هدوء رهيب

الأمازيغي: يوسف بويحيى
برأيي أرى أن منطقة الشرق الأوسط بعد الجزء الأول لداعش مقبلة على تغيرات جيوسياسية جد كبيرة في الأشهر المقبلة، حيث أن مؤشرات الواقع توحي إلى أن هناك أمور مصيرية قادمة ستحدث هي الأخرى في كل من سوريا و العراق و إيران بوجه الخصوص.
كانت تصريحات واشنطن في سوريا بمطالبة جميع القوى الأجنبية بالخروج بإستثناء روسيا رسالة واضحة إلى أن التفاهم الأمريكي الروسي في طريقه الإيجابي حول حلحلة المسألة السورية، إضافة إلى أن أمريكا عبرت على عدم رفضها التخلي على الكورد مؤكدة بأن القوات الكوردية قوة سورية و من حقها أن تشارك في صياغة الدستور و تحديد مشروعها الذي تريد على أرضها، وهذه رسائل مباشرة إلى تركيا و إيران.
إن العقوبات الأمريكية على إيران جعلت هذه الأخيرة تلزم الصمت و شبه مختفية إعلاميا عكس ما كانت عليه قبلا، زيادة إلى أن إنكشاف اللعبة و مسرحية العداء الوهمي بين إسرائيل و إيران للجميع سيجبر كل من أمريكا و إسرائيل على إسقاط النظام الإيراني، كما تحركات الدول الأروبية تجاه إيران و داخلها يلمح إلى أن هناك قرارات جادة تجاه النظام الإيراني و ماض إلى هزة شعبية ضده مستقبلا.
إن تركيا بدورها تعيش أسوأ أيامها منذ تولي الإسلاميين الحكم، كما أنه غير مستبعد أن تندلع ثورة شعبية معارضة لسياسة “أردوغان” التي إحتكرت الأخضر و اليابس منذ توليه الرئاسة، خلالها حول تركيا من دولة ديموقراطية علمانية إلى دولة ديكتاتورية بإمتياز.
إن الضغوطات الأمريكية على إيران في هذه الأيام الماضية جعلت العراق يتنفس قليلا من الهواء شيئا ما، كما حجب الرؤية على العراقيين أصحاب الفتنة (المالكي،العبادي…)، وهذا واضح من خلال الحوار الجاد بين بغداد و هولير في السعي إلى حلحلة المشاكل الأساسية بين كوردستان و العراق، فما زيارة الرئيس “مسعود البارزاني” إلا خطوة في هذا الإتجاه مع أن للزيارة أهداف دولية ضمن التغيرات الجيوسياسية المذكورة المقبلة في العراق خاصة و المنطقة عامة.
كما أن رغبة الرئيس الأمريكي “ترامب” في زيارة العراق المرتقبة حسب التسريبات قرار غير عادي نهائيا، يحمل في طياته عدة أسرار غامضة، لكن توحي إلى أن هناك خطوات مصيرية متوقعة في العراق و النفوذ الإيراني فيه.
إن الهدوء الدولي خصوصا في هذه الأيام مؤشر إلى أن المرحلة منصبة في عقد الإجتماعات بين دول أروبا و أمريكا و روسيا صوب الوصول إلى حلول و تفاهمات ترضي الأطراف الكبرى، بالمقابل أن هذا الهدوء جعل أصحاب المنطقة في صمت و ترقب لما هو آت.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…