وليد حاج عبدالقادر / دبي
مع تباشير تقسيم كوردستان وفق خرائط سايكس بيكو التي ترافقت مع الزحف الإستعماري – الإنتدابي نحوها، ومن ثم خلق بؤر الجيوب والتداخلات – والتي – بدورها ارتكزت أصلا على معطيات راسخة كانت في الأرض، ولكنهم استولدوا فيها جينة القطع واللصق ولتصبح كوردستان اشبه بتفاحة اضحت كالدريئة التي قصقصت وبترت بطريقة غير ناجعة وطنا تأشكلت على أرضيتها شعبا بأرض قسمت الى اربعة اجزاء والصقت بأربعة أصقاع كل جزء أضحى ساحة سجال ونضال ومن جديد لشعب لم يستكن مطلقا ولم تخمد له ثورة الا وقد انتجت ثورة اخرى، وهنا، وبعيدا عن السرديات الكلاسيكية، فمع كل خطوة كانت ترتقيها نضالات هذا الشعب، كان يوازيه بالمقابل ابتكارات مستجدة للأنظمة الغاصبة إن في اختراع آليات قمع الثورات أو في السعي الممنهج وبمتوالية الفهم السايكولوجي لطبيعة هذا الشعب كإرث تأريخي، إن في آلية نشوئه وارتقائه وبالتالي تقمصه لنزعة التضاد الأزلي سواء في ثنائية الموت والحياة او الخير والشر،
فكان دائما مبدأ – يدة الفأس هي من جذعها الشجرة – والجذع برأسه اختلفت طرائق تفعيله إن في حروب بينية مدمرة او حرائق مهدرجة تتدرجت في ثنايا الآيديولوجيات العابرة لفناء التنازلات وطرح تصورات ذهنية – هامشية وبغلاف هيدروجيني غامض لا ترتقي مطلقا إلى سوية مطالب شعب او قضية وطن – نزعم -، لابل أن ذلك الوطن بحد ذاته أصبح مفردة واسمه كما آلية نطقه مجرد حالة شاعرية أكثر منه قضية وطن يفترض فيه أن يتجلى بأرقى قيم الانتماء ونبالة التضحيات، ومن جديد، وكحالة اختزالية هنا، وبعيدا عن الشمولية التي أعني بها جغرافية كوردستان ككل، وفي العودة الى واقع كوردستان سوريا كأنموذج ومنذ انطلاقة الحركة السياسية فيها، والتي هي بحد ذاتها يتم بشكل ممنهج تجاهل ماض طويل من العمل السياسي الذي بدء على أنقاض لوزان وترتيبات، او تكييف الحدود بين تركيا الصاعدة وفرنسا المنتدبة ومن ثم مؤتمر بحمدون في متصرفية لبنان 1929 وتأسيس منظمة خويبون الكوردستانية وما تلاها من محاولات فرنسا والحكومة التي عينتها ولقائها مع ممثلي المنطقة الكوردية وبالتالي تسلمها مذكرة موقعة من 101 شخصية برئاسة حاجو آغا المطالبة حينها بالحكم الذاتي ورفض الانضمام إلى دويلة الفرات، ومن ثم الارتقاء صعودا إلى مراحل أرقى في بنية الدولة السورية المتأشكلة ومحاولات احتواء المتنوع ضمن صياغة بدت او كانت ستبدو الركيزة لبناء دولة وطنية لا قطرية او مملوكة بمسمى قوموي واحد أوحد، تلك الرؤية التي تمادت وانعكست وعيا ممنهجا وتبرمجت في صيغ حزب تشتت إلى أحزاب، وكل حزب إلى فهرس المصطلحات وكل مصطلح أدى إلى خواء فارغ شئنا أم أبينا ، فقط الأمر الوحيد الذي أنجز ببراعة أصبح هو فكرة ترسيخ ظاهرة الإنشقاقات واصبح كل انشقاق يمهد الطريق الى آخر. شيئان ما استطاعت ماكينة أجهزة النظم المتتابعة إن في العراق أو سوريا من محوها في الذاكرة الجمعية الكوردية المؤطرة ومن ورائها ضغط واستبداد كل الأحزاب القومية العربية وخاصة في حقبة جمال عبدالناصر الذي سعى من خلال أجهزته الأمنية تحريف أنظار قضية جزئي كوردستان العراقية والسورية وتحويل كل انشطتهما وإمكاناتهما صوب تركيا، وكلنا يتذكر طروحات عبدالحميد السراج ومنظري البعث وكتابها وكذلك المناهج الموضوعة ناهيك عن الأيادي التي سعت وركزت على قصقصة القضية واختزالها في حقوق لغوية وهوية عربية سورية وما شابه ذلك ، هذه الخطة التي لاتزال