الخطاب الحكواتي في السياسة الكوردية

فرحان كلش 
دون أدنى شك قدّم الكورد السوريين تضحيات جسيمة في سبيل مطالبهم القومية والوطنية والديمقراطية، هذا في مختلف الأعراف يعني ضرورة مقابلة حجم التضحية بالمكسب السياسي وربما أخلاقياً على الأقل هذا أمر مفروغ منه، ولكن هل فعلاً تتجه الحالة السورية بهذا الإتجاه، أم إن هناك تطابق مع مقولة عن الثورة تقال إن الشجعان يشعلونها والشرفاء يقدمون التضحية والجبناء يحصدون نتائجها، ومعلوم إن شجعان الثورة السورية قد إنتهوا لأسباب مختلفة، وشرفاؤها فقدوا البوصلة بالعموم وجبناؤها يرسمون الغد وفق مصالحهم.
فهل يمكن إسقاط هذه المقولة على الكورد باعتبارهم دائماً ما كانوا شجعان الأحداث السورية على مر تاريخها، بل كانوا شرفائها، فمن الملاحظ أن تصاريح الساسة الكورد مغلفة بمجملها بالأمنيات والأحلام، ولا تستند إلى واقع الحال، وهذا يخلق شعوراً لدى الشارع بأنه فعلا هناك لا تطابق بين حسابي البيدر والسوق،
فهم منقسمون إلى أطرين ببعد دولي وكلاهما يستخدمهم كأوراق إعتماد سواء عسكرياً أم سياسياً، الأنكسيون حلفاء الكتلة المعارضة الرئيسية والأكبر، غارقون في تبرير تجاوزات حلفائهم تجاههم وتجاه الكورد بالمجمل، منسوب نضالهم يتناسب مع تحرك الحلفاء لأنهم باتوا ضلعاً من الإئتلاف ينتعشون بانتعاشه ويرقدون لرقدته، كما و يبنون سياستهم على إمكانية اسقاط النظام بيد حلفائهم وبالتالي انتقالهم إلى أن يكونوا جزء من الحكم في البلاد، وما يترتب على ذلك من مكاسب، وهذا التصور على المدى القريب على الأقل بات محل شك وخاصة وفق الآليات المتخيلة في بداية  الحدث السوري، وذلك بعد جملة تغيرات عسكرية وسياسية حدثت.
فيما الإطار الآخر المتعدد الأسماء، البراغماتي حد النخاع مع استثناء في الإتجاه  الكوردي، تائه في التأسيس لتحالفات لا تدوم، مع غموض واضح في فرصته بالبقاء حياً وقائماً في ظل تجبره الداخلي ضد بعده الكوردي المفترض، وفقدانه للإستقرار السياسي مع الخارج وتحوله إلى أداة تفريخ للشهداء في جغرافيات يعرف أنها لن تدوم له مطلقاً، وكل هذا بالتأكيد أعباء سياسية وأخلاقية ليس من السهل الإنفلات منها، وضمن هذا العبث القائم والممتد يستحضر السياسي الكوردي الحكواتية في خطابه، والياريتية ان (صح المصطلح) في بنية تحليله السياسي، ويبقى الكوردي السوري منتظراً فرجاً ما، ولذلك غالباً ماتتجه أنظاره إلى بعده الكوردستاني ليعوض جزء من خيبات سياسييه (رغم الإعتراف التام بتلازم الجزء والكل كوردستانياً وأهميته)، نعم يبدو فقدان الأمل أكثر استحضاراً في الوعي السياسي الكوردي في هذه اللحظة، فيما الأساس أن يبقى وجدانه متقداً بأن حلم الكوردي أقوى من ضعف رؤية سياسي، وأبعد من لحظة تطاير حلم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…