النظر عن حدود مطالب الأكراد.
والأهم من ذلك كله أن هذه الخطوة قد وضعت جميع الأحزاب السورية أمام مسؤولياتها، من أجل تغيير ذهنية الإقصاء التي تتحصن فيها، بما في ذلك حزب البعث.
خصوصاً أن هذه الوثيقة قد أقرت في مؤتمر علني وبحضور حزب البعث الحاكم، زد على ذلك أن فصيل يوسف فيصل عضو في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية التي هي “أعلى سلطة في البلاد”، كما يقول يوصف فيصل في تصريحه السابق الذكر.
بمعنى آخر أن أعلى سلطة في البلاد لم تحتج على هذا الاعتراف بوجود شعب كردي سوري ويعيش على أرضه.
بل لم يطلب منه حذف هذه الفقرة كما حدث في السابق.
وهناك مواقف أخرى جريئة لهذا الفصيل تجاه القضية الكردية في سوريا.
ففي المؤتمر السابع التوحيدي (بين فصيل يوسف فيصل وفصيل مراد يوسف) في تشرين الأول عام 1991، أشار تقرير هذا المؤتمر إلى عدم قبول الحزب بممارسات التميز على أساس الاثني والقومي في سوريا: (( ومن هذا المنطلق فإن التدابير المتخذة في الستينيات بحجب حق المواطنة من آلاف المواطنين الأكراد في الجزيرة”المقصود إحصاء 1962-التوضيح مني “ الذين هم أبناء البلد حقاً” الخط من قبلي”، يجب أن تحل حلاً عادلاً لكي يستطيع هؤلاء المواطنون أن يعيشوا بهدوء وأمان في أرضهم ووطنهم“الخط من قبلي”، مثلهم مثل كل أبناء الوطن).
2
في هذه الوثيقة نجد أن هذا الفصيل يعترف بأن الإحصاء كان عملاً موجهاً ضد المواطنين الأكراد حصراً، كما تقوله كل الأحزاب الكردية.
والأهم من ذلك فإن هذا الفصيل يعترف في وثيقته هذه أن الأكراد يعيشون على أرضهم بما في ذلك أولئك الذين جُردوا من الجنسية، وأنهم ليسوا لاجئين كما ادعى محمد طلب هلال، ومن سبقه من البعثيين ومن لحقه.
في الختام، لا أريد التوسع في هذا المجال أكثر، لأن الفصائل الشيوعية السورية كلها غير مؤثرة على السياسة الرسمية لحزب البعث.
وإذا استثنينا تلك التي في المعارضة، فإن الفصائل الشيوعية الرسمية والشبه الرسمية تعكس سياسة حزب البعث تجاه الأكراد من الناحية العملية، وهي تلتزم بذلك سواء برضى بعض قادتها أو نتيجة الهيمنة السياسية لحزب البعث على هذه الفصائل، وتهديده لها بالعقوبة إذا خرجت عما يرسمه البعث للأكراد، كما حدث للفصيلين الرسميين؛ فصيل خالد بكداش وفصيل يوسف فيصل في التسعينيات من القرن الماضي.
ولكن ما يتمناه الشعب الكردي السوري من هذه الفصائل كلها، هو الالتزام بوثائقها على أقل تقدير( وليكن ذلك أضعف الإيمان في الماركسية).
إن تصريح يوسف فيصل الذي نحن يصدده، يجعل هذا الحزب، وكأنه لا يحترم وثائقه، هذه الوثائق التي أقرها مندوبون منتخبون من القاعدة الحزبية، ولعل أعضاء هذا الحزب، ولا سيما القياديين منهم، يدركون جيداً ماذا يعني عدم الالتزام بوثائق المؤتمرات، وماذا قال لينين عن أولئك الذين يخرقون سياسة الحزب المقرة في مؤتمراته.
لا بد لقادة هذا الفصيل الشيوعي أن يحددوا مرجعية سياسة حزبهم تجاه القضية الكردية السورية؛ هل هي كما صرح يوسف فيصل لموقع كلنا شركاء الالكتروني، أم هي وثائق المؤتمر العاشر الأخير المنعقد في عام 2006..؟.
ـــــــــــــــــــــــ
1- وثائق المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي السوري-دمشق 18-21 نيسان 2003 صفحة 65.