تؤتى ثمارها ولتعاد من جديد وتطرح من خلال مفاهيم الهجرة من الشمال إلى الجنوب او العكس، ولتتمنهج – بكل أسف – برداء إيديولوجي باهت إن في امميات بروليتارية او ديمقراطيات شعوبية مفرغة تماما من مدلولاتها ، هذه الشعارات التي يكممها مطلقوها على أرض الواقع قمعا وممارسة، ولتنكشف منذ بداياتها على أن المستهدف بها هو التوجه القومي الكوردي في سوريا ليس إلا، وهنا وباختصار، لقد لعبت هذه التوجهات ومن خلال الأيادي العميقة التي تحركها إلى إيصال واقع الحال المتأزم بنيويا في نطاق الحركة الحزبية ان جاز لنا تسميتها بالكوردية ، واصبحت القوة المهيمنة اكثر من حجر رحى تبعثر لا المواقف بقدر ماتنثر كل النضالات أدراج الرياح مستندة بالدرجة الأولى وبتقصد تام لأداء مهمة أساسية لها والمتمثلة بتسفيه القضية القومية وتعويمها في بوتقة اتجاهات الهدف الرئيس منها هي العودة بالقهقرى إلى أسلوب التخلي عن الجزء الأصغر، لابل جعلها الضحية الأساس في اللعبة الممارسة، ومن هنا كان في الأساس جوهر الصراع بين من يضحي بكل شيء هنا وكمزرعة خلفية له وأدوات هنا تسخر ما تستطيع في سبيل ذلك، وبالمحصلة سنكون أمام النتيجة الحقيقية والتي يستخلص منها تماما إن عدم الولوج الى عمق اﻷزمات الوضعية بينيا والتي نمت وأزمت اختلافا ذاتويا كما وآلية طرح قضية شعبنا الكوردي في سورية ضمن سياقها الطبيعي كقضية أرض وشعب ورسخت مبدأ الشرخ البنيوي داخل المجتمع الكوردي وسعت ، ولم تزل بشكل ممنهج وبغطاء مؤدلج في العبث بقضايا ومحاور رئيسية لمرتكزات العمل النضالي وبالتالي تقزيم الحقوق واﻷهداف الكوردية باجتزائها خارجيا مراضاة لﻷنظمة الغاصبة لكوردستان وإظهارها وكأنها مسألة هوية/ ثقافية، يقابلها التضخيم الفعلي للعمل النضالي كثمن جد غال من دماء ابناء وبنات هذا الشعب وبالترافق مع زيادة تسعير وهيجان الشارع الكوردي وذلك في ترسيخ مفاهيم مهرجانية، ﻻ ثقافة ذي ابعاد تنمي الوعي بالحقوق القومية والديمقراطية لهذا الشعب . وكل ذلك هو نتاج فعلي وانعكاس طبيعي لواحدة من اﻹستحقاقات المفروضة ﻻ المطلوبة كورديا فقط ، وطبيعي ان خلاف ذلك سينعكس نتائجها جمعا وإن بدأت تظهر وكأنها ستطيح ببهرجات العبث وفائض القوة المهدورة في غير استحقاقاتها . إن خارطة طريق حل القضية الكوردية هي في طﻻق بائن مع نزعات البعث وآل اﻷسد وفي خط مواز كمستقيمين بينهما كثير من الخﻻفات التي تمس جوهر القضية وطروحات كما ووثائق هيئة التنسيق الوطنية التي ﻻتزال تعيش رومانسية الهيمنة العروبية إرثا وكما فهما للجغرافيا بخرائطها وتكونها الوعيوي ، ومن المؤسف أن بعضا من كوردنا يصفقون لها كتجسيد أزلي لثقافة الخنوع واجتزاء ما تيسر، وعلى هديها خلط الحابل بالنابل وتعويم التراجعات الفظيعة كترجمة لتعهدات بينية عميقة أسست على أرض الواقع كل ما عجزت عنه نظم الفكر القومي – العروبي – استبدادا، وبشعارات عاجزة ان تفسر ذاتها ولذاتها ، وهنا ، قد يكون من المفيد ذكر النقاط التي تم انتزاعها وتوثيقها مع الائتلاف كخطوة أولية لم يتوائم العقل العربي بعد معها وتقبلها، إلا أنها – على الأقل – فتحت بعض الطاقات وأزاحت دوائر كما تخطت خطوط حمر كثيرة، والأيام ستكشف بوضوح على أنه بدل صرف الطاقات في فضاءات مفرغة واﻹنتظار هرولة في المكان لتعزيز سلطة واستبداد اﻵخرين: .. أو ليس الأجدر هو فتح لآفاق العﻻقة الكوردية / الكوردية، إن كنا فعلا كلنا كورد ولقضيتها الرئيسة نناضل ؟! .