أيها الإنسان الأمازيغكوردي

الأمازيغي: يوسف بويحيى
أقسم أني أرى البعض لا يفهم في التاريخ و السياسة و الدين إلا ما يفهمه الفخار في تجارة الحرير، كما لا أريد أن أفتح جروح البعض بجهله للأمور و مدى ضعف نظرته إلى القضايا و تقزيمها في بعض الأشيأء التي أكل عليها الدهر و شرب، كما أتمنى أن يصمت المرء عن الكلام و الكتابة عندما يكون جاهلا بأي موضوع، لأن معرفة نصف الحقيقة و الإدعاء لها بالكامل أخطر من الجهل ذاته.
لست ضد مثقفي “كوكل” لأنه جزء من المعرفة و البحث عليها، لكني ضد ثقافة النسخ و اللصق شكلا و مضمونا، فهل ياترى ليس للإنسان عقل يحلل به ما بين المنطق و اللامنطق؟! ، وما دور الواقع الملموس إن لم نتمعن فيه للتأكد من أسرار حركة التاريخ و منحاه.
كان تصريح السيد “عباس النوري” سخيفا جدا لا يستحق أبدا الإهتمام و الرد، لكن فوجئت أكثر بتفاهة بعض الردود من بعض الكورد، إذ أن أغلب الردود تحججت بأدلة ضعيفة، وأحسن هذه الردود في نظري تلك التي تفيض منها عاطفة حب القومية الكوردية بحسن النية و البراءة، وأخرى متشبعة بالتعصب الديني أكثر مما يلزم.
هنا لن أرد على “عباس النوري” لأنه أصغر بكثير للرد عليه، كما لن أرد على أي أحد لأن رأس الكوردي و الأمازيغي أقسى من الصخرة، فلو كنا أقوام نفهم بالكلمات لما وصل بنا الحال أن يحكمنا العملاء و الغرباء و الحثالات لمئات السنين بكل المسميات.
إن السياسة و حركتها التاريخية تنبني على القوة من أربع أساسيات أولها القومية و ثانيها الدين و ثالثها المال و رابعها العلم، ومن ينكر هذه الأشياء فعليه أن يعيد النظر في نفسه و رؤيته و قراءته لحركة التاريخ منذ الأزل و بالأحرى منذ ظهور الأديان و تعدد القوميات.
هنا سأسأل الأمازيغي ماذا إستفاد من إنتصارات “طارق بن زياد” في الأندلس و غيرها من أصقاع العالم؟!، الجواب لا شيء، بالمقابل إستفاد عرب بني أمية سياسيا و إقتصاديا و جغرافيا و بقي الأمازيغ بلا شيء، فلماذا لم يفكر “طارق بن زياد” كما فكر الأمويون بقوميتهم و تعصبهم للقومية العربية في نفس العصر (لا داعي للتبرير الوهمي) ، ونفس الشيء ينطبق على القائد “صلاح الدين الأيوبي” الذي أسس الدولة الأيوبية تحت راية العباسيين (العرب) حيث لم يكن للكورد فيها أي مكسب يذكر إلى حد الآن.
أقول أن كل من “طارق بن زياد” و “صلاح الدين الأيوبي” كان لديهم وعي مشوه تجاه قوميتهم الأمازيغية و الكوردية، بينما كان الأمويون و العباسيون قوميون عرب أكثر مما هم مسلمين، وخدم “طارق” و “صلاح” قناعاتهم الدينية معتبرين إياها الأساس، علما أن لا أحد منهما قال على نفسه انه كوردي و أمازيغي، في حين أن قبلهم تأسست الدولة الإسلامية على يد النبي “محمد” و سلمت كل السلط للعرب لا غيرهم، وبعدها الدولة الأموية التي صكت العملة و خطت الدواوين باللغة العربية و سلمت السلط و الإمارات إلى العرب لا غيرهم، بينما “صلاح” و “طارق” كانوا مجرد قوم تبع للعرب بالدين لا أقل و لا أكثر، وإستعملوا كجنود حرب لمصالح الغير مهما بلغ جاههما بعد كل الإنتصارات.
إن الدولة الإسلامية بقيادة النبي “محمد” و دولة الخلفاء و بعدها الدولة الأموية و العباسية و غيرها ثبتت وجود العرب في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و اروبا على باقي القوميات الأصلية، وإلى حد الآن مازال أغلبهم فيها يعيشون على خيرات الشعوب الأصلية المتبقية (الكورد، الأمازيغ…، ما يجعلني أجزم أن “الحجاج بن يوسف الثقفي” العربي كان أذكى من “طارق بن زياد” مليون مرة و “نورالدين زنكي” العربي أذكى مليون مرة من “صلاح الدين الأيوبي” ، لأن المسألة سياسية أكثر مما هي دينية.
إني أقول للأمازيغي إذا تريد أن تتقدم و تتحرر فدعك من “طارق بن زياد” و الإفتخار بالأندلس التي لم تكن من حقك و لا أرضك يوما، وعوضه سر على نهج الزعيم “مجمد بن عبد الكريم الخطابي” الأمازيغي الذي أسس الجمهورية الريفية الأمازيغية و جعل الإسبان و الفرنسيين و الأروبيين و العرب يركعون له، وأنت أيها الكوردي دعك من “صلاح الدين الأيوبي” و التباهي بتحرير القدس، وعوضه سر على نهج الزعيم “مصطفى البارزاني” الذي خدم القضية الكوردية في كل بقاع كوردستان الكبرى، وقاوم كل هجمات الإحتلال ليؤسس لشعبه دولة كالتي أسسها في “مهاباد” مع الرئيس الكوردي المجيد “قاضي محمد”.
ثم أذكر الجميع ان الزعيمين “الخطابي” و “البارزاني” كلاهما مسلمين كي لا يتهمني أحد بالحقد و الكفر و الإلحاد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