ولا تتوقف هذه الظاهرة عند يوسف فيصل فقط، بل كذلك وجدناها عند السيد رياض الترك وغيريهما، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالقضية الكردية.
ولكي أضع القارئ في صلب الموضوع الذي أتناوله، سأورد حرفياً ما قاله السيد يوسف فيصل، كما نشر موقع كلنا شركا الالكتروني على لسانه، حيث قال:( نحن لا نرى أن هناك قضية قومية كردية في سورية بمعنى حق تقرير المصير، لأن هناك حديثاً عند الأكراد” أن هناك شعباً كردياً في سورية وشعب عربي”.
برأينا هناك جماهير شعبية عامة..
هناك مواطنون سوريون..
كلهم سوريون ونحن نعتبر بأن هناك قضية كردية بمعنى الحقوق الإنسانية، كقضية الإحصاء وبعض القوانين في تسجيل المواليد الجدد وغير ذلك..
نحن ننظر إلى الأكراد كمواطنين سوريين).
أن من يتتبع تاريخ الحزب الشيوعي السوري، من خلال الوثائق والنشرات منذ تأسيسه عام 1924 وحتى تاريخ اليوم، لا يستغرب هذا التصريح ليوسف فيصل بعدم الاعتراف بوجود شعب كردي في سوريا.
فالحزب الشيوعي السوري لم يقر بحقوق الكرد الثقافية في وثائقه إلا في الثمانينات، أي بعد أكثر من نصف قرن من تأسيسه.
كما أنه تجاهل إحصاء 1962 لربع قرن من الزمن.
لكن ما دفعني إلى كتابة هذه المقالة ليس الرد على تصريح يوسف فيصل، فهو يملك الحق الكامل للتعبير عن قناعاته.
لكن هذا التصريح جاء متناقضاً تناقضاً صارخاً مع وثائق حزبه.
وهذا الأمر بالذات يستدعي الوقوف عنده.
لأننا نقع في حيرة من سياسة هذا الحزب.
بمعنى هل سياسة هذا الحزب مجسدة في وثائق مؤتمراته، أم في أقوال رئيسه(لقد أصبح يوسف فيصل رئس الحزب بعد المؤتمر العاشر)؟ وهل ما كان يقال أثناء الخلافات الداخلية للحزب الشيوعي السوري منذ الستينيات من أن الحزب هو الأمين العام، تنظيمياً وفكرياً وسياسياً؟، وبالتالي فالوثائق والمؤتمرات مسائل هامشية؟
لا شك أن أعضاء هذا الحزب هم القادرون للإجابة على هذه الأسئلة.
لكنني سأورد هنا ما تقوله وثائق هذا الحزب بالذات.
ففي تقرير المؤتمر العاشر، وفي فقرة الوضع الداخلي جاء حرفياً ما يلي: ((..
وكما نعلم توجد في البلاد عدة أحزاب تنشط في أوساط الشعب الكردي “الخط من قبلي” وهي معظمها قوى وطنية تتمسك بوحدة البلاد، وتناضل من أجل إلغاء إحصاء عام 1962 ومن أجل حقوق المواطنة الكاملة، وضمان الحقوق الثقافية لأبناء الشعب الكردي“الخط من قبلي”).
1
خلال مراجعتي لكل وثائق الحزب الشيوعي السوري، لم أجد تعبيراً واضحاً من قبل الحزب الشيوعي السوري تجاه القضية الكردية في سوريا، كما هو وارد في النص السابق.
بل لم يتجرأ أي فصيل من الفصائل الشيوعية السورية الأخرى الاعتراف بوجود شعب كردي في سوريا، لا في الوثائق ولا في التصريحات، باستثناء ما ورد في الوثائق الأولى لرابطة العمل الشيوعي حول حق تقرير المصير.
وبعد قراءتي لهذه الوثيقة تكون لدي اعتقاد أن هذا الفصيل الشيوعي قد وضع القضية الكردية السورية في مسارها الصحيح، بغض النظر عن حدود مطالب الأكراد.
والأهم من ذلك كله أن هذه الخطوة قد وضعت جميع الأحزاب السورية أمام مسؤولياتها، من أجل تغيير ذهنية الإقصاء التي تتحصن فيها، بما في ذلك حزب البعث.
خصوصاً أن هذه الوثيقة قد أقرت في مؤتمر علني وبحضور حزب البعث الحاكم، زد على ذلك أن فصيل يوسف فيصل عضو في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية التي هي “أعلى سلطة في البلاد”، كما يقول يوصف فيصل في تصريحه السابق الذكر.
بمعنى آخر أن أعلى سلطة في البلاد لم تحتج على هذا الاعتراف بوجود شعب كردي سوري ويعيش على أرضه.
بل لم يطلب منه حذف هذه الفقرة كما حدث في السابق.
وهناك مواقف أخرى جريئة لهذا الفصيل تجاه القضية الكردية في سوريا.
ففي المؤتمر السابع التوحيدي (بين فصيل يوسف فيصل وفصيل مراد يوسف) في تشرين الأول عام 1991، أشار تقرير هذا المؤتمر إلى عدم قبول الحزب بممارسات التميز على أساس الاثني والقومي في سوريا: (( ومن هذا المنطلق فإن التدابير المتخذة في الستينيات بحجب حق المواطنة من آلاف المواطنين الأكراد في الجزيرة”المقصود إحصاء 1962-التوضيح مني “ الذين هم أبناء البلد حقاً” الخط من قبلي”، يجب أن تحل حلاً عادلاً لكي يستطيع هؤلاء المواطنون أن يعيشوا بهدوء وأمان في أرضهم ووطنهم“الخط من قبلي”، مثلهم مثل كل أبناء الوطن).
2
في هذه الوثيقة نجد أن هذا الفصيل يعترف بأن الإحصاء كان عملاً موجهاً ضد المواطنين الأكراد حصراً، كما تقوله كل الأحزاب الكردية.
والأهم من ذلك فإن هذا الفصيل يعترف في وثيقته هذه أن الأكراد يعيشون على أرضهم بما في ذلك أولئك الذين جُردوا من الجنسية، وأنهم ليسوا لاجئين كما ادعى محمد طلب هلال، ومن سبقه من البعثيين ومن لحقه.
في الختام، لا أريد التوسع في هذا المجال أكثر، لأن الفصائل الشيوعية السورية كلها غير مؤثرة على السياسة الرسمية لحزب البعث.
وإذا استثنينا تلك التي في المعارضة، فإن الفصائل الشيوعية الرسمية والشبه الرسمية تعكس سياسة حزب البعث تجاه الأكراد من الناحية العملية، وهي تلتزم بذلك سواء برضى بعض قادتها أو نتيجة الهيمنة السياسية لحزب البعث على هذه الفصائل، وتهديده لها بالعقوبة إذا خرجت عما يرسمه البعث للأكراد، كما حدث للفصيلين الرسميين؛ فصيل خالد بكداش وفصيل يوسف فيصل في التسعينيات من القرن الماضي.
ولكن ما يتمناه الشعب الكردي السوري من هذه الفصائل كلها، هو الالتزام بوثائقها على أقل تقدير( وليكن ذلك أضعف الإيمان في الماركسية).
إن تصريح يوسف فيصل الذي نحن يصدده، يجعل هذا الحزب، وكأنه لا يحترم وثائقه، هذه الوثائق التي أقرها مندوبون منتخبون من القاعدة الحزبية، ولعل أعضاء هذا الحزب، ولا سيما القياديين منهم، يدركون جيداً ماذا يعني عدم الالتزام بوثائق المؤتمرات، وماذا قال لينين عن أولئك الذين يخرقون سياسة الحزب المقرة في مؤتمراته.
لا بد لقادة هذا الفصيل الشيوعي أن يحددوا مرجعية سياسة حزبهم تجاه القضية الكردية السورية؛ هل هي كما صرح يوسف فيصل لموقع كلنا شركاء الالكتروني، أم هي وثائق المؤتمر العاشر الأخير المنعقد في عام 2006..؟.
ـــــــــــــــــــــــ
1- وثائق المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي السوري-دمشق 18-21 نيسان 2003 صفحة 65.
2- وثائق المؤتمر السابع الموحد للحزب الشيوعي السوري.
الكتاب الأول- دمشق 1991، صفحة59-60.
الكتاب الأول- دمشق 1991، صفحة59-60.