سعيد يوسف ظهر الدين الإسلامي بحسب المصادر التاريخية…في المنطقة الجغرافية التي تسمى الآن بشبه الجزيرة العربية. منذ البداية استعان المسلمون الاوائل بنسق من المفاهيم الفكرية المستمدة من أنساق دينية سابقة كان لها أتباع في الجغرافية المذكورة، أومن أنساق دينية أخرى أو مفاهيم أفرزتها الحياة الاجتماعية الجديدة كمفهومي الأنصار والمهاجرين والصحابة …ثم تمّ توظيفها توظيفاً براجماتياً في خدمة أهدافهم السياسية والاجتماعية…..

خالد بهلوي عاش الإنسان السوري سنوات طويلة في خوف ورعب؛ خوفًا من البراميل المتفجرة، والغرق في البحار أثناء الهجرة، والفقر والجوع، والخوف على مستقبل الأجيال المتعاقبة وتعليمهم. من الطبيعي أن تنتهي كل هذه العوامل مع نهاية حكم الطاغية بشار الأسد، الذي خلق الخوف والرعب لكل أسرة بنِسبٍ وأشكال مختلفة. بعد سقوط الأنظمة الاستبدادية في العديد من الدول، غالبًا ما…

صلاح بدرالدين الاكاديمي والثورة السورية حوار قصير بين وطني سوري وبسمة القضماني عندما شكلت جماعة – الاخوان المسلمين – ( المجلس الوطني السوري ) باستانبول بعد اندلاع الثورة السلمية العفوية الدفاعية بعدة اشهر عام ٢٠١١ ، وارادوا – تطعيمه – كعمل تكتيكي بحت برموز ليبرالية ، ويسارية ، والاحتفاظ بسلطة القرار ، والمفاصل الأساسية المالية ، والعسكرية…

«شهداء ثورة القرن»: عنوان الملف الذي نشرته مجلة العربي القديم في عدده الخاص، الذي صدر بمناسبة انتصار الثورة السورية ، وثقت فيه ابرز شهداء الثورة، وضمت القائمة الشهيدين مشعل التمو وحسين عيسو. فيما يلي ننشر رابط المجلة ورابط الشهيدين (مشعل التمو وحسين عيسو): رابط الشهيد حسين عيسو بقلم الكاتب حسين جلبي: Hisen_Iso رابط الشهيد مشعل التمو بقلم الكاتب محمد عبدالستار